قانونيون: "إهانة القضاء" سلاح لضبط الجلسات.. والسجن عقوبة مَن يخل بها صحفيون ومحامون وحراس المحكمة أبرز مَن حبسوا على ذمة القضية وقانوني: يجوز الطعن على الحكم كثيرًا ما نسمع عن حبس شخص أو متهم ما على ذمة قضية إهانة القضاء أو القضاة أو هيئة المحكمة، ولكن لا نعرف ماهية التهمة أو متى يعتبر الحديث أثناء المحاكمات إهانة للمحكمة أو الحديث على العام إهانة للقضاء وهو ما شرحه قانونيون بشكل كامل. إهانة القضاء وإهانة المحكمة فى البداية، يقول أحمد مهران، أستاذ القانون ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، إن هناك فرقا بين إهانة المحكمة وإهانة القضاء؛ فالأولى جريمة تحدث أثناء انعقاد الجلسات داخل المحكمة وتوجه للشخص تهمة إهانة المحكمة حال فعله ما يجعل المحكمة تشعر بالإهانة كالمقاطعة أو التشكيك فى نزاهة الهيئة، أما إهانة القضاء فتكون خارج جلسات المحاكمة كالحديث فى وسائل الإعلام بألفاظ تهين القضاء، فمن حق رئيس نادى القضاة التقدم ببلاغ للتحقيق فى الواقعة وإحالتها للمحكمة للنظر فيها، وهى فى جميع الأحوال تعد جنحة عقوبتها الحبس من 24 ساعة وحتى 3 سنوات. وأضاف مهران، أن هناك ما يسمى بجرائم الجلسات فى القانون، وهى الجرائم التى تتم داخل قاعة المحكمة، وأثناء انعقاد الجلسة، ويجوز للمحكمة أن تحرك الدعوى الجنائية فيها وأن تحبس المتهم احتياطيا وإحالة الدعوى للنيابة العامة وإخطار نقابة المحامين إذا كان المتهم محاميا. وأشار إلى أن هناك أشياء تباح للمحامى داخل المحكمة أثناء انعقاد الجلسة والمرافعة، قائلا إن كل ما يصدر من المحامى أثناء المرافعة أمام المحكمة يعد سببا من أسباب الإباحة يجيز للمحامى أن ينتقد أو أن يعترض أو أن يخرج عن اللائق أحيانا، وفقا للضرورة التى تتطلبها عملية الدفاع. وتابع مهران، أن المحكمة فى الظروف العادية أحيانا تتجاوز عما يصدر ضدها وتغض الطرف حتى لا تكون المحكمة خصما وحكما فى ذات الوقت، بأنه حال تحريكها دعوى تتهم فيها محاميا مثلا بإهانة المحكمة ما يتيح أن يطلب المحامى على إثره تنحى المحكمة عن نظر القضية لوجود خصومة بينه وبين الهيئة فتلجأ المحكمة لغض الطرف عن تلك الكلمات، وتستمر فى نظر الدعوى، وهو أمر متروك للمحكمة وللهيئة. التصدى لكل ما يخل بالجلسات ولفت مهران إلى أنه فى الظروف الحالية ومع كثرة عدد القضايا المنظورة أمام القضاء ترتب عليه أن هيئة المحكمة تتشدد للتصدى لأى خروج عن اللائق والمقبول أثناء المحاكمة داخل قاعة المحكمة لضبط الجلسات، وتلجأ المحكمة للتصدى لأى أمر غير مقبول بتحريك الدعوى الجنائية وحبس المتهم احتياطيا حتى يتم نظر الدعوى من قبل النيابة العامة وإحالتها مرة أخرى للمحكمة لإصدار الحكم فيها. مَن يتعرض لعقوبة إهانة المحكمة وعمَن يتعرض لاتهام إهانة المحكمة، قال مهران إن كل من يوجد بالجلسات داخل القاعة سواء كانوا متهمين تنظر المحكمة قضيتهم أو محامين أو الجمهور أو الصحفيين أو حتى حرس المحكمة، مشيرا إلى أنه حال إخلال أحد من السابق ذكرهم بالجلسات وفعل ما يعتبر إهانة للمحكمة تستطيع المحكمة تحريك دعوى ضدهم فورا وتصدر حكما بحبسهم يبدأ من 24 ساعة وحتى 3 سنوات كحد أقصى. واستدرك، أنه بالنسبة لحبس المحامين عن نفس التهمة، قال إن المحامى أثناء مرافعته تكون لديه حصانة حتى لو تحدث وانتقد المحكمة وأهانها، فالمحكمة تقوم هنا بلفت نظره لعدم تكرار الفعل والبعد عنه، مؤكداً أن ما يخرج من المحامى أثناء المرافعة يخرج عن رقابة القانون. وأوضح مهران أن المحامى إذا كان خارج إطار المرافعة ووجه إهانة للمحكمة فمن الممكن أن تقوم المحكمة بحبسه 24 ساعة للإخلال بنظام الجلسات. هل من حق المحكمة أن تحرك الدعوى وتحقق وتصدر حكما فوريا بالحبس؟ أكد المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق، أنه فى جرائم الجلسات مثل إهانة المحكمة أو الاعتداء على أحد موظفى المحكمة، هناك نص فى القانون يسمح لهيئة المحكمة المنظور أمامها الدعوى أن تقيم الدعوى الجنائية على المتهم – أى تقوم بدور النيابة – وتوجه إليه الاتهام وتستمع إلى طلبات النيابة العامة فى هذا الشأن ثم الدفاع إذا كان حاضرا ثم تقضى بالعقوبة فى الجلسة. واستند رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق على أن الإجراء استنادا لنص المادة رقم (13) من قانون الإجراءات الجنائية التى تنص على: "لمحكمة الجنايات أو محكمة النقض فى حالة نظر الموضوع إذا وقعت أفعال من شأنها الإخلال بأوامرها أو بالاحترام الواجب لها أو التأثير فى قضائها أو فى الشهود وكان ذلك فى صدد دعوى منظورة أمامها أن تقيم الدعوى الجنائية على المتهم". واستدرك السيد أن هناك حالة واحدة لا تملك المحكمة تحريك الدعوى وإصدار الحكم فى نفس الجلسة، وهى أن يكون المتهم محاميا، مشيرا إلى أن قانون المحاماة ينص على أنه إذا ارتكب المحامى تهمة إهانة المحكمة، على الهيئة أن تحرر مذكرة بما حدث منه وتقدمها للنيابة العامة وتحال بعد ذلك إلى محكمة أخرى للفصل فيها، وإخطار نقابة المحامين بذلك. ما الأمور التى تعتبر إهانة للمحكمة؟ وشرح المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق والفقيه الدستوري، تهمة "إهانة المحكمة"، بأنها جزء من جريمة "إهانة القضاء" ولكنها تشتمل على الجرائم التى وقعت أثناء انعقاد الجلسات ورأى القاضى أن تلك الجرائم أخلت بالجلسة. وتابع أن إهانة القضاء بشكل عام تشمل جرائم الجلسة، أو توجيه الإهانة والسب والقذف للسلطة القضائية عبر وسائل الإعلام المختلفة؛ من بينها "مقاطعة القاضي، أو سب أو قذف أحد أعضاء هيئة المحكمة، أو إحداث شغب أثناء الجلسة، أو رفع شعارات تقلل من القضاء وسيادة القانون". هل من حق مَن صدر ضده حكم بإهانة المحكمة نقضه؟ وأكد الجمل أنه حال حدوث أى من حالات الإخلال بالجلسات يتم تحريك الدعوى من قبل المحكمة وإصدار الحكم فيها فورا، كما يجوز للمتهم، كأى قضية جنائية أخرى، أن يطعن على الحكم الصادر من هيئة المحكمة التى تعرضت للإهانة، أو من المحكمة التى نظرت الدعوى. المواد التى تنظم إجراءات دعوى إهانة المحكمة وقال مصدر قضائي، إن قانون الإجراءات الجنائية نص على عدة مواد تنظم التعامل مع جريمة إهانة القضاء بشكل عام أو الإخلال بنظام الجلسات داخل القاعة؛ من بين تلك المواد المادة 13 السابق ذكرها فضلا عن المواد 243 و244و 245و 246 وهى كالتالي: فقضت المادة 243، من قانون الإجراءات الجنائية أن ضبط الجلسة وإدارتها من اختصاص رئيسها، وله فى سبيل ذلك أن يخرج من يخل بنظامها، فإن لم يمتثل وتمادى كان للمحكمة أن تحكم على الفور بحبسه 24 ساعة أو بتغريمه 10 جنيهات، ويكون حكمها غير جائز استئنافه وللمحكمة حق الرجوع عنه قبل انتهاء الجلسة. ونصت المادة 244: "إذا وقعت جنحة أو مخالفة فى الجلسة يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم فى الحال وتحكم فيها بعد أقوال النيابة ودفاع المتهم ولا يتوقف رفع الدعوى فى هذه الحالة على شكوى أو طلب، أما إذا وقعت جناية يصدر رئيس المحكمة أمرًا لإحالة المتهم إلى النيابة العامة وفى جميع الأحوال يحرر رئيس المحكمة محضرًا ويأمر بالقبض على المتهم إذا اقتضى الحال ذلك". وفى المادة 245 قالت: "إذا وقع من المحامى أثناء أداء واجبه فى الجلسة وبسببه ما يجوز اعتباره تشويشًا مخلاً بالنظام أو ما يستدعى مؤاخذته جنائيًا وإلى رئيس المحكمة إذا كان ما وقع منه يستدعى مؤاخذته تأديبيا "محاكمه تأديبية" وفى الحالتين لا يجوز أن يكون رئيس الجلسة التى وقع فيها الحادث أو أحد أعضائها عضوا فى الهيئة التى تنظر الدعوى"، ونصت المادة 246: "الجرائم التى تقع فى الجلسة قبل انعقاد المحكمة يكون نظرها وفقًا للقواعد العادية". أحكام صدرت بتهمة إهانة القضاء وهيئة المحكمة ففى أواخر ديسمبر الماضى قضت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطرة، برئاسة المستشار حمادة شكرى، بحبس محمد مرسى وسعد الكتاتنى، و18 آخرين 3 سنوات فى قضية إهانة السلطة القضائية، والإساءة إلى رجالها والتطاول عليهم بقصد بث الكراهية. كما قضت بتغريم توفيق عكاشة وعمرو حمزاوى وعلاء عبد الفتاح و2 آخرين 30 ألف جنيه، وقضت المحكمة بإلزام محمد مرسى بدفع مليون جنيه للقاضى على محمد النمر على سبيل التعويض المدنى المؤقت، وقضت بإلزام المتهمين جميعا بدفع مليون جنيه لكل منهم لنادى القضاة عدا المتهمين محمود السقا وتوفيق عكاشة. وفى 31 يوليو 2016 قضت محكمة جنايات جنوبالقاهرة، والمنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطرة، برئاسة المستشار حسن فريد، بحبس متهمين سنة مع الشغل فى محاكمة 67 متهما فى قضية اغتيال النائب العام السابق المستشار هشام بركات، بينهم 51 متهما محبوسين. وقام المتهمان محمود الأحمدى، ومصطفى رجب برفع الحذاء والطرق على الزجاج، ما اعتبرته المحكمة إهانة لها طبقا لنص المادة 243، وقضت المحكمة بحبس المتهمين سنة مع الشغل. حبس فرد أمن من حرس المحكمة وفى 25 نوفمبر 2015، قضت محكمة جنايات القاهرة والمنعقدة بأكاديمية الشرطة المستشار محمد ناجى شحاتة قبل نظر إعادة محاكمة 103 متهمين بالقضية المعروفة إعلاميًا بأحداث مجلس الوزراء، حبس أحد أفراد حرس المحكمة لمدة 24 ساعة، بسبب حديثه إلى المحكمة أثناء نظر الجلسة. حبس محامٍ وضابط شرطة وفى 19 ديسمبر 2016 قضت محكمة جنايات الفيوم بحبس محامٍ وضابط شرطة 24 ساعة بسبب رنة هاتفيهما "المحمول"، كما قضت المحكمة بحبس الضابط شهرا بسبب اعتراضه على قرار الحبس 24 ساعة. حبس مصور وصحفي وفى 9 أبريل 2015، أمر المستشار محمد شيرين فهمى، رئيس محكمة جنايات القاهرة، التى تنظر القضية المعروفة إعلامياً بأحداث «اقتحام قسم التبين»، بحبس الزميل أحمد المصرى، المصور ب«المصرى اليوم»، 24 ساعة، بسبب رنة هاتفه أثناء انعقاد الجلسة، ووجهت له المحكمة تهمة إحداث الضوضاء وعرقلة عملها. وفى 22 مارس 2015 أمر المستشار محمد شيرين فهمي، رئيس هيئة محكمة جنايات جنوبالقاهرة، التى تنظر وقائع محاكمة 47 متهمًا بقضية «اقتحام قسم التبين»، بحبس صحفى لمدة 24 ساعة، بسبب إخلاله بنظام الجلسة أثناء انعقادها.