عقدت الحكومة الباكستانية اتفاقًا مع حزب "لبيك باكستان" يقضي بأن يوقف الأخير أنصاره عن التظاهر في الشوارع ، مقابل منع "آسيا بيبي" التي اتهمت بالإساءة للرسول من مغادرة البلاد بعد حكم مثير للجدل بتبرئتها . وطالب زوج آسيا بيبي، الذي أمضى ثمانية أعوام في انتظار تنفيذ حكم الإعدام في زوجته بعد إدانتها بالتجديف قبل التوصل لاتفاق، بمنحهم اللجوء في الولاياتالمتحدة أو كندا أو بريطانيا. وقال عشيق مسيح في مقطع فيديو إنه وزوجته آسيا بيبي لا يشعران بالآمان بالبقاء في باكستان حتى بعد أن ألغت المحكمة العليا في إسلام أباد إدانتها يوم الأربعاء. وقد وعدت الحكومة بمحاولة منع آسيا بيبي من مغادرة البلاد كجزء من صفقة لإنهاء عدة أيام من الاحتجاجات ضد حكم المحكمة. وقد فر محامي آسيا بيبي بالفعل من باكستان خوفا على حياته. وتضمن الاتفاق البدء في اتخاذ إجراءات، لمنع آسيا من مغادرة البلاد. كما أن الحكومة لن تمانع في الطعن القانوني، من جانب المحتجين على حكم المحكمة العليا، التي أمرت بإطلاق سراحها. وأدينت آسيا بيبي عام 2010 بتهمة التجديف، لإهانتها النبي محمد. في غضون ذلك، غادر المحامي الذي يدافع عن بيبي باكستان، خوفا على حياته. وقال سيف ملوك، لوكالة فرانس برس، إنه اضطر لمغادرة باكستان، لكي يستطيع الاستمرار في الدفاع عن موكلته. واتفق مسؤولون باكستانيون على منع بيبي من السفر، بهدف إنهاء التظاهرات المحتجة على الحكم بتبرئتها. وانتقد ناشطون ذلك الاتفاق، باعتباره يشبه التوقيع على "أمر إعدامها". وأثار حكم المحكمة العليا الباكستانية الأربعاء تبرئة بيبي الغضب، في البلد ذات الغالبية المسلمة. ونزل مؤيدو حزب "حركة لبيك باكستان"، إلى الشوارع احتجاجا على الحكم. قال ملوك لبي بي سي، في وقت سابق من الأسبوع الجاري، إن آسيا بيبي سوف تحتاج إلى الانتقال إلى إحدى الدول الغربية، لضمان سلامتها الشخصية. وكانت بيبي قد تعرضت في السابق لعدة محاولات للقتل. وقال وزير الإعلام الباكستاني، فؤاد تشودري، لبي بي سي: "لقد كان أمامنا خياران: استخدام القوة، وحينما نستخدم القوة قد يتعرض الناس للقتل، وهذا شيئ لا يجب أن تفعله الدولة. نحن جربنا التفاوض، وفي التفاوض أنت تأخذ شيئا وتترك شيئا آخر". ودافع الوزير عن الاتفاق، ضد مزاعم بأنه "إذعان من الحكومة للمتطرفين". وقال تشودري: "نحن بحاجة لاتخاذ خطوات ضد التطرف، وضد هذا النوع من التظاهرات العنيفة، ونحن بحاجة للتوصل إلى حل دائم، في الوقت الراهن هذا ليس علاجا، ما نفعله الآن مجرد إطفاء للحريق، العلاج هو الحل الحقيقي، وحكومتنا ملتزمة بالعلاج". وأكد الوزير الباكستاني أن الحكومة ستتخذ "كل الإجراءات الضرورية"، لضمان سلامة بيبي. لكن ملوك وصف الاتفاق بأنه "مؤلم". وقال لوكالة فرانس برس، قبل أن يصعد للطائرة مغادرا إلى أوربا: "إنهم لا يستطيعون حتى تطبيق قرار أعلى محكمة في البلاد". وأوضح ملوك إنه قرر المغادرة، لأنه "من المستحيل" الاستمرار في العيش في باكستان، مضيفا: "أنا بحاجة للبقاء على قيد الحياة، حيث لا يزال يتعين علي خوض المعركة القانونية، من أجل آسيا بيبي". وصرح ملوك لوسائل إعلام محلية باكستانية بأنه سيعود للبلاد، من أجل الدفاع عن موكلته، لكنه بحاجة إلى أن توفر له الحكومة الحماية اللازمة. ماذا تضمن الاتفاق أيضا؟ يقضي الاتفاق أيضا بإطلاق سراح المحتجين، الذين جرى اعتقالهم منذ الحكم بإطلاق سراح بيبي، وكذلك التحقيق في أي عنف مورس تجاههم. وستبدأ الحكومة في اتخاذ إجراءات قانونية، لوضع اسم آسيا بيبي في قائمة الممنوعين من السفر. في المقابل، طلب حزب "حركة لبيك باكستان" من أنصاره التوقف عن التظاهر، والتفرق سلميا. وقالت السلطات الباكستانية، في وقت سابق، إنه من المقرر إطلاق سراح بيبي فعليا، في وقت لاحق من الأسبوع الجاري. بماذا اتهمت آسيا بيبي؟ جرت محاكمة بيبي، واسمها الكامل آسيا نورين، إثر جدال بينها وبين مجموعة من النساء، في يونيو/ حزيران عام 2009. وكانت النساء تجمعن محصول الفاكهة بأحد الحقول، حينما نشب بينهن خلاف حول دلو للماء، وقال بعضهن إنهن لن يستخدمن دلو الماء، بعدما استخدمته آسيا بيبي، لأنها "نجسة" كونها مسيحية. وقال محققون إنه خلال الجدال، الذي أعقب ذلك، طالبتها النساء باعتناق الإسلام، لكنها رفضت وقالت كلاما مسيئا للنبي محمد، وفقا لروايتهن. وتعرضت آسيا لاحقا للضرب في منزلها، وخلال ذلك أقرت بالتجديف، حسب قول من يتهمونها بذلك. والقت الشرطة القبض عليها، بعد إجراء تحقيق. وحكمت المحكمة العليا الباكستانية الأربعاء الماضي بالإفراج عن آسيا بيبي، قائلة إن القضية بنيت على أدلة واهية، وإن اعترافها جاء أمام حشد من الناس "يهددونها بالقتل".