"بدون طلقة واحدة نجح الرئيس المصرى الجديد محمد مرسى، فى تحييد المجلس العسكرى، والسيطرة على كل مراكز القوى بالقاهرة، لكن تلك الخطوة لن تدهش من يتابع تاريخ الإخوان المسلمين"، هكذا علق تسيبى مازائيل السفير الإسرائيلى الأسبق بمصر على القرارات بإقالة المشير حسين طنطاوى وزير الدفاع ورئيس أركانه سامى عنان، وعدد من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وتحت عنوان "مرسى وثورته المخملية"، قال السفير الإسرائيلى فى مقال نشرته صحيفة "انرجيا نيوز" العبرية، إن جماعة الإخوان ظلت على مدى أكثر من 80 عامًا تناضل من أجل السلطة، سواء بالقوة أو بالطرق السياسية، والآن عندما أصبح الحكم فى يدها كان متوقعًا ألا توافق على اقتسامه مع المجلس العسكرى الذى أخذ لنفسه صلاحيات تشريعية وتنفيذية واسعة". وأضاف مازائيل: "فعليًا قام مرسى بانقلاب مدنى، أو بتعبير أكثر دقة قام بانقلاب غير دستورى، تحت غطاء دستورى، فقد تحدث عن إعلان دستورى جديد بشكل أحادى الجانب منه يلغى نظيره الذى أتى به المجلس العسكرى فى 17 يونيه الماضى، وبتلك الطريقة منح نفسه جميع صلاحيات السلطة التشريعية والتنفيذية، وعلى هذا الأساس قام بإحالة قيادات الجيش للتقاعد وعلى رأسهم وزير الدفاع السابق حسين طنطاوى ورئيس أركانه سامى عنان اللذين حصلا على قلادات نظير خدمتها لأوطانهما، وتم تعيينهما مستشارين للرئيس، وهى وظيفة بلا معنى". وتابع: "هناك عدد آخر من القيادات تم إحالتها على يد مرسى للتقاعد، من بينهم قيادات أسلحة البحرية والجوية والدفاع الجوى، واهتم مرسى بمستقبل الثلاثة، الذين حصلوا على مناصب محترمة فى الصناعات العسكرية ومجس إدارة قناة السويس، وبهذا منح مرسى للجنرالات خروجًا مشرفًا وأكمل عملية السيطرة على الجيش بعد قيامه الأسبوع الماضى بإقالة رئيس المخابرات وعدد آخر من الجنرالات البارزين. وأردف مازائيل قائلاً: "بالرغم من هذا فإنه ليس شيئا مؤكدًا على منح مرسى الجنرالات حصانة من المنظومة القضائية بسبب تورطهم فى الفساد خلال عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، وهناك من يطالب بتقديمهم للمحاكمة". واستطرد "المجلس العسكرى أصيب بصدمة لكنه لم يرد، ويبدو أن مرسى استغل فشل الجيش والمخابرات اللذين لم يفعلا شيئا لمنع هجوم سيناء الأخير الذى قتل فيه الجنود المصريون، بالرغم من المعلومات التى نقلتها تل أبيب لهما، وعلى خلفية هذا الفشل ضعف مركز المجلس العسكرى وسط الجماهير المصرية، ما جعل مرسى يفهم أن تلك هى الفرصة الذهبية كى يطلق رصاصة الرحمة على الحرس القديم". وبعد إصدار الرئيس إعلانًا دستوريًا ألغى به الإعلان المكمل الذي أصدره المجلس العسكري، قال مازائيل إن مرسى يمسك الآن بصلاحيات لم يمسك بها سلفه حسنى مبارك، واصفًا الصلاحيات التي يتمتع بها بأنها "صلاحيات ديكتاتور، وهى صلاحيات السلطة التشريعية والتنفيذية". وفى الوقت الذى تساءل فيه: "هل ستجرؤ المحكمة الدستورية على الوقوف أمام سلطة الإخوان المسلمين؟"، قال إن هناك على ما يبدو حالة استياء شعبى؛ فقرارات مرسى تم إعلانها فى وقت زاد فيه الخوف من سيطرة الإخوان على مصر، وتحولها لدولة دينية، ووضع قيود على حرية التعبير، لكن من ناحية أخرى، قد تم كسر حاجز الخوف لدى المواطنين ويمكننا أن نتوقع أن قطاعات كثيرة رافضة للإسلاميين ستنزل للشوارع وتعرب عن غضبها. ورأى أن الدليل الأول على ذلك هو فى جنازة الجنود المصريين الذين قتلوا فى رفح؛ حيث اتهم مئات المتظاهرين مرسى بالتقصير، فى الوقت الذى خشى فيه الأخير من حضور الجنازة وأرسل رئيس وزرائه الجديد الذى تلقى شتائم ولعنات، وفى نفس اليوم تم إطلاق النيران على مكاتب الإخوان بالقاهرة، ولهذا فإنه سيكون من المثير للاهتمام أن نعرف كم شخص سيصلون لميدان التحرير فى ال24 من أغسطس المقبل للتظاهر ضد الإخوان. وفيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل؛ قال السفير الإسرائيلى الأسبق بمصر، "يبدو أنها تتجه لممر ملىء بالإشكاليات، فمن غير المتوقع أن ترحب المخابرات الحربية المصرية بمبعوثى إسرائيل كما كان فى الماضى، لقد تغير قادة الجيش، والآن يحمل القادة الجدد أيديولوجية مختلفة وهم معادون لإسرائيل، حقيقة أن لدى مصر وإسرائيل حدود مشتركة تلزم باستمرار الحوار ولكن من المتوقع أن يتم تحجيم هذا الحوار". وختم مازائيل قائلا: "صحيح أن مرسى سيضطر بلا شك للتفكير فى ضغط الولاياتالمتحدةالأمريكية، وضرورة استمرار المعونة الأمريكية، لكن الإخوان المسلمين على ما يبدو يقومون بجهود للاعتماد ماليا على دول عربية ويقللون تعلقهم بمساعدة واشنطن، هذا الأسبوع أودع حاكم قطر مبلغ 2 مليار دولار فى بنوك مصر، كما أودعت السعودية مبلغا مشابها قبل عدة أسابيع، صحيح أن القاهرة ستكون محتاجة لاستثمارات وتكنولوجيا الولاياتالمتحدةالأمريكية، إلا أنه بالرغم من هذا، ومع زيادة تأثير الأيديولوجية الراديكالية، فإنه من الممكن أن يتم المساس والإضرار بعلاقات القاهرة مع واشنطن".