في الوقت الذي يتصاعد فيه حدة التضييق على المواقع الإخبارية والفضائيات، مع استمرار حجب مئات المواقع، ووقف العديد من البرامج، وإبعاد إعلاميين بارزين عن الواجهة، تواصل قنوات الدجل والشعوذة، على مدار الساعة، النصب على المشاهدين، دون أية ملاحقة. وتتسابق الفضائيات على استضافة ما يسمون ب "المعالجين الروحانيين", حتى تحولت برامج "الجن والعفاريت" إلى "وليمة مسائية" على شاشات عدد من القنوات، ما يثير دهشة البعض حول عدكم تحرك المجلس الأعلى للإعلام لوقف بث هذه القنوات. وكشف النائب الدكتور عمرو حمروش، أمين لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، عن تقدمة بطلب عاجل إلى رئيس البرلمان موجهًا إلى الهيئات الإعلامية، وذلك لمواجهة القنوات التي تبث إعلانات الدجل والشعوذة، بحجة علاج المس والجن والعفاريت، قائلاً: "كل هذه خرافات لابد وأن تواجه بحزم، ومنع هذه القنوات من البث، خاصة التى تبث من داخل البلاد، حيث إن تلك القنوات تعمل على تدمير المجتمع". وأضاف في تصريح صحفي، أن "هذه القنوات تدعى أنها قنوات تبث مواد دينية، ولكنها تعمل على هدم المفاهيم الصحيحة ولابد من مواجهتها، وغلق جميع منافذها". وأشار إلى أنه يوجه طلبه إلى رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لبحث هذا الأمر وخاصة مع وجود هذه القنوات، وأيضًا مواجهة الإعلانات المضللة التي تبث على القنوات بحجة دواء الأعشاب وغيرها من الخرافات. وقال هشام قاسم، الناشر والخبير الإعلامي، إن "الدولة لا تريد برامج هادفة، لأنها تخلق حالة وعي ثقافي لدى المشاهدين، في المقابل تريد تغييب المشاهدين من خلال عرض البرامج الهابطة وقنوات الدجل". وأضاف: "في الوقت الحالي ظهر العديد من البرامج عبر برنامج "اليوتيوب" تجذب العديد من المشاهدين والمتابعين لها وتشجع على الانحدار الأخلاقي". من جانبه، قال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية, إن "هناك سيطرة رسمية على الإعلام، ومحاولة لتقليل البرامج السياسية، ومحاربة المواقع التي تنشر أخبارًا لا تريد الدولة أن يعرفها المواطن". وأضاف صادق ل"المصريون": "بعد ثورة يناير أصبح يوجد انفتاح سياسي ووعي ثقافي لدى المواطنين، عن طريق العديد من البرامج السياسية التي ساهمت في خلق حالة من الوعي لدى المشاهد". وأوضح أن "الدولة لجأت إلى تزويد تلك القنوات بجانب البرامج التي تتكلم عن الهوس الجنسي لجذب المواطنين بعيدًا عن البرامج السياسية". وأشار إلى أن "الدولة تترك البرامج التي تتبني قضايا الحكومة وإنجازاتها، وبرامج الجريمة والانتحار لكي تبعد المواطن عن السياسة". ولفت إلى أن "الترويج لفضائيات الدجل والشعوذة، سببه ضرب هذه القنوات على وتر حساس لضعفاء وجهلاء وحتى مثقفين، انتابتهم حالة يأس بسبب مرض أصابهم أو مصيبة حلت بهم وتعلقوا بأي أمل حتى وإن كان وهميًا". وقال إن "هذه البرامج لها نوعان من الجمهور، أحدهما مؤمن بها ويبحث عنها رغبة في معرفة المزيد من خباياها، ويتعمّد تغييب عقله لتصديق كل ما يصدر عنها, أما الثاني فهو غير مؤمن بها، لكنه يشاهدها فضولاً وتسلية وربما يشارك من باب أن يقنع نفسه بقوته، وأنه لن يقع فريسة للدجل".