قوات الدفاع الشعبي والعسكري تنظم عددًا من الأنشطة والفعاليات    مصر تعلن عن إنجازًا جديدًا في محطة الضبعة النووية    الإثنين.. مجلس الشيوخ يناقش مد العمل بقانون إنهاء المنازعات الضريبية    غدًا.. قطع المياه عن قرى دلهانس وشنرا لتطهير خزان محطة بشرى ببني سويف    حسن عبدالله يشارك في اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين    فؤاد: مصر تولى اهتمامًا كبيرًا لحل مشكلة المخلفات الصلبة على مستوى المحافظات    حزب الله يستهدف دبابة إسرائيلية على أطراف مروحين    وزير الخارجية الأمريكي يدعو لتسوية الوضع في لبنان    الاتحاد الأوروبي: نسابق الزمن لتجنب توسع النزاع في لبنان    كان بوابة الرباعية.. ماذا فعل الأهلي الموسم الماضي عندما توج بالسوبر المصري؟    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بطريق أسيوط الغربي بالفيوم    اقبال على شباك تذاكر عروض اليوم الأول للدورة السابعة من مهرجان الجونة السينمائي    وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية يشهدان احتفال محافظة السويس بالعيد القومي    جامعة طنطا تنظم قافلة طبية مجانية بمقر المجمع الطبي بشبرا النملة.. غداً    أسعار البيض المستورد في منافذ وزارة التموين.. ضخ 10 آلاف طبق أسبوعيا    ضبط 11 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    رئيس جهاز الشروق يُعلن الانتهاء من رصف المرحلة الأولى للمحور الشرقي للمدينة    «غادرت دون أن أودعها».. راغب علامة ينعى شقيقته برسالة مؤثرة: «صديقتي وابنتي وأمي»    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد بدر بالسويس    مركز الأزهر العالمي للفتوى: الإخلاص في العمل يغير الإنسان والمجتمع    مصرع شاب صدمه قطار أثناء عبوره شريط السكة الحديد في بنها    تعاون بين «المجلس الصحي» و«العامة للاعتماد والرقابة» لتعزيز التطوير الأكاديمي والمهني    مصر ملتزمة باستمرار إدخال المساعدات الإنسانية لأهالي غزة رغم التعنت الإسرائيلي    استدراج وتهديد بسلاح ناري لإجبار مواطن على توقيع إيصال أمانة في الفيوم    خلال 24 ساعة.. تحرير 617 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    بث مباشر.. نقل شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين    ميناء دمياط يستقبل 38 سفينة حاويات وبضائع عامة    كيف أكدت كلمة الرئيس أهمية تعزيز الاستثمارات النسبية لدول بريكس    الدورة ال32 لمهرجان الموسيقى العربية بوابة رسائل ودعم النجوم لفلسطين ولبنان    بمشاركة 4 محافظين وشركاء التنمية.. وزيرتا البيئة والتنمية المحلية تترأسان لجنة تسيير البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة.. وزيرة البيئة: الدولة المصرية تولي اهتمامًا كبيرًا لحل هذه المشكلة    وزير المالية: نعمل على تعظيم عوائد الاستثمار فى مصر من خلال بيئة أعمال متوازنة وجاذبة وأكثر تنافسية    الإمارات.. سفينة تحمل 2000 طن مساعدات إغاثية تصل مرفأ بيروت    قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات واسعة شرق القدس المحتلة    10 قتلى من ضباط وجنود الاحتلال خلال 24 ساعة في جنوب لبنان    وفاة والدة الفنان أحمد عصام.. موعد ومكان الجنازة    محافظ أسيوط يشهد انطلاق مؤتمر اليوم الواحد الأدبي تحديات الأدب في عصر الرقمنة    «منها 13 جديدًا أو إحلالًا».. الأوقاف تفتتح 23 مسجدًا    وصول أبطال كأس السوبر المصري إلى القاهرة عبر مصر للطيران    حبس المتهم بإشعال النيران بمخزن والده لطرده من المنزل في الشرقية    كيفية غسل الميت للرجال والنساء.. اعرف الطريقة الشرعية    إعادة محاكمة متهم بأحداث عنف الزيتون| غدا    جمال الغندور: طاقم التحكيم في السوبر المصري قدم أداءً مميزاً    هيئة الدواء: ضخ 47 مليون عبوة دواء من المضادات الحيوية وعلاج الضغط بالصيدليات    بحضور شيخ الأزهر .. بروتوكول تعاون بين «الرعاية الصحية» وبيت الزكاة والصدقات لعلاج المرضى غير القادرين    الآلاف يحتفلون بالليلة الختامية لمولد إبراهيم الدسوقي| فيديو    محافظ أسيوط يكرم الفائزين بالمسابقات العلمية الدولية ويطلب تنظيم مسابقة لأوائل الطلاب    ميدو: شيكابالا قائد بمعنى الكلمة..ولم يسعى لأخذ اللقطة    حمادة هلال ينعى والدة أحمد عصام    ترتيب الدوري الفرنسي قبل مباريات الجولة التاسعة    إدارة نوادي وفنادق القوات المسلحة تفتتح نادى النيل بعد انتهاء أعمال تطويره    سوليفان: واشنطن لا تسعى لتغيير النظام في طهران    اعتقاد خاطئ حول إدراك ثواب الجمعة مع الإمام في التشهد الأخير    طريقة عمل الكيكة السريعة، لفطار مميز وبأقل التكاليف    محمد صلاح: الزمالك قدم مباراة قوية رغم الظروف.. وجوميز أخطأ في التشكيل منذ البداية    حبس موظف لقيامة بقتل زوجته بالمطرية    كولر أم محمد رمضان ؟.. رضا عبد العال يكشف سر فوز الأهلي بالسوبر المصري    أشرف داري: فخور باللعب للأهلي.. وأتمنى وضع بصمتي في البطولات القادمة    مي فاروق تختتم مهرجان الموسيقى العربية بأغنية "ألف ليلة وليلة" لأم كلثوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس فى مصر.. لاعبًا للماريونت أم صانعًا للعب؟!

الماريونت هى تلك العرائس التى يحركها لاعب الماريونت الرئيسى، أو ما يسمى بالماريونست.. ففى دنيا العرائس كل الموجودين على المسرح هم مجرد دمى لا قيمة لها، إلا بمقدار الحركة التى تدفع لها من وراء الستار.. وفى هذا العالم تخضع جميع العرائس لترتيب الأدوار الذى أراده الماريونست الرئيسى.. فالكل ملتزم بوضعه وطبقته وحجمه، ليس له أن يخرج عنه إلا بإرادة هذا اللاعب.. ومن ثم، فإن كاتب العرض والمخرج والماريونست يتلاعبون بالعرائس كيفما يشاءون.. والعرائس تظل على حالها عمياء صماء بكماء، لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم. وبالطبع لا توجد أهمية لماريونت على أخرى إلا بمساحة الدور المكتوب لها من قبل هذا اللاعب.. وهكذا ظل حكامنا يتعاملون مع شعوبنا بالمراوغة والاستخفاف بهم على طول الخط.. فالحاكم عندنا يظن نفسه أنه الشخص الوحيد القادر على التلاعب فقط، وأن شعبه ساذج لا يستطيع المراوغة مثله.. ومن يتابع سيرة الزعامات عندنا من فترة عبد الناصر على الأقل، مرورًا بالسادات، وانتهاءً بمبارك وحتى المجلس العسكرى، يلاحظ أننا كنا فى غالب الأحيان أمام عروض مستمرة لمسارح من العرائس لا ينتهى.. فجميع الرؤساء عندنا، مع بعض الاختلافات البسيطة، كانوا هذا اللاعب الذى يُمسك بخيوط تلك العرائس ويتلاعب بها كيفما أراد.. دون الاضطرار لتفسير تلك التحركات التى يقوم بها تجاه تلك العروس أو ذاك.. على اعتبار أن هذا الشعب إنما هو مجرد دمى يصطنعها متى يريد، ويشكلها كيفما يريد.. وأصبح الشعب طيلة الفترات السابقة عبارة عن كائنات هلامية كالعرائس تمامًا، لا فعل لها ولا رد.. فهى مجرد عرائس صماء تؤدى، وبطاعة عمياء، الدور المطلوب منها دون رفض أو احتجاج. وعلى المسرح السياسى لعبت الجماهير المصرية فى صخب وجنون دورًا مهمًا فى رفع مكانة هذا الحاكم أو ذاك دون فهم منها أو وعى.. ومن رَفَض تمثيل الدور المرسوم له، وُضع فى السجون والمعتقلات سنين لا حصر لها.
صحيح أن ثورة 25 يناير 2011 أثبتت أن لاعبى الماريونت فى مصرنا لم يستطيعوا أن يمثلوا علينا طيلة الوقت، ولم يستمتعوا بتحريك الخيوط التى تعودوا على تحريكها، حيث تذمرت العرائس على وضعها وأجبرتهم على الحديث بلسانها، لكن تظل هناك وساوس مشروعة فى إمكانية تسليم مفاتيح البلد لماريونست جديد.. خصوصًا أن هناك عددًا من الشواهد تقول بأن شعبنا لم تنفك عنه بالكامل تلك الخيوط التى كانت تحركه من قبل.. بل أثبتت الممارسات طيلة الفترة الانتقالية بأن قليلاً من هذه القيود هو الذى تم تفكيكه.. فى حين تُركت الأخرى لصانع جديد للعرائس، ليستخدمها فى الوقت المناسب فى حفظ مصالح نفس النخبة فى المستقبل.. فإذا أفلح فى تثبيت بعض أجزاء جسمها ببعضها عن طريق الفتلات، أمكنه تحريكها بعد ذلك عن طريق الخيوط التى تم استبقاؤها بكل بساطة وسهولة، ليعود الحال كما كان عليه.
ولما كانت دنيا الماريونت تتيح للرئيس عندنا أن يصبح الملهم والمؤيد من قبل السماء، وصاحب كاريزما مولود بها، لا يخطأ ولا يزل ولا يأتيه الباطل من الأمام أو الخلف، فإنه هو الشخص الوحيد الذى يملك أن يجعل المواطنين أحرارًا فى بلده متى أراد لهم هذه الحرية، ويجعلهم مقيدين متى أراد أن يلقى فى أعناقهم، وفى أيديهم وحول أرجلهم، ما يجب أن يلقى من القيود والأغلال. لكن ينسى الناس دائمًا أن هذا الملهم حينما يذوب، فإنه كقرص الملح يذوب مرة واحدة.. ومن ثم فإن لاعب الماريونت ليس هو المهارى صانع اللعب الذى نريده.. فنحن نريد رئيسًا يكون صانعًا للعب، يُحضر له الدفاع والوسط كل ما يلزم، ليخدم هو على عناصر الهجوم.. ومن ثم وجب توافر عناصر مهمة فيه، من حنكة وذكاء ومهارة فى اللعب، تجعله يأتى بالنصر لبلده فى الوقت المناسب.. فالرئيس الذى تتوافر فيه مهارة صانع اللعب هو ذاك المسئول الذى نريده على المستوى الداخلى والخارجى.. وهو الشخص الذى تتوافر فيه، بسبب هذه المهارة، مميزات كثيرة وشعبية جارفة، تجعله مرهوب الجانب فى لين على المستوى الداخلى، ومرهوبًا من غير ضعف على المستوى الخارجى.
نحن لا نريد فى الرئاسة لاعبًا للماريونت يحرك الهجوم والدفاع كالعرائس، كونه الوحيد الذى يفهم الداخل الذى رتبه بنفسه، من قليلى الحيلة والإمعات التى لا تستطيع أن تتحرك دون خيوط موضوعة فى جسدها.. بل نريد صانعًا للعب، يرواغ بمهارة ويناور باحترافية، يرتب لاعبيه المناسبين والمهاريين مثله تمامًا، ليمتلك بهم أوراقًا كثيرة وقاعدة مهمة للعب إلى جانبه.. فالرئيس الماريونت يا سادة لو نجح محليًا بسبب بلاهة شعبه وعبطهم، إلا أنه سيكون أسوأ لاعب على المسرح الدولى.. فلاعبو الماريونت الدوليون هم بالتأكيد أقوى منه وأكثر مهارة.. لكونهم ليسوا ماريونست بالنسبة لشعوبهم وداخل بلدانهم.. وبالتالى سيكون بالنسبة لهم مجرد كومبارس لا وزن له داخل بلده.. فصناع اللعب الدوليون لديهم أعين فى كل الدول والمناطق، ويعرفون بأدواتهم إذا كان هذا الرئيس أو ذاك لاعباً للماريونت أم لا؟.. فحينما يتأكدون أن الرئيس عندنا هو مجرد ماريونت، يصبح هدفاً سهلاً لهؤلاء المحترفين المحميين بشعوبهم.. وفى الحال يتم توظيفه فى خدمة مشروعاتهم وأجندتهم، ليصبح أداتهم الرئيسية فى تنفيذ ما لا يقدرون على تنفيذه داخل بلده.. ولو حللنا الفترة قبل قيام ثورة 25 يناير 2011 لأدركنا من هو لاعب الماريونت الذى نقصده؟ ومن كان هؤلاء صناع اللعب الدوليين؟.
ولهذا، فإننا لا نريد مجتمعًا للعرائس من جديد، ولا شعبًا من الدمى، ولا رئيسًا "ماريونتًا" يفرض سيطرته على من حوله من الشخصيات الضعيفة.. بل نريد شخصيات سوية قادرة على تحديد مصائرها وأفعالها وتفكيرها بنفسها، دون وصاية من أحد.
د. أحمد عبد الدايم محمد حسين- أستاذ مساعد التاريخ الحديث والمعاصر- جامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.