قنوات الفلول فى الإعلام المصرى الخاص فى حالة يرثى لها، فبعد خسارة مرشحهم المفضل "أحمد شفيق" لا يجدون من يمدحونه ويمجدونه، فحتى المجلس العسكرى قد انقلبوا عليه، بل وزاد الأمر إلى حد التطاول على قادته واتهامهم بأنهم باعوا البلد للإخوان، وهذا التطاول.. أفهمه على أن ثمة اتفاقا أو تطمينات قد حدثت فى وقت من الأوقات بتغيير دفة الانتخابات لإعلان فوز الفريق.. لكن ربما حدث تراجع فى اللحظة الأخيرة عن ذلك، وتم إبراز النتيجة الحقيقية. أغرب ما يمكن أن تجده فى معظم تلك القنوات أن بعضها ادعى الثورية وأنه حليف وداعم للثوار، ومع أول اختبار حقيقى للمفاضلة بين مرشح ينتمى للنظام القديم، ومرشح آخر ينتمى لتيار دينى سياسى كان شريكًا فى الثورة ولا يمكن لأحد إنكار ذلك.. كان اختيارهم المفضل هو مرشح النظام، فالبرغم من أن "محمد مرسى" كان للبعض اعتراضات عليه منذ الجولة الأولى للانتخابات.. إلا أن الضرورة كانت تقتضى انتخابه فى الجولة الثانية استكمالاً للثورة، التى كاد يُقضَى عليها فى ظل رئاسة المرشح الآخر لمجلس الوزراء، ويبقى أن اختلاف القوى الثورية مع جماعة الإخوان وغيرها من تيارات الإسلام السياسى هو اختلاف قائم على الأفكار والأولويات وليس اختلافا قائما على أساس الدم والانتقام من ثورة أهلكت نظاما طفيليا فاسدا يقتات على قوت الشعب البسيط. ومن المضحك أن تجد فى ليلة إعلان النتائج أن غالبية الشعب المصرى انتظروا خروج الإعلامى "توفيق عكاشة" كعادته فى برنامجه المسائى على قناته التى يملكها.. انتظره العديد من أبناء الشعب بشكل يفوق من انتظروا خطاب المرشح الفائز "محمد مرسى"، لكن خاب ظنهم عندما استمرت قناة "الفراعين" فى إذاعة الأغانى وفيلم أيام السادات، لكن أكثر ما يثير الاستغراب فيما حدث بعد ظهور "توفيق عكاشة" هما أمران: الأول هو أنه برغم تطاوله فى أول ظهور له على القضاة من خلال الادعاء بأن النتيجة قد حدث فيها تزوير وتلاعب لصالح مرشح الإخوان.. فإن المستشار "أحمد الزند" قد اختفى تمامًا عن المشهد، ولم يظهر ليعلن دفاعه المستميت عن القضاء والقضاة، وكأن عكاشة كان يتحدث عن قضاة دولة أخرى، والأمر الثانى: هو التطاول الغريب من "عكاشة" على المجلس العسكرى وقادته، فبالأمس كان يمدحهم ويمجدهم وينسب لهم كل آيات النصر وفضائل الاستقرار.. أما اليوم فيصفهم بعديمى الخبرة السياسية وأنهم يسيرون على خطى المشير عبد الحكيم عامر، وكان رد القوات المسلحة متواضعاً جدا من خلال بيان مختصر على صفحة الفيس بوك. إن بعض الإعلاميين والصحفيين فى حاجة إلى فترة من الزمن لتغيير جلودهم للتلون بالشكل الذى يناسب المرحلة، وهم للأسف لا يدركون أن الشعب قد بات على معرفة ودراية بالأمور أكثر من أى وقت مضى، فبالأمس القريب كانوا يمدحون مبارك ونظامه ويدعمونه، ثم فجأة مع قيام الثورة انقلبوا إلى مناضلين وثوريين يمدحون الثورة والثوار، ثم بعدها انقلبوا إلى مدح المجلس العسكرى فى مواجهة الثوار، وحاليًا هم فى حيرة من أمرهم خصوصاً بعد هزيمة آخر من مدحوه ودعموه "الفريق أحمد شفيق"، فهم الآن أشبه بغريق يتلمس أى "قشة" كى يتماسك بها لعلها تقيه من الغرق.. لكن للأسف ما من قشة الآن متوفرة، وما من ملاذ آمن الآن، حقًا.. من الصعب أن تكون فِلاً فى وطن يشهد ثورة!