يطل علينا بين الفينة والأخرى سياسيون يشتطون فى معارضتهم للرئيس محمد مرسى، تحت ستار الثورية والمدنية، والملاحظ أن جُل هؤلاء ممن ينتمون لما يسمى بالتيار الثالث، وهو تيار يصف نفسه بأنه ضد الاستبداد الدينى والعسكرى، ركنه الأساسى هو الملياردير نجيب ساويرس ويضم أحزاب الكتلة (المصريون الأحرار – المصرى الديمقراطى – التجمع – الجبهة الديمقراطية) ومن أبرز وجوهه (عمرو حمزاوى – أسامة الغزالى حرب – مايكل منير- رفعت السعيد – فريد زهران – عبدالغفار شكر- عماد جاد – حمدين صباحى- جورج إسحاق). هذا التيار يعمل الآن على عدة محاور أهمها إفشال الجمعية التأسيسية للدستور بالتشويه الإعلامى مع تحريضهم المستمر للعسكر على عرقلتها، وشن الحملات الدعائية الممنهجة المخلوطة بشائعات مغرضة ضد مؤسسة الرئاسة والحكومة الوليدة لتشويه صورتهما لدى الجماهير؛ طمعاً فى إجهاض تجربة الرئيس مرسى أو إجراء انتخابات رئاسية جديدة بعد وضع الدستور(وهو هذيان يردده سامح عاشور)، كما يأملون فى تعظيم قدرتهم على منافسة الإسلاميين فى انتخابات البرلمان القادم بوصفهم تياراً مدنياً سينقذ البلاد من حكم المرشد!! إلا أن هذا التيار تعتريه عوامل عديدة تحدُ من شعبيته، وتهدم مصداقيته السياسية والأخلاقية ومنها: 1-خرج هذا التيار للنور فى 23 يونيه2012 بُعيد اصطفاف القوى والشخصيات الوطنية الثورية مع الرئيس مرسى (22يونيه) ضد محاولات تزوير النتيجة لشفيق، وقد أكد مؤسسوه يومها وقوفهم على الحياد بين المرشحين!!!، وهو ما يطعن فى ثورية هؤلاء، فضلاً عن إيمانهم بالديمقراطية إذ كيف يدعون دفاعهم عن الثورة والمدنية؟ وهم يهيئون الأجواء لتزوير الإرادة الشعبية عبر اصطناعهم حياداً زائفاً بين رئيس شرعى فوزه موثقُ بمحاضر الفرز وبين مرشح الفلول والثورة المضادة. 2-يدعون معارضتهم لاستبداد العسكر، وقد حرضوهم طوال عام ونصف على تشكيل جمعية غير منتخبة لكتابة الدستور، ثم ساندوا الإعلان العسكرى غير الدستورى المكبل، والأدهى أن رموزهم (نجيب ساويرس – أسامة الغزالى حرب) قد دعوا علناً لاستمرار حكم العسكر ل3سنوات بعد خلع مبارك بدعوى استقرار البلاد وإنضاج التيارات الليبرالية قبل خوض غمار الانتخابات، فأين الدليل إذن على معارضتهم المزعومة للاستبداد العسكرى؟ 3- يتشدقون بتقديسهم للديمقراطية والحرية، وقد رحبوا بفوز شفيق (بالتزوير)، وقبلها هللوا لحل أول مجلس شعب شرعى منتخب منذ60عاماً ليتخلصوا من الأغلبية الإسلامية، ويدعون أنهم التيار الشعبى، بينما يسخرون من إرادة الشعب زاعمين أن فوز الإسلاميين بالانتخابات يرجع إلى جهل الشعب المصرى وأميته. 4- يجمع رموز التيار الثالث بين الُبعدين الطائفى والعلمانى المتطرف وكلاهما عدو لدود للاتجاه الإسلامى، ويظهر هذا البعد الطائفى بوضوح عند (نجيب ساويرس، مايكل منير)، فالأول كان مقرباً لمبارك ومعارضاً لخلعه ثم لبس رداء الثورة وتظاهر بالعداء للعسكر قبل أن يدعمهم لحل البرلمان، ثم يسخر فضائياته لدعم شفيق بقوة ضد مرشح الثورة، لكن الأخطر هو مطالبته الواضحة المتكررة لأمريكا والغرب بالتدخل فى السياسة المصرية ومنع الإخوان المسلمين من الوصول للحكم، وذلك فى عدة برامج حوارية علنية فى كندا والولايات المتحدة بدعوى حماية الأقلية المسيحية والحريات العامة، أما مايكل منير أحد زعماء أقباط المهجر، فلطالما نشر الأكاذيب عن اضطهاد ممنهج تتبناه الحكومة ويمارسه المسلمون ضد ما أسماه الأقلية المسيحية، مطالباً بقطع الكونجرس للمعونة والتدخل لحماية الأقباط، أما عن التطرف العلمانى فيكفى أن يمثله رفعت السعيد صنيعة النظام البائد والمعين عضواً فى مجلس الشورى لسنوات طوال وقد نذر حياته لمحاربة الإسلاميين والتشهير بهم دون نظر لمصلحة وطنية، بل أنه فى سبيل القضاء على الإسلاميين يبدو على استعداد للتحالف مع الشيطان. [email protected]