بينما كان عبد الله جول وزير الخارجية التركى يشارك فى أعمال منتدى المستقبل الثانى الذى عقد بالبحرين بين 11-12 نوفمبر الحالى والذى تراعاه الإدارة الأمريكية على هامش مشروع الشرق الأوسط , كانت مجموعة كبيرة من المفكرين والكتاب والصحفيين والباحثين ومؤسسات المجتمع المدنى بدول منطقة الشرق الأوسط تعقد مؤتمرا مضاداً بإستانبول تحت عنوان " مؤتمر الشرق " .المؤتمر الذى يعقد للمرة الأولى وبجهود فردية وشخصية من الدكتور محمد بكار أوغلو السياسى التركى والنائب السابق لرئيس حزب السعادة المعارض بتركيا , شهد حلقات من الحوار والنقاش وورش ولجان العمل حول تحديد معنى ومفهوم الشرق وتناول موضوعات تختص بإحتلال فلسطين والعراق وأفغانستان وكيفية مواجهة مشروعات أمريكا بالمنطقة وبحث فى قضايا الديمقراطية والحرية والتنمية البشرية والمرأة.ويعد المفكر المصرى حسن حنفى كان أبرز شخصيات المؤتمر والذى تمحورت نقاشاتة وحواراتة حول بعض الأطروحات التى تناولها حنفى فى كتبه وإصدراتة وهو المفكر المصرى المصنف لدى التيار اليسارى التركى على أنه يمثل ويعبر عن اليسار الإسلامى.وفى مداخلتة قال فهمى هويدى الكاتب الصحفى المصرى أنه ليس هناك نهضة بالمنطقة تتعرض للتدمير من طرف أمريكا ولكن هناك مصالح أمريكية وإسرائيلية مشتركة من أجلها تشن اليوم هذه الحرب على المنطقة وبصراحة واضحة إتفق الحضور مع فهمى هويدى والكاتب التركى عبد الرحمن أرسلان وخيرى قيرباش أوغلو ومحمد نور الدين (دورية الأوسط) وكمال حبيب وأحمد عبد الله والباحثة المصرية هبة رؤوف وكاميليا شكرى(الوفد) ومصطفى اللباد(دورية شرقنامه) وغيرهم على عدم وجود أى أمل لدى الشعوب بمنطقة الشرق فى قيام الأنظمة السياسية الحاكمة بالتعبير عن إرادة الجماهير والوقوف صفا واحدا معها ضد المخططات الإمبريالية, وأن الأمل الوحيد هو قوة وإرادة الشعوب وإلتفافها حول بعضها البعض وإستخدام الإمكانيات لمواجهة الحملة الأنجلو سكسونية على الشرق.وإتفق الحضور على أن منظمة المؤتمر الإسلامى منظمة حكومية معبرة عن الحكومات ولا علاقة لها بالشعوب ولذا ليس غريبا أن تقف صامتة وعاجزة أمام مخططات بلع الشرق الإسلامى.وقال مجيد مجيدى(مخرج سينمائى) الإيرانى أن الحملة المسعورة على إيران ترمى لحرمانها من التكنولوجيا المتطورة لكى تظل ضعيفة ولتعميق الهوة العملية والتكنولوجية بين الدولة العبرية وبين دول الشرق الإسلامى.وإعتبر حسنى محلى(إعلامى سورى) أن عقد المؤتمر فى حد ذاتة شىء هام مع ضعف إمكانياتة والشىء الذى يجب التأكيد عليه هو أن الشرق يضم تيارات متعددة وليس التيار الإسلامى وحده وكلها معرضة للخطر اليوم فيجب اللقاء والتجمع والحوار.وفى الوقت الذى شارك وزير الثقافة التركى آتيلا كوتش(حكومة حزب العدالة والتنمية) بكلمة ترحيب فى إفتتاح المؤتمر فإن بلدية المدينة ممثلة فى عبد القادر طوب باش عمدة إستانبول وفيض الله قيقليق رئيس بلدية حي باغجيلار بإستانبول ساهمتا فى تمويل أنشطة هذا المؤتمر وإستضافة ضيوفه. وكان المؤتمرون قد نبهوا في جدالهم الذي لم يخلو من حدة في بعض الجلسات إلي أن " مؤتمر الشرق " هو تعبير عن عالمية شرقية ذات طابع إنساني لا تعادي الشعوب الغربية ولكنها ضد السياسات الإمبريالية التي تمارسها الإدارات الحاكمة في الغرب ضد شعوب الشرق وفي القلب منه العالم الإسلامي . وطالب بيان " مؤتمر الشرق " بضرورة العمل علي استعادة وحدة شعوب الشرق القائمة علي تجربة العيش المشترك ضمن الجغرافيا الطبيعية للمنطقة التي كفلت الحفاظ علي التنوع الخلاق وإثراء التجربة الإنسانية والاجتماعية للمنطقة والتي سعت سعت قوي الاستعمار علي تدميرها لصالح جغرافيا سياسية تكفل مصالحها وتحقق أهدافها في الهيمنة والسيطرة علي مقدرات المنطقة وثرواتها واحتواء تطلعات شعوبها إلي حياة كريمة . وفي الوقت الذي رفض فيه بيان " مؤتمر الشرق " الديموقراطية الغربية التي تريدها أمريكا لشعوب المنطقة أكد علي مسئولية هذه الشعوب ومجتمعاتها المدنية عن بناء مجتمعات ديموقراطية تضمن العدل الاجتماعي ونشر ثقافة الديموقراطية والدفاع عن حرية الإنسان والأوطان معا بمشاركة فعالة للمرأة والشباب . ودعا البيان إلي إعمال مبادئ القانون الدولي في مختلف المؤسسات الدولية بنزاهة ترفض توظيف هذه المؤسسات لإضفاء الشرعية علي سياسة أمريكا وحلفائها للهيمنة علي العالم . واختتم البيان بضرور التعاون مع كل قوي الخير في العالم بما في ذلك المجتمعات الغربية للعمل علي بناء عالم أفضل وأكثر إنسانية يؤمن بعلاقات تقوم علي الاحترام المتبادل بين الشعوب وسيادة ا لقانون الدولي وتوجيه مصادر كوكب الأرض للقضاء علي الفقر والجهل والمرض لكل البشر بصرف النظر عن الدين واللغة والعرق والجنس والسن . كانت فكرة " مؤتمر الشرق " بدأها مثقفون أتراك عقب احتلال العراق وزاروا عددا من الدول العربية منها سوريا ومصر وأصدروا إعلان " مؤتمر الشرق " في ديسمبر 2003 م والذي حاول إحياء فكرة " كومنولث شرقي " للتواصل بين مثقفي وشعوب المنطقة لدفع هجمة الغرب علي هذه الشعوب .