حالة من التحدي والإصرار أصابت الفتيات والسيدات فى مصر، وذلك فور انطلاق هاشتاج يتحدث عن مبادرة جديدة "امسك متحرش"، ويتم التفاعل مع الهاشتاج من خلال تسجيل فيديوهات مصورة للمتحرشين من قبل الفتيات لفضحهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ومنصات العمل النسوى بمختلف أنواعها فى مصر. ومؤخرًا انتشرت مجموعات على منصات التواصل الاجتماعي، للتشهير بالمتحرشين عقابًا لهم على الفعل المُجرم قانونًا، أبرزها "افضح متحرش"، و"امسك متحرش"، و"مش ها سكت عن التحرش". ويأتي "التجريس الإلكتروني" بالمتحرشين كخطوة أعلى من التدوين عن التحرش، الذي لاقي إقبالًا واسعًا بين النساء، خلال الأشهر الماضية، على عدة وسوم "هاشتاجات" من بينها "me too " "أنا أيضًا"، وأثار هذا العمل من المواجهات الاجتماعية لظاهرة التحرش، جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، عقب قيام فتاة عشرينية بتصوير على إنستجرام واقعتي تحرش تعرضت لهما أثناء انتظارها حافلة فى القاهرة. وكان أحد المقاطع المصورة لشاب يبدو ثلاثيني وهو يعرض على الفتاة تناول فنجان قهوة في أحد الأماكن، غير أنه انسحب فور انتباهه لقيامها بالتصوير، ما أثار جدلًا بين مؤيدين ومعارضين لسلوك الشاب على منصات التواصل، والمقطع الثاني في المكان ذاته لرجل أربعيني يدعوها لركوب سيارته ويعرفها على اسمه، وعندما يدرك أنها تقوم بتصويره قال متهكمًا: "ها تنشري على فيس بوك وتويتر وإنستجرام وتقولي امسك متحرش. كان نفسي اشتهر". ونالت الفتاة انتقادات دعتها تقوم بتسجيل مقطع مصور ثالث لها دافعت خلاله عن مظهرها قائلة: "كل الفتيات تتعرض للتحرش سواء محجبات أو غير محجبات حتى المنتقبات يتم التحرش بهن". وقال فتحي فريد، منسق مبادرة "أمان" لمناهضة العنف الجنسي (غير حكومية، مقرها القاهرة)، إن "التجريس الإلكتروني لجريمة التحرش بات جزءًا أصيل من مقاومة ومناهضة الظاهرة ، وهى الوسيلة الأكثر تأثيرًا لما تسببه من "حرج اجتماعي للمتحرشين"، مشيرًا إلى أن هناك العديد من وقائع التحرش لم تكن تلاحق قضائيًا في مصر لولا النشر على منصات التواصل، ولذلك أصبح التجريس الإلكتروني للمتحرشين وسيلة تكتسب يوميًا شعبية أكبر . وأكد فتحي فريد، لجوء معظم الفتيات إلى تجريس المتحرشين على الانترنت ل"التحايل على الصعوبة البالغة في إثبات وقائع التحرش في القانون المصري"، مشددًا على ان إثبات وقائع التحرش الجنسي في مصر تشوبه حالة من الاستحالة، لأنه يفترض أن تتمكن الفتاة المتضررة من القبض على المتحرش واقتياده لأحد مراكز الشرطة وتوافر شهود عيان للواقعة، هو ما يصعب تحقيقه ، مشيرًا إلى أن سهولة إثبات وقائع التحرش الإلكتروني التي يتم التوصل إلى المتحرش وملاحقته قضائيًا بواسطة إدارة مكافحة جرائم الإنترنت التابعة لوزارة الداخلية. وفي مقال نشر بصحيفة الأهرام قال الأكاديمي حمدي عبد العظيم، الرئيس الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية ،إن التجريس الإلكتروني للمتحرشين عبر الإنترنت ومواقع التواصل بات عقوبة رادعة ، وتابع عبد العظيم "العصر الحديث يفرض أن يتم التجريس الإلكتروني لمرتكبي الجرائم غير الإنسانية كالتحرش والبلطجة، كعقوبة رادعة لهم تتفق مع عصر العولمة فيصير تجريسًا معولمًا". وفي 2014، غلظت مصر العقوبة على جريمة التحرش الجنسي لتصل إلى الحبس 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 3 آلاف جنيه (170 دولار)، ولا تزيد على 5 آلاف جنيه (280 دولار). ومؤخرًا، توسع القانون المصري في تعريف جريمة التحرش ليشمل "كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة، بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية". ورغم تغليظ العقوبة على جريمة التحرش، لكنها لا تزال تحدث على نطاق واسع، وفق رصد منصات نسوية غير حكومية، ما دفع كثيرين لعرض صور ومقاطع مصورة (فيديو) لمتحرشين، بغرض فضحهم اجتماعيًا وملاحقتهم قضائيًا. وتعاني البلاد من بلوغ ظاهرة التحرش إلى مستوى خطير منذ سنوات، إذ قدرت هيئة الأممالمتحدة للمرأة أن نسبتها في مصر بلغت حدا قياسيا (يطال حوالي 99 بالمئة من النساء) في 2013.