هذا هو عنوان البرنامج الشهير الذى فاجأ به طونى خليفة مشاهديه هذا العام والحقيقة أن عنوان البرنامج يحمل فى طياته دلالات سلبية ومؤلمة لكل المناوئين والكارهين للإخوان وللتيار الإسلامى الذين لم يكونوا يتخيلون أن يعتلى كرسى الحكم فى مصر إخوانى قط فى يوم من الأيام. رغم أن هذا الزمن الإخوانى تأخر قرابة الستين عاماً بعد أن استطاع عبد الناصر أن يعصف بالإخوان قيادة وتنظيمًا ويفرض بحقهم معاملة أمنية قاسية استمرت لعقود بعد رحيله فثورة يوليو ما كان لها أن تنجح لولا التحالف الوثيق بين الضباط الأحرار وجماعة الإخوان، بل إن الثابت تاريخيًا أن تنظيم الضباط الأحرار نشأ وترعرع فى أحضان جماعة الإخوان فقبل عدة سنوات كنت قد أجريت حوارًا مطولاً مع الأستاذ / أحمد رائف – رحمه الله – صاحب الكتاب الشهير "البوابة السوداء" الذى يروى فيه مأساته فى سجون ناصر على خلفية التحقيق معه فى تنظيم 65 فكان مما قاله الأستاذ / رائف لى فى شهادته: "استطاع محمود لبيب (وهو من ضباط الإخوان فى الجيش) تجنيد العديد من ضباط الجيش فى النظام الخاص منهم جمال عبد الناصر، وحسين حمودة، وخالد محيى الدين وقد ذهب ثلاثتهم للبيعة فى حى الصليبة وأداء اليمين أمام الشيخ / صالح عشماوى.." وعندما مات الصاغ / محمود لبيب نتيجة مرض أصابه لم يجد أوثق من عبد الناصر ليأتمنه على أسماء النظام الخاص من الضباط وهو ما أكده لى رائف بقوله: "وقد روى لى حسين حمودة – عليه رحمة الله – أنه ذهب إلى الصاغ / محمود لبيب بصحبة عبد الناصر وذلك فى مرض الموت، وعندما هما بالخروج من عند محمود لبيب نادى محمود على عبد الناصر، يقول حسين حمودة: فانتحيت جانبًا ولكنى كنت أراهما... فرأيت محمود لبيب يعطى عبد الناصر ورقة مطوية من تحت وسادته بالإضافة إلى مبلغ مالى... وعندما انصرفنا سألت عبد الناصر عن الورقة وعن الفلوس فقال لى: هذه طلبات يريدها محمود لبيب ومازحنى قائلاً: يبدو أن محمود لبيب عاوز يتزوج.... ومات بعدها محمود لبيب.... وفى جنازة محمود لبيب كان يسير المستشار/ منير الدلة ( عضو مكتب الإرشاد ) بجوار عبد الناصر (وينبه رائف على أن هذه الرواية رواها له المستشار الدلة نفسه) فقال لعبد الناصر: الرجل مات وأخذ معه كل أسرار النظام الخاص للضباط فما العمل ؟ فقال عبد الناصر: لا تقلق فأنا معى كل الأسماء.. وكل ما يخص النظام الخاص أعطاها لى محمود لبيب قبل موته...." ولك أن تعلم أن المضى قدمًا فى تنفيذ قرار الثورة كان متوقفًا على موافقة حسن الهضيبى، المرشد العام للإخوان آنذاك، وكان لابد من الحصول عليها... وقد تحمل أحمد حلمى عبد المجيد مسئول النظام الخاص حينها مسئولية الحصول على موافقته وقد ذهب لمقابلة الهضيبى فى الإسكندرية وظل يقنع فيه وقتًا طويلاً بالموافقة على الانقلاب إذ أن الهضيبى كان يرفض هذه الخطوة فى البداية ولكنه استجاب بعد طول إلحاح وإقناع من عبد المجيد، وكانت موافقة المرشد العام للإخوان هى أهم ما يحتاجه عبد الناصر والضباط الأحرار للتحرك للإطاحة بالحكم الملكى. ولكن زمن الإخوان الذى تأخر ستين عامًا جاء مختلفًا فقد جاء عبر إرادة شعبية حرة ونزيهة وليس عبر الدبابات والمجنزرات وبعد عقود طويلة من المحن والبلاءات طالت الجماعة وبقية فصائل الحركة الإسلامية مما يفرض على الإسلاميين جميعًا مزيدًا من التسامح والعفو والتغافر والانتقال من تفكير وتدبير "رجال التنظيم" إلى سلوك ورشد "رجال الدولة" فالشعب ينتظر منهم الكثير. [email protected]