الحمد لله تعالى، الذى بنعمته تتم الصالحات، والصالحات الباقية التى ننشدها الآن وعاجلا، هى إلغاء كافة القرارات الاستثنائية التى أصدرها المجلس العسكرى أخيرًا وورط فيها السلطة القضائية، وعندئذ تكون قد اكتملت مراحل الثورة الأولى والثانية، ليعود الشعب المصرى بعدها إلى مواقعه الطبيعية فى العمل والإنتاج بقيادة الرئيس الحقيقى، الذى أحبه المصريون وانتخبوه الرئيس محمد مرسى. من المؤكد أن الإنسان هو أساس كل نهضة وسر قوتها وضمان استمراريتها، فالإنسان هو الباحث عن المعرفة والتكنولوجيا، وهو من يوفقه الله تعالى ليصل إليها وينتجها ويطورها ويوظفها صانعًا من رمال الصحراء ذهبًا ومن المعادن المكنونة فى أعماق الأرض سفنا للفضاء يصل بها إلى سطح القمر، ومن رقائق المعادن شرائح إلكترونية يدير بها أضخم الماكينات، والمصانع ويدير بها أكبر شبكات الطائرات فى العالم. والحمد لله تعالى أن الله تعالى اختص مصر ومن عليها بأفضل العناصر البشرية، التى عرفتها الإنسانية، لا أبالغ إن قلت أن أغنى بقاع الأرض هى مصر، وسر غناها هو ثروتها البشرية تلكم حقيقة وليست فرضية تؤكدها كتب السماء وحقائق التاريخ وإنجازات البشر على مر التاريخ الإنسانى. بيد أنه تحت قيود المستعمر الخارجى تارة، والمستبد الفاسد الداخلى تارة أخرى تعرضت، هذه الثروة البشرية المصرية، إلى الكثير من عوامل التعرية والتفكيك والهدم المخطط المنظم للنيل من ذاتية وكينونة وأصالة وخصوصية وفاعلية هذا الإنسان المصرى العظيم، وبالتأكيد أصابه شىء من المرض والضعف والتفكك، الذى أثار وفجر فيه ضرورة الانتفاض والثورة خارجًا بذلك عن طبيعته المسالمة المتراحمة الصبورة الذكية الباذلة للحب والبر حتى لأعدائه. ويا جمال وروعة هذا المصرى العظيم حين انتفض وثار، انتفض وثار بعبقريته الخاصة، حيث جمع بين قوة الانتفاض والثورة، وود ووداعة الحب والمسالمة فكانت ثورته القوية ثورة سلمية ثورة حب وتسامح وتراحم وتغيير للأفضل، رافضًا كافة أشكال العنف والدم، وإن فرض عليه بذله من نفسه لحماية سلميته وسماحته وحبه ووده لكل من حوله. ويال إبداعك وعبقريتك وجمالك أيها الشعب المصرى العظيم حين تظل متمسكًا بمهنتك كمعلم حين تقدم درسًا جديدًا للبشرية فى التغيير بالقوة الناعمة قوة الحب. ولتدرك حقيقة الشعب والعقل والنفس المصرية قارن بين ما قدمته الحضارة الأمريكية حين ابتكرت ما يعرف بالقوة الناعمة، وكانت حقيقتها منظومة متكاملة. من فنون المكر والخداع والتلاعب بعقول الآخرين، فى حين قدم الشعب المصرى القوة الناعمة بكامل الشفافية قوة الحب والسلام. لذا كانت صناعة الهوية هى أول الخطوات اللازمة لتعافى الإنسان المصرى وإعداده وتأهيلية لخوض المرحلة الثالثة من ثورته مرحلة التنمية والنهوض. فهوية الإنسان والمجتمع هى مجموعة القيم الحاكمة، التى تنتج وتدير وتنظم سلوكه وفعله، وتحدد مسار فعله وحجم ونوع إنجازه الذى يمكن أن يحققه. لذلك فصناعة الهوية هى أولى خطواتنا فى طريق النهضة، بالعمل على إعادة إنتاج الإنسان المصرى بقيمه وهويته الجديدة بعد الثورة بما يضمن: ذاتيته الفاعلة فى تقديم أفضل ما لديه لخدمة التنمية والنهضة التزامه الذاتى بشروط ومحددات العمل الصحيح اصطفافه واحتشاد داخل الجماعة الوطنية لخدمة تنمية ونهضة المجتمع إعلاء مصلحة الوطن على مصالحه الحزبية والفئوية الخاصة استعداده الكبير للبذل والتضحية والصبر على النتائج حتى تنضج الثمرة. ويحين وقت قطافها وصناعة الهوية فى حالتنا المصرية يقصد بها استعادة القيم الصلبة المميزة للشخصية لمصرية وإعلائها مرة أخرى مثل قيم العمل والإنجاز والرجولة والشهامة والصدق والشفافية والمبادرة وقوة الإرادة والصبر والتحمل والتضحية والفداء، وتقديم المصلحة العامة على الخاصة، والاعتزاز بالذات المصرية والوطنية. استحضار القيم الأساسية اللازمة لصانعى التنمية والنهضة ومراحل التحول فى حياة المجتمعات والأمم مثل قيم حب العلم والمعرفة والبحث العلمى، والانفتاح والتواصل الإيجابى مع الثقافات العالمية، والعمل بروح الفريق المؤسسى استحضار مجموعة القيم اللازمة للتحقيق التعاون والتكامل والوحدة بين طوائف المجتمع المختلفة مثل قيمة المواطنة والحرية والعدالة والتعاون والتكامل والشفافية. استحضار القيم البديلة للقيم الهشة التى تم إحلالها خلال الحقبة الماضية مثل العشوائية والفهلوة والواسطة، وهدر الحقوق، ووأد المبدعين.. إلخ. واستبدالها بقيم النظام والعدالة والشفافية وتكافؤ الفرص والإبداع والابتكار ورعاية الموهوبين. باختصار نحتاج إلى صف منظومة قيمية خاصة لصناعة وإنتاج مواطن مصرى وطنى محترف قادر على تحمل التبعات الخاصة بالمرحلة 2 التوصيف السلوكى الدقيق لمنظومة قيم النهضة (عوالم الأفكار والأشخاص والأشياء)، مع ذاته وأهله ومجتمعه ومؤسسته ورئيسه .. إلخ. 3 خطة عمل تنفيذية لنشر وتعزيز وتمكين القيم الجديدة حتى تتحول إلى ثقافة وهوية شعب يمارسها بتلقائية وحرفية عالية 4 مرصد متخصص لرصد تطور السلوك المجتمع وتقييم ما نقوم به من خطط وإجراءات فى مجال صناعة الهوية. بلا شك نحن فى حاجة ماسة لوزارة متخصصة لصناعة وتمكين الهوية وإنتاج إنسان النهضة القادر على ترجمة مشروع النهضة من النظرية إلى التطبيق.