دعت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مصر إلى إبقاء الاتصالات مفتوحة مع إسرائيل بعدما نشرت الحكومة المصرية قوات في شبه جزيرة سيناء في أعقاب مقتل 16 من جنود قوات حرس الحدود في هجوم بالقرب من رفح. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن كلينتون أجرت اتصالا هاتفيا بنظيرها المصري محمد كامل عمرو بينما يثير نشر قوات في سيناء، المنطقة المنزوعة السلاح بموجب اتفاق السلام عام 1979، استياء متزايدا في إسرائيل. وصرحت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند للصحفيين أن "هذا الاتصال يندرج في إطار سلسلة من الاتصالات التي أجريناها في الأيام الماضية مع المصريين والإسرائيليين لتشجيع الطرفين على مواصلة الحوار بينهما والتحادث مباشرة حول أي قضية". وأضافت أن كلينتون أعلنت تأييدها لاعتماد سياسة "تعزز أولا وبشكل أساسي لأمن مصر لكن يكون لها أيضا أثر ايجابي في مجال الأمن لجميع جيرانها في المنطقة برمتها". يأتى ذلك بعد عبر مسئولون إسرائيليون أيضا عن قلقهم بشأن نشر قوات مصرية فى سيناء، قائلين إن دخول المركبات إلى سيناء لم يتم التنسيق له وينتهك معاهدة السلام، وطالب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عبر الولاياتالمتحدة مصر سحب دباباتها وسط مخاوف من أنها قد تبقي على هذه الآليات في سيناء إلى ما لا نهاية.. وتحدثت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن شعور بالقلق في إسرائيل من نجاح الرئيس محمد مرسى فى تقليص التنسيق الأمنى بين القاهرة وتل أبيب للحد الأدنى، واعتبرت أن "الرئيس المصرى الذى اكتسب مزيدًا من القوة على حساب الجيش، يقف وراء التآكل التدريجى فى اتفاقيات السلام، والأمريكيون هم الذين يمكنهم إيقافه". ورأت الصحيفة فى تقرير بعنوان "هكذا تتآكل اتفاقية السلام": أن "الدبابات فى سيناء أقل سببًا لقلقنا من العلاقات الدبلوماسية غير القائمة تقريبًا بين القاهرة وتل أبيب؛ فعدد الدبابات التى أدخلها الجيش المصرى فى الأيام الأخيرة للمنطقة منزوعة السلاح بشمال سيناء، صغير جدًا، ولا يشكل تهديدًا على إسرائيل تحت أى ظرف من الظروف". وذكرت أن "تل أبيب وافقت العام الماضى على إدخال سيارات مدرعة للمنطقة لمحاربة أنفاق التهريب والمجموعات التخريبية العاملة بشبه الجزيرة". وقالت: "يبدو أن العدد الكلى لناقلات الجنود المدرعة، والدبابات والمروحيات التى أدخلتها القاهرةبسيناء لمواجهة الإرهاب لا يزيد عما تم الاتفاق عليه"، مشيرة إلى أن "التنسيق الأمنى بين ممثلى الجيش الإسرائيلى والمصرى فى حالة جيدة، وكذلك الحوار بين مسئولى المنظومة الأمنية بتل أبيب وبين مسئولى المخابرات بالقاهرة".. لكنها حذرت من أن تل أبيب قلقة من توقف العمليات العسكرية المصرية بسيناء بعد فترة قصيرة، وتجدد خلايا الإرهاب عملياتها، خاصة فى وسط شبه الجزيرة بمنطقة جبل حلال، وأن أكثر ما يصيب صناع القرار بإسرائيل ليس ما يحدث ميدانيًا فى سيناء، وإنما محاولة الرئيس المصرى تقليص التنسيق والحوار الأمنى مع تل أبيب، على ما يبدو بهدف تقويض فعالية اتفاقية السلام بين الجانبين وتحويلها لمجرد حبر على ورقة. ولفتت إلى أن إدخال مصر قوات للمنطقة منزوعة السلاح، دون الحصول على موافقة تل أبيب والتنسيق معها يشهد على خط دائم للنظام الحاكم الجديد بالقاهرة، لإجبار إسرائيل على التغاضى والصمت عن خطوات مصرية أحادية الجانب، مضيفة أنه منذ عدة شهور ألغت مصر بشكل أحادى الجانب اتفاقية الغاز مع تل أبيب، والآن جاءت قضية الدبابات. وذكرت أنه خلال ال 33 عامًا الماضية منذ توقيع كامب ديفيد حدثت انتهاكات للاتفاقية، لكن كان يكفى بعث شكوى سرية من تل أبيب لقيادة القوات متعددة القوميات فى سيناء ووزارة الخارجية بواشنطن لإعادة الوضع كما كان عليه. وأضافت أن من يريد فهمًا عميقًا لما يفكر به الرئيس المصرى عليه أن يذهب ويقرأ عن حركة حماس، ولكن مرسى يعلم أنه يحتاج لواشنطن الملتزمة بكامب ديفيد، وبالرغم من عملية التطهير التى قام بها فى المجلس العسكرى ببلاده هو ما زال غير حر تمامًا فى العمل بشكل مخالف لأفكار الجنرالات المصريين. ولفتت الصحيفة إلى أن الجنرالات الذين يدينون بالولاء لمرسى بسبب تعيينهم فى مناصبهم يعلمون جيدًا أن إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل من شأنه أن يؤدى لحريق سيدمر الاقتصاد المصرى تمامًا، وقد ينتهى بهزيمة عسكرية، لهذا فإن الرئيس المصرى الذى يؤيده الشارع المصرى واكتسب قوة سياسية على حساب الجيش يسمح لنفسه بتقويض كامب ديفيد تدريجيًا، لكنه يقوم بذلك فى حذر. وأكدت أنه لابد من ممارسة ضغط على القاهرة، وهو الضغط الذى لن يكون فعالاً إلا إذا نبهت تل أبيب السياسيين للخروقات المصرية، خاصة مسئولى الاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة. إلى ذلك، قالت مجلة "إسرائيل ديفينس" العسكرية الإسرائيلية فى تقرير لها أمس، إن هناك عدة تحديات تواجه تل أبيب فى ظل نظام حكم "الإخوان المسلمين" بمصر، وعلى رأسه قيام إسرائيل بعملية عسكرية فى قطاع غزة أو الضفة الغربية أو لبنان، مضيفة أن "مصر ستقوم بضغط سياسى شديد لتجر وراءها العالم العربى والإسلامي، وتضيق الخناق على تل أبيب ومنظومتها الأمنية، كى لا تقوم بعملياتها ضد منظمات الإرهاب فى غزة والضفة ولبنان". وقالت: "يبدو أن الوقت قد انتهى عندما كانت إسرائيل تشن حروبًا أو عمليات عسكرية ضد الفلسطينيين واللبنانيين، وتكتفى مصر بالتنديد بعمليات الجيش الإسرائيلي، وتتخذ أحيانًا خطوات دبلوماسية؛ كإعادة سفيرها من تل أبيب وخلع دبلوماسيى الأخيرة من القاهرة". أما التهديد الثانى فهو أن "تتعامل القاهرة بتساهل مع منظمات المخربين العاملة بسيناء ضد تل أبيب"؛ لافتة إلى أنه "طالما لا تمثل تلك المنظمات خطرًا على استقرار النظام المصري، من غير المستبعد أن تختار القاهرة اتباع سياسة التجاهل، والسماح من وراء الكواليس بالقيام بعمليات إرهابية من شبه الجزيرة ضد إسرائيل". ورأت أن "سياسة من هذا النوع من شأنها تحويل الحدود بيننا وبين مصر، لمنطقة مشبعة بمحاولات تنفيذ العمليات التخريبية؛ سواء بشكل مباشر ضد قوات تل أبيب على طول الحدود، أو ضد المستوطنات القريبة من سيناء، وذلك بإطلاق الصواريخ عليهم". التهديد الثالث وفقا للمجلة هو "دخول مصر سباق التسلح النووى؛ كجزء من توسيع الهيمنة الإقليمية ضد إيران"، لافتا إلى أنه "من الممكن أن مصر فى عهد مرسى ستطمح فى تطوير قدراتها الذرية، وسيضطر الأخير إلى المناورة بين دعم واشنطن للقاهرة وعلاقة هذا باتفاقية السلام، وبين جعل مصر نفسها قوة إقليمية". بينما التهديد الرابع يتمثل فى "استمرار بناء القاهرة لقوتها العسكرية"؛ مضيفة أن "مصر لديها أكبر سلاحى جو وبحر متطورين بين الدول العربية فى الشرق الأوسط، هذا بجانب جيش برى واسع النطاق، جزء منه مزود بأسلحة غربية خاصة منظومة المدرعات"، مشيرة فى تقريرها إلى أن القاهرة "تعلم أنه يكفى تركيز قواتها على طول قناة السويس لإجبار الجيش الإسرائيلى على تفكيك جهده وقواته وبهذا تؤثر وتشوش على عمليات هذا الجيش وتعطل أهدافه". وختمت تقريرها بالقول إنه "لن تكون مفاجأة إذا ما اختارت مصر فى عهد مرسى القيام بتدريبات واسعة النطاق فى وقت حساس بالنسبة لإسرائيل"، لافتة فى النهاية إلى أن "المصريين قد يقررون تطوير ترسانة الصواريخ بعيدة المدى التى بحوزتهم".