الإفراج عن 3 آلاف من السجون خلال 4 أشهر.. "تحيا مصر» يدعم الغارمين ب250 مليون جنيه.. ويطالب النواب بالإسراع فى إصدار تشريع « حمدية» دخلت السجن بعد شراء أجهزة كهربائية لابنها من أجل الزواج « شحاتة» ضمن أباه فى شراء سيارة.. لكن المرض «أخد اللى وراه واللى قدامه» "آمال" مهددة بالحبس مرة ثانية.. التاجر حصل على المبلغ ورفض إعطاءنا إيصالات الأمانة «القومى للمرأة»: ندعم الغارمات فى القرى والنجوع بحملات التوعية القانونية والاجتماعية والأسرية لم يعد الدين "همًا بالليل ومذلة بالنهار"، فقد يكون التعثر في سداده سببًا في دخول السجن، وتزداد المأساة إذا كانت "المدين" امرأة اضطرت للاستدانة، أو اشترت أجهزة بالتقسيط من أجل تجهيز ابنتها للزواج، كما هو حال كثير من "الغارمات"، اللاتي وجدن أنفسهن سجينات، بعد أن ضاقت بهن السبل، وعجزن عن الإيفاء بسداد الدين، أو الأقساط. وهو ما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى انهيار أسر بالكامل، مع غياب الأم عن المنزل، وتتضاعف المحنة إذا كانت هي "المعيلة" لها، فضلاً عن نظرة المجتمع لها، وهو ما يثير معهن حالة من التعاطف والتضامن الواسع داخل المجتمع، وكان تحرك الدولة للتكفل بسداد الديون، وإخراج "الغارمات" من السجون بمثابة طوق النجاة لهن. وتبنى صندوق "تحيا مصر" مبادرة الرئيس عبدالفتاح السياسي "مصر بلا غارمات"، وخصص 30 مليون جنيه للمبادرة وتوجت بالإفراج عن 3 آلاف غارم وغارمة من السجون خلال 4 أشهر. في الوقت الذي بدأ فيه مجلس النواب في دراسة قانون الغارمات والغارمين لحل مشكلاتهم، بعد قرار الرئيس في عيد الأضحى بالعفو عن 2376 من النزلاء المستحقين، والعفو عن باقي عقوبتهم، وكان من بينهم 627 غارمًا وغارمة أُفرج عنهم بعد دفع المديونيات. الغارمات والغارمون حمدية سالم، من البحيرة، تبلغ من العمر 30 عامًا، قالت إنها غُرمت في شراء أجهزة كهربائية وإلكترونية لنجلها "سعيد" من أجل إتمام زواجه، وكتبت الإيصالات باسمها لدى تاجر قالت إنه معروف بشدته وعدم صبره على من يتعاملون معه بمركز المحمودية. واستفادت حمدية" من المبادرة، قائلةً ل "المصريون": "الصندوق دفع لى 70 ألف جنيه، والحمد لله من سداد مديونياتى، ويبقى فقط مبلغ بسيط سأدفعه تدريجيًا مع زوجى؛ نظرًا لأن ظروفه صعبة جدًا، فهو يعمل بمهنة السباكة ويعمل يوم ولا يشتغل الآخر". ونصحت "حمدية" كل سيدة متعثرة بضرورة "ألا تفقد الأمل فى الله، فهو قادر على كل شيء وكل ضائقة تفرج من عنده". وبعد خروجها من السجن عادت "حمدية" إلى عملها على ماكينة خياطة فى منزلها، "فهي تساعدني على تقاسم أعباء الحياة مع زوجى، وتعليم ابنى وابنتى الصغيرة التى تبلغ من العمر 14 عامًا، ولكن أحذر أى إنسان من التعامل مع التجار الجشعين الذين لا يقدرون الظروف الشخصية للمتعاملين معهم بنظام القسط الشهرى؛ لأنه إذا عجز عن السداد لا تعرف ماذا تحمل نيته، وماذا يخبئ لك، فال 8 أشهر التى قضيتها في السجن، وضعت فى قلبى آلامًا لا يتحملها أحد، فأبنائى كنت لا أعرف عنهم شيئًا سوى فى الزيارات الشهرية وزوجى كل ما يرانى يبكى على محنتي فأشكر كل من ساعد ورفع عنا الحمل الثقيل". وقال محمد شحاتة، أحد الغارمين الذين تم الإفراج عنهم بمبادرة الرئاسة، وهو من محافظة البحيرة أيضًا، ويبلغ من العمر 27 عامًا، إنه يبحث حتى الآن عن فرصة عمل لكي يستطيع العيش ويعول أسرته. شحاتة الذي يدرس بكلية الصيدلة، باع كل شيء من أجل سداد ديونه، وعلى الرغم كل المعاناة التي يلاقيها من أجل توفير "مصدر للعيش"، فإنه يكافح حتى لا تُظلم أسرته جراء ما حدث له. وأوضح ل "المصريون"، أن صندوق "تحيا مصر" سدد مبلغ 60 ألف جنيه من إجمالي دينه البالغ 240 ألف جنيه، "كان لابد من التضحية بأشياء كثيرة حتى مهنتي من أجل استكمال السداد، وحتى اللحظة أستكمل الدراسة في السنة الثالث بالكلية، وأسعى لتوفير ما يكفى من مصاريف للدراسة والاحتياجات المعيشية". وتطرق إلى أسباب حبسه، قائلًا: "تم حبسى فى نهاية شهر رمضان قبل عيد الفطر بأسبوع، بعد أن اشتري والدي سيارة من أحد التجار، لكن خلال فترة سداد الأقساط، والدي تعرض لأزمة صحية شديدة على أثرها أجرى عملية قلب مفتوح، وعدة جراحات أخرى صعبة؛ استنزفت الأموال التي كانت بحوزتنا وحينئذ لم يصبر علينا التاجر، ولم يستطع أبى أيضًا السداد، فقام التاجر برفع دعوى قضائية ضدي باعتباري الضامن في إيصالات الأمانة، وصدر ضدي حكم بالحبس لمدة 3 سنوات، لكن تم للإفراج عني في إطار م تدشين المبادرة الرئاسية، ضمن أكثر من 50 غارمًا وغارمة تم سداد مديونياتهم". وأضاف الطالب بكلية الصيدلة، أنه قضى شهرين من عقوبته، حتى تواصلت معه إدارة السجن، وأخبرته بالإفراج عنه، مؤكدًا أن فترة محبسه أثرت فيه سلبيًا وسط زملائه بالكلية وجيرانه، وكان متأثرًا بشكل سلبى نفسيًا وبدنيًا، ويحاول حتى الآن العودة إلى طبيعته. وقالت آمال عباس، ربة منزل، تبلغ من العمر 40 عامًا من محافظة أسيوط، إنها وزوجها عبد الله بدوي تم الإفراج عنهما في إطار مبادرة الرئاسة. لكنها شكت من أنه بعد الإفراج عنهما "حدث معنا ما لم نتوقعه، التاجر الذي كنا مستدينين له أخذ المبلغ من الصندوق، ولم يسلمنا الإيصالات الخاصة بالسداد، فهي كانت أدوات كهربائية لبيتنا، والآن أنا مهددة بالحبس في شهر نوفمبر القادم، لأن الرجل أساء هذا العمل الإنساني وحصل على المبلغ من الصندوق وهو 60 ألف جنيه، وهرب ولم نعرف عنه شيئًا". وتابعت شاكية حالها: "حالى لا يعلمه سوى الله، أشكر الدولة وكل من ساعدنا على سداد الدين، ولكن ليس لنا إلا ربنا نلجأ له فى هذه المصيبة". وتابعت: "قضينا 6 أشهر داخل السجن ولم أر أولادى الأربعة، فجميع صغارى لا يتجاوز أعمارهم ال9 سنوات وابنى الكبير محمد عمره 8 سنوات ونصف، ولم يتجاوز عمر الصغير يوسف 7 سنوات، حيث قضيت أنا 3 أشهر، وزوجى 3 أشهر فى سجن أسيوط العمومى". «تحيا مصر»: متمسكون بالمبادرة لإخراج آخر غارم وغارمة بالسجون وقال محمد مختار، رئيس المركز الإعلامى بصندوق "تحيا مصر": "لا زلنا في مرحلة خروج الغارمات والغارمين من السجون، وبجانب المبادرة نرعى الفئات الأكثر احتياجًا للسيدات المعيلات ونوفر لهن مشروعات متناهية الصغر من أجل توفير مصدر رزق الاحتياجات الأسرية، وهذا المبدأ سيحول دون أن يصبحن غارمات لأن أوضاعهن ستتحسن وقتها، فالصندوق يعمل على الجانبين، والدراسات لا تزال تجرى على الحالات المتواجدة داخل السجون وسيتم الإفراج عن دفعات قادمة، لأننا ملتزمون بخروج آخر غارم وغارمة من السجون المصرية". وأضاف ل "المصريون"، أن "الصندوق أبرم اتفاقية مع بنك "ناصر" الاجتماعى، وفر لها بمقتضاها 250 مليون جنيه، حيث يقوم بإقراض المرأة المعيلة من سن 21 سنة حتى 60 سنة، ويتم استخراجه في صورة أدوات إنتاج وليس أموال سائلة؛ لأنه بهذه الحالة سيتم إنفاقه دون تحقيق الاستفادة منه، ومن هنا المرأة حرة في مشروعها المقروض تنشئ محل بقالة أو تربى ماشية أو دواجن، أو أى مشروع تجارى تراه الأنسب لها". وأوضح أن "المتبع فى إجراءات القرض هو أن تحصل المرأة على المبلغ، وتنفذ المشروع بدون سداد فوائد، ثم تبدأ فى سداد القرض على أقساط شهرية حتى تتمكن من السداد الكامل وتستطيع الاقتراض مرة أخرى". وأشار المدير الإعلامى بالصندوق، إلى أنه يتم العمل على سداد الديون وإقامة المشروعات فى جميع محافظات مصر ال27، لافتًا إلى أن "الدور الأساسى للصندوق، أنه يوفر الحماية لكيان الأسرة المصرية سواء أمًّا أو أبًا أو أبناء أو شبابًا نستهدف الأسرة المصرية الأولى بالرعاية بكل أعضائها". وأوضح أن "الصندوق فى حقيقته مؤسسة غير تابعة للدولة بل كيان مستقل ويحظى برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو مؤسس بقرار جمهورى فى يوليو 2014، ويعمل أحيانًا كذراع لحماية جميع مؤسسات المجتمع المدنى، ونتعاون مع 2000 جمعية فى مختلف محافظات مصر". وتابع: "الصندوق يتعاون مع وزارة الداخلية لتحقيق بهدف إخراج جميع الغارمين والغارمات فى أسرع وقت، ولكن التحريات والأبحاث الاجتماعية هي التي تحتاج بعض الوقت"، مناشدًا مجلس النواب "ضرورة وجود نص تشريعى يحمى الغارمات والغارمين حتى لا يقعوا ضحية لمستغلين يستغلون الفقر والاحتياج". عريف: الغارمة ليست مجرمة واستعرضت فاتن عريف، إحدى الحقوقيات بلجنة الشئون القانونية بالمجلس القومى للمرأة سابقًا، التعريف والوضع الخاص للمرأة الغارمة، قائلة إن الغارمة ليست مجرمة بل اُضطرت إلى أن تكتب على نفسها "شيك" أو إيصالًا من أجل طلب اكتفاء احتياجات وتستر ذاتى لأسرتها، وهى على علم بأنها لا تستطيع سداده، لكن الظروف اضطرتها إلى الاستدانة، "ومع ذلك نجد أن رئاسة الجمهورية تنظر إلى المرأة المصرية بشكل خاص على أنها شريكة للوطن فى كل شيء حتى العمل السياسي". وأضافت ل "المصريون": الرئيس عبدالفتاح السيسي عندما أصدر قرارًا بإعفاء المرأة الغارمة عن سداد مديونياتها ومعها الرجل أيضًا، يعلم جيدًا أن هؤلاء أجبرتهم الظروف على الاستدانة، لذلك تم إخراج دفعات متتالية من الغارمات والغارمين من السجون، وتم الاتفاق مع صندوق "تحيا مصر" على سداد ديون الغارمات لخروجهن من السجون واستكمال حياتهن الطبيعية، والمغزى من مبادرة الرئيس هو حماية هذه المرأة لأنها دائمًا ما تكون معيلة ومسئولة، وبعدها عن أسرتها سيجعلها تعانى؛ لأنها العمود الفقرى لأسرتها، وإذا كانت هذه الأم دفعت نفسها إلى عمل ذلك فإنه في سبيل حماية أولادها أو تستر بناتها وهن الأغلب الأعم". وطالبت خبيرة الشئون الأسرية، بتنظيم دورات تدريبية وتوعوية لأنها الهدف الوحيد الذى يجب وضعه أمام نصب أعين مؤسسات الدولة والجمعيات الخاصة التى تهتم بالمرأة وبشكل خاص الغارمة، حتى يتم استكمال وعى المرأة غير المتعلمة أو متوسطة الوضع التعليمي فى قضية كيفية الاكتفاء الذاتى والبحث عن مصادر الرزق الحسنة، وبطريقة سهلة لتوفير حياة كريمة لها ولأسرتها. وأشار إلى أن ذلك سيعمل على تطوير للمرأة الغارمة، وزيادة كفاءتها عبر الاكتفاء الذاتي، والمشاركة في الحياة العملية أيضًا بوعي ومعرفة الحقوق والواجبات. «القومى للمرأة» يدافع عن دوره وعن دور المجلس القومى للمرأة فى رعاية ملف الغارمات، أفاد بأن اللجان التابعة له فى كل محافظات مصر قامت بعدة زيارات لسجن النساء؛ لمقابلة الغارمات ومعرفة احتياجاتهن، وأنه ينسق بشكل مستمر مع منظمات المجتمع المدني المعنية بالمرأة؛ لمساعدتهن والإفراج عنهن. وأضاف ل "المصريون"، أن المجلس يقوم من خلال فروعه بالمحافظات بتنظيم لقاءات مع السيدات فى القرى والنجوع للعمل على توعيتهن بحقوقهن القانونية والاجتماعية. وأشار إلى أنه أصدر في بداية تدشين مبادرة رئيس الجمهورية للإفراج عن الغارمات المتواجدات بالسجون، بيانًا مطولًا وجه فيه المجلس برئاسة الدكتورة مايا مرسي، وجميع عضواته وأعضائه وفروعه بالمحافظات، الشكر والتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي كلف وزير الداخلية، باتخاذ الإجراءات اللازمة لسداد مديونات كافة الغارمات من خلال صندوق "تحيا مصر". وأكدت الدكتورة مايا، رئيس المجلس، أنهم يفتخرون ب "القرار الرحيم الذي أصدره الرئيس الأب والإنسان، المدرك لمعاناة العديد من الأسر المصرية البسيطة التى تعولها امرأة، مشيدين بحرص الرئاسة على أن تقضي الغارمات أول أيام العيد آنذاك وسط أسرهن". وقالت مرسى، إن "الرئيس أدخل الفرح والسرور على قلوب العديد من الأسر المصرية البسيطة، سواء أم أو زوجة أو أخت غارمة، وتسببت ظروفها الاقتصادية وعدم وعيها بالقانون وبحقوقها في أن تقضي العيد بعيدًا عن حضن أسرهن". ووجهت فى نهاية بيانها، شكرها للرئيس وجميع المسئولين المعنيين بهذا الملف، بعد أن تم الإيفاء بالوعد بتنفيذ اللازم من إجراءات الحماية الاجتماعية للحد من مثل هذه الظواهر التى تؤثر سلبًا على الاستقرار المجتمعي، مشيرة إلى أن مشكلة الغارمات هي مشكلة خطيرة، وبحاجة إلى حل فوري والعمل على مواجهتها بأقصى سرعة، مؤكدة أن المجلس القومى للمرأة مهتم بالقضية ويقوم بعقد ندوات توعية للسيدات بالمحافظات حتى لا يقعن فريسة لأصحاب النفوس الضعيفة الذين يستغلون معاناة هذه الأسر واحتياجاتهم.