فى حضوره الأول على الصعيد الدولى (مؤتمر عدم الانحياز) واصل الرئيس تألقه السياسى، إذ فاجأ د.مرسى النظام الإيرانى بخطاب نسف به آمالهم فى التطبيع بين مصر الثورة وإيران وحلفها الشيعى العلوى، حين قطع بانحياز مصر بقوة إلى أبناء الثورة السورية ضد مجازر سفاح دمشق وداعميه فى طهران، بل قرن بين نضال الشعبين الفلسطينى والسورى وأكد أن نظام بشار القمعى قد فقد شرعيته، بعد أن افتتح كلمته بالترضى على الخلفاء الراشدين فى بلد يحوى مقامًا شهيرًا لأبى لؤلؤة المجوسى بما لذلك من دلالة لا تخطئها العين على محاربة مصر للمد الشيعى فى المنطقة. كان خطاب مرسى تاريخيًا ومؤسسًا لنهج جديد فى السياسة الخارجية لمصر متخلصًا من ربقة التبعية الأمريكية، ومؤكدًا الدور المصرى فى دعم ثورات الربيع العربى وحماية المشروع السنى الوسطى، وإذا دققنا النظر فى الملابسات المحيطة بتلك الزيارة والنتائج المترتبة عليها يمكن رصد الملاحظات التالية: 1- أثارت زيارة إيران جدلاً واسعاً ما بين أقلية ترى فى عودة العلاقات ضرورة استراتيجية، وأكثرية ترى حتمية مقاطعة النظام الطائفى المشارك فى سفك دماء السوريين، لكن الرئيس مرسى أثبت أن الحضور المؤثر فى المحافل الدولية أجدى نفعاً من الغياب، فمن ناحية أكدت مصر تجاوزها للمحرمات الإسرائيلية والأمريكية بزيارة طهران للمرة الأولى منذ 34 عاماً، وفى نفس الوقت حمل خطابه رسالة ساطعة لقادة الجمهورية الصفوية بأن مصر لن تطبع علاقاتها معهم إلا إذا تخلوا عن السفاح بشار ورفعوا أيديهم عن العراق وكفوا عن التدخل فى شئون الخليج العربى. 2-كان التأكيد على حق الدول النامية فى امتلاك الطاقة النووية واستخدامها فى الأغراض السلمية رسالة لدعم إيران أمام المجتمع الدولى، كما كان التشديد على ضرورة خلو الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل رسالة موجهة لإسرائيل ولإيران فى آن واحد. 3-ظهرت ردود الأفعال العصبية لشرذمة النظام السورى كدليل جلى على قوة خطاب الرئيس الذى لم يبد أدنى مجاملة لخامنئى أو نجاد حين هاجم نظام بشار ومن يدعمونه بضراوة، ففى داخل القاعة انسحب وفد القتلة أثناء الخطاب، قبل أن يصدر بيان من مرتزقة بشار يهاجم الرئيس ويتهمه بالتشجيع على سفك الدم السورى!!! 4-بينما تجلى الارتباك وتجسدت الحماقة فى أبشع صورها فى موقف التليفزيون الإيرانى الذى فجر فضيحة كبرى حين تعمد أن يحرف فى ترجمة كلمات الرئيس مرسى بأسماء بل وجمل اختلقها على هواه معاكسة تمامًا لما جاء فى الخطاب، فاستبدل (ثورة سوريا) ب( ثورة البحرين) وحرف (وحدة المعارضة السورية ضرورة) إلى( نأمل ببقاء النظام المتمتع بقاعدة شعبية) وحرف( إننا نتضامن مع الشعب السورى ضد الظلم والقمع) إلى (إننا نتضامن مع الشعب السورى ضد المؤامرة الموجهة لبلاده)!!!! فيما يعد تصديقًا للمثل الشهير (أكذبُ من رافضى) والأغرب أنه لم يجر تحقيقًا فى الواقعة أو نسمع استنكارًا لها!!! مما يدفع للتساؤل هل التضليل الممنهج والمستمر للشعب الإيرانى يجيز تحريف الخطابات فى مذهب آيات الله فى طهران؟! 5- على عكس ترحيب معظم القوى السياسية المصرية بالخطاب المعبر عن الضمير العربى انفرد الموتورون من فلول وقومجية (إبراهيم عيسى – جمال فهمى – مجدى الجلاد – عماد جاد) بالتسفيه من شأن الخطاب فوصفوه أنه (خطاب شيخ فى مسجد)، ونعتوه بالخطاب الطائفى الموالى لأمريكا وإسرائيل!! والأمر المحير أن الناصريين والعروبيين باتوا الرافد الأساسى للطابور الإيرانى داخل مصر من أصحاب الهوى الشيعى وممن يمولهم أثرياء شيعة الخليج مقابل الترويج للتشيع والدفاع عن الاستبداد الطائفى فى إيران والعراق وسوريا، ولهذا حديث آخر ذو شجون. [email protected]