"لقد فشلنا في كافة السبل، وأصبحنا في طريق مسدود.. سنعطي مهلة أخيرة لمدة 30 يومًا".. هكذا صرح وزير الخارجية، سامح شكري، بعدما انتهى من مباحثات الاجتماع التساعي، بخصوص مفاوضات سد النهضة الإثيوبي في العاصمة السودانية الخرطوم، والذي يعد الاجتماع الأول الذي جمع كافة الأطراف، عقب انتخاب الحزب الحاكم في إثيوبيا، "أبي أحمد"، رئيسًا للوزراء؛ خلف مريام ديسالين، المستقيل عقب احتجاجات شعبية. تصريحات الوفد المصري بانسداد الأفق في المفاوضات مع الجانب الإثيوبي بخصوص سد النهضة، فتح الباب مجددًا لإمكانية لجوء مصر إلى الحل العسكري، بضرب سد النهضة، والهروب من فكرة الجفاف المائي الذي قد تتعرض له مصر في المرحلة المقبلة، في حال استمرار الحال على ما هو عليه، وعدم اقتناع إثيوبيا بجدوى عدم استكمال بناء سد النهضة، والأضرار الناتجة عنه للمنطقة الإفريقية والدولة المصرية على الأخص. المفاوضات تُعجل بالحل العسكري الدكتور حسام رضا، الخبير في الشأن المائي، قال إن مصر عليها استخدام كافة الكروت التي تُجبر الجانب الإثيوبي في النهاية، على الرضوخ لمطالب مصر والسودان، مؤكدًا أن استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه أكثر من ذلك، يُعجل باللجوء للحل العسكري، حيث إنه بات قريبًا وليس مستبعدًا كما كان يُعتقد من قبل، إضافة إلى أنه لن يكون أمام مصر إلا ذلك الحل. وخلال حديثه ل"المصريون"، أضاف رضا، أن ملء السد والمقاييس الفنية، لا يعرف أحد عنها شيئًا حتى الآن، مشيرًا إلى أن الجانب الإثيوبي، لم يُقدمها إلى اللحظة، وذلك بحسب ما أعلنه المكتبين الفنيين، حيث أشارا إلى أنه لم يصلهما الرسومات المطلوبة؛ لمعرفة ما إذا كان هناك عيوب وكوارث ستنتج عن السد أم لا. وأضاف أن عدم تقديم تلك الرسومات يُشير إلى أنها ليست في حوزتها، وأنه تم البناء باستعجال دون رسومات، أو أنها تريد حجبها عن تلك المكاتب، مضيفًا أن الكارثة لن تحل على مصر وحدها، أو مقتصرة عليها فقط، وإنما على باقي الدول الأخرى. الخبير المائي، نوه بأن مصر عليها استخدام الكروت التي تمتلكها من اليوم وليس الغد، مشيرًا إلى ضرورة التنسيق والتوصل لنقاط تفاهم بين مصر والسودان؛ لمواجهة تلك الأزمة، وهذا جاري خلال تلك الفترة –بحسب رأيه. وتابع: "لابد من التواصل مع الشعب الإثيوبي، حيث إنه شعوب إثيوبية وليس شعب واحد، وهناك قبائل كثيرة ستتضرر جراء ذلك السد؛ لذا يجب التواصل معها، وهذا مشروع، كذلك على مصر التواجد في جميع الدوائر المحيطة بالأزمة، بدًأ من جنوب السودان وإريتريا وأوغندا، والصومال، وغيرها". برأي "رضا"، فإن مصر عليها أن تتجه لمجلس الأمن والأمم المتحدة، إذا استمر الأوضاع على ذلك، فكل هذه طرق مشروعه لابد من سلكها قبل أي تصعيد عنيف. أديس أبابا لن تقدم أي تنازلات أما، السفيرة منى عمر، مساعدة وزير الخارجية للشئون الأفريقية سابقًا، قالت إن دلائل مفاوضات سد النهضة، تشير إلى أنه لا توجد أي نية لدى إثيوبيا لتقديم أي تنازلات للوصول إلى حل. وأشارت خلال اتصال هاتفي عبر فضائية "دي إم سي"، اليوم الجمعة، إلى أن الجانب المصري كان مرنًا، وعمل على الوصول إلى صيغة ترضي الأطراف الثلاث، مشددة على ضرورة وجود معايير جديدة في إطار سلمي للتفاوض بين الثلاث دول. إلى هذا، قال الدكتور نور أحمد نور، الخبير المائي، إن ما حدث خلال الاجتماع التُساعي، مراوغة جديدة من الجانب الإثيوبي، مؤكدًا أن تلك المراوغات مستمرة وستستمر وستستمر طويلًا، وليس أمام مصر إلا المفاوضات. وأضاف ل"المصريون"، أن مصر تتبع منذ بدء المفاوضات، سياسة النفس الطويل، التي تساعد على حلحلة الوضع الحالي، وتبتعد عن العنف والتعنت، اللذين يؤديان إلى تعقيد الأزمات. "نور"، نوه بأن "أديس أبابا"، تعاني حاليًا من أزمة حادة فيما يخص تمويل السد، ولذلك تحاول كسب وقت أطول، لإنهاء تلك الأزمة، ومعاودة العمل مرة أخرى فيها، غير أن مصر ليس أمامها أيضًا إلا المفاوضات. وأشار إلى أن المفاوضات في البداية كانت على المستوى الفني فقط، ثم تحولت من ذلك المستوى إلى آخر وهو الفني والدبلوماسي، وحاليًا صارت على المستوى الفني والدبلوماسي والرئاسي. الخبير المائي، نصح بعدم اللجوء لأي حل عسكري، معللًا ذلك بأنه سيترتب عليه نتائج لا تحمد عقباها، إضافة إلى أنه ليس المسار الصحيح، بل المفاوضات. وكان، وزير خارجية السودان، إبراهيم غندور، أعلن فجر الجمعة، فشل التوصل إلى توافق بشأن قرار مشترك بين دول السودان وإثيوبيا ومصر حول سد النهضة الإثيوبي. جاء ذلك في تصريحات صحفية، لوزير الخارجية، عقب نهاية مباحثات الاجتماع الثلاثي لمصر وإثيوبيا والسودان، حول سد النهضة. وأوضح "غندور"، أن الاجتماعات شارك فيها وزراء الخارجية، والري ومديرو المخابرات للبلدان الثلاثة، وقيادات هندسة. وقال الوزير: "جلسنا وناقشنا كثيرًا من القضايا، لكن في النهاية لم نستطع الوصول لتوافق للخروج بقرار مشترك”، مستطردًا "فهذا هو حال القضايا الخلافية تحتاج لصبر وإرادة". إثيوبيا مدعومة عسكريًا من دول عظمى وفي هذا الإطار، قال اللواء عبد الرافع درويش، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن شن حرب عسكرية على إثيوبيا قد يبدو أمرًا سهلًا، نظرًا لفارق الإمكانات العسكرية بين كل من إثيوبيا ومصر، التي تملك 7 أقوى جيش في العالم، وبالتالي يطرح البعض هذه الفكرة ويركن إليها، إلا أن اللجوء إلى الحل العسكري سيستفيد منه دول أخرى مثل إسرائيل، والتي تدعم الجانب الإثيوبي بشكل معلن وغير معلن لبناء سد النهضة، وهي بذلك تسحب مصر إلى حرب عسكرية تستنفد خلالها قوتها وتصبح منفردة في المنطقة بعدها. وأضاف "درويش"، في تصريح ل"المصريون"، أنه بعد انتهاء فترة الثلاثين يوم المحددة من قبل وزارة الخارجية بخصوص مفاوضات سد النهضة، يجب على مصر دراسة الحل العسكري جيدًا، والتمهيد له، ودراسة كافة الأبعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية المترتبة على استخدام الحل العسكري، خاصة وأن مصر لن تترك دولة تعبث بأمنها المائي، وتسرق مياهها وتتركها، وهو أمر يهز صورة مصر، ويقضي على هيبتها. اللواء جمال مظلوم، الخبير العسكري والاستراتيجي، أكد أن استخدام الدولة المصرية للحل العسكري، ربما لا يعتبر الاختيار الأمثل في هذه المرحلة، والتي تمر فيها مصر باضطرابات سياسية واقتصادية، تجعل من شن حرب حتى لو كانت مصغرة، مع أطراف مجهولة، غير محمودة العواقب، خاصة وأن مصر تشن حربًا بالفعل في شبه جزيرة سيناء ضد قوي الشر من التنظيمات الإرهابية، وهي حرب لها خسائر بالطبع، فما بالك بحرب مع دولة مدعومة من قوى عظمى في المنطقة. وأضاف "مظلوم"، في تصريح ل"المصريون"، أن الحل العسكري يجب أن يتم طرحه في نهاية المطاف، وبعد انتهاء كافة المفاوضات التي تخوضها مصر في المرحلة الأخيرة، حتى تقوم مصر باللجوء إلي الحل العسكري، ولا يمكن لأحد في هذه الحالة أن يتهم مصر بشن حرب، خاصة مع استنفادها كافة الطرق السلمية، في مواجهة الآمال الاستفزازية التي تقوم بها إثيوبيا بجانب النظام السوداني، والذين لا يقبلون الجلوس في مفاوضات شفافة، يحقق فيها جميع الأطراف مكاسب مقبولة دون خسائر، ولا يمكن لمصر أن تقبل بمثل هذه التصرفات.