عاصفةٌ من الغضب تخلَّلها بذاءات وتهديدات وتطاول على الرئيس مرسى بسبب قرار عودة البرلمان، بل وصل الأمر ببعض المجانين للدعوة للانقلاب العسكرى على الرئيس المنتخب. وكأننا نعيش فى غابة لا تُحْتَرم فيها إرادة الجماهير الذين هم مصدر السلطات، ومنبع الشرعية الثورية الذين سطَّروا ملحمةً وطنيةً فى انتخابات حرَّة نزيهة جاءت بالبرلمان والرئيس. الثعابين والحيَّات خرجت من جحورها تنفُثُ سمومها، خلال الأيام الماضية وكأنَّ الرئيس أتى منكرًا من القول وزورًا، ولا ندرى أين كانت المفاجأة فى قرار الرئيس بسحب قرار المجلس العسكرى والخاص بحل البرلمان.. خصوصًا أنَّ الرجل كان واضحًا منذ اليوم الأول وفى خطابه أمامَ كل رموز الدولة، بما فيهم سعادة المشير أنَّ "المجالس المنتخبة ستعود". فعودة البرلمان كانت متوقعة من رئيسٍ يحترم الإرادة الشعبية التى جاءت به؛ فالرئيس مرسى استشعر المصلحة الوطنية، حينما أصدَر قراره بعودة البرلمان، خاصةً إذا عَلِمْنا أنَّ الانتخابات البرلمانية تكلّفت مليارَى جنيه من خزينة الدولة، فضلاً عن 16 مليارًا أخرى من الأحزاب والقوَى السياسية، التى شاركت فى الانتخابات. الأمر الأهم أنَّ نقيم قرار الرئيس من منظور سياسي؛ لأنه قرار سعَى لحلّ الأزمة وليس جريمةَ استبدادٍ لا تغتفر، كما صوَّرها البعض، فالرجل واضعٌ نصب عينيه المصلحة العليا للبلاد، لإعادة السلطة التشريعية المعطَّلة لممارسة عملها لتكتمل مؤسَّسات الدولة المنتخبة، ولتكون بداية حقيقة للعمل المؤسَّسي، خاصةً أنَّ هناك محاولات خبيثة لإفشال الرئيس وعدم التعاون معه من الوزارات والهيئات، التى يسيطر عليها فلول النظام البائد. قوى الظلام الذين يُعَدُّون على الأصابع اليوم يخوضون حرب الرَّمَق الأخير؛ فهم يصارعون سكرات الموت بعد هلاك نظام مبارك، بعضهم يَهْرف بما لا يعرف، والبعض الآخر يشوِّش ويضلِّل الرأى العام، لكن الغريب فعلاً التطاول والجرأة المعيبة على كرامة رئيس الدولة فى وسائل الإعلام، وهى تمارس حريةً غير بريئة بلغةٍ هابطةٍ وتطاولٍ مَعِيب لا علاقة له بحرية التعبير، إنَّما له علاقة وثيقة بإثارة الفوضَى وتوسيع نطاق الإضرابات الفئوية، فى محاولة يائسة لإفشال الرئيس. الأغرب من مسلسل الإعلام الهابط هو مواقف المستشار الزند رئيس نادى القضاة، الذى لم نسمع له صوتًا أيام مبارك ولا وقفة جادّة مع المظلومين أو ضد تزوير الانتخابات، التى كانت شاهد عيان على الطغيان، فجأةً انقلب إلى مناضِل يهدِّد ويحذِّر رئيس الجمهورية ويطالبه بسحب قرار عودة البرلمان ويُمْهِل الرئيس 36 ساعة.. أعتقد أنَّ المصريين تعجّبوا من كلام الزند، ولسان حالهم يقول: "سلامتك أيها الزند ما الذى أصابك"، ولا عجب فى أمر الزند؛ فمنذ أيام خرج يمدح مسيْلمة الكذَّاب"توفيق عكاشة" ناشِر البهتان والأضاليل بأنَّه رجل مخلص ووطنى ورمز للشهامة والوطنية والبطولة.. صحيح "اللى اختشوا ماتوا"!