كان الحوار عادياً بين مذيعة قناة النهار وضيفها المحامى (خالد أبوبكر)، وذلك بعد الانتهاء من مراسم تسلم الرئيس للسلطة من المجلس العسكرى، حتى فاجأتنا المذيعة وفاجأت ضيفها أيضا بأن ما شاهده الجميع من حلف الرئيس لليمين أمام الدستورية العليا لم يكن مشهداً حياً! أى لم يكن بثاً مباشرا على الهواء كما ظننا بل كان تسجيلاً ! بادرها الضيف مندهشا: هل هذا الخبر مؤكداً؟ فردت بأنه من مصادر مؤكدة.. وأردفت بأن المستشارة تهانى الجبالى هى صاحبة الخبر وأن ذلك قد تم بناءً على طلب الرئيس.. فاندفع الضيف هاتفا: هذه خديعة وهذا أول خطأ يرتكبه الرئيس فى مستهل ولايته وأنا أطالب ديوان الرئاسة بإعلان هذه الحقيقة للشعب فوراً وهو أمر لايمكن السكوت عليه (انتهى كلام الضيف). وتابع البرنامج سيره الحوارى.. ثم حدثت مداخلة من المستشارة تهانى الجبالى، وبعد الانتهاء من السلام والتحيات سألتها المذيعة عن موضوع الخبر فأفادت بأن البث كان مباشراً وليس مسجلاً وأن الرئيس قد طلب فعلاً فى بداية الأمر تسجيله بيد أنها رفضت هى وزميلان لها من أعضاء الدستورية ذلك وهددوا بالانسحاب من جلسة حلف اليمين إذا لم يكن البث مباشراً؛ فوافق الرئيس.. وتم إتخاذ التدابير اللازمة للبث الحى. ونحن الآن أمام حقيقة وموقف، الحقيقة هى أن مشهد حلف اليمين كان حياً وصادقاً وليس كما ادعت المذيعة زوراً وبهتاناً أنه تمثيلية أراد بها الرئيس خداع الناس لحاجة فى نفس يعقوب لم يقضها، ولاندرى لماذا تضع قناة النهار نفسها فى مأزق كهذا جرياً وراء شهوة السبق الخبرى بلا طائل، فها هى المستشارة قد نفت تماماً أن المشهد كان مسجلاً.. صحيح أن ذكر المصدر خاصة إذا كان رسمياً يحمى المحطة من أى تبعات قد تنجم من نشر الخبر ولكن هذا شريطة أن ينقل الخبر كما هو تماماً بلا زيادة أونقصان وبلا تحريف أو تعديل، وهى المواصفات التى تحدد تعريف الخبر فى عالم الصحافة.. هذه هى الحقيقة. أما الموقف فخاص بالمستشارة التى كانت حاضرة ومشاركة فى النقاش الذى دار بين الرئيس وأعضاء البيت الدستورى حول اقتراحه بالتسجيل، وهو أمر لا يخالف قانوناً مسنوناً طالما سيعلم الجميع بأنه مسجلاً، أما دفع المستشارة فى رفضها لذلك بانعدام الشفافية فنذكرها بأن محاكمات مبارك حظيت بجلسات سرية رغم التعهد سلفاً من قبل القضاء بعلانيتها.. وعموماً هذا ليس بيت القصيد؛ والذى يعنينا هو أن هذا النقاش كانت له خصوصية بين الرئيس والدستورية، ولاشك أن المستشارة تدرك ذلك جيداً، فما الذى دفعها لهتك هذه الخصوصية والمسارعة بتطيير خبرها إلى الإعلام وهى ليست بالأمر الجلل، ثم أن كل مايجرى فى كواليس الحكم والسياسة ليس بالضرورة يصلح للنشر، وهى قاعدة يعمل بها فى دول عريقة فى الديمقراطية مع كامل الاحترم لحق المواطن فى الحصول على المعلومة، هل يقصد من ذلك إظهار تفوق الدستورية ثانية مع تسجيل نصر شخصى للمستشارة هذه المرة!