الحمد لله أخيرًا عرفت يعنى إيه الدولة المدنية، مش كنت تقول كده من سنة بدل ما أبحث عن هذا المصطلح فى أى قصاصة ورق أو أى لكلكة كلام تعبيرى إنشائى. الدولة المدنية يا حضرات هى الدولة التى مهما اتخلعت من شعبها وقاموا بعزل نظامها _ مش أوى يعنى_ ترجع تانى أوتوماتيكى بفعل قلقلة وغربلة جميع القوى المطالبة بالتغيير والمنادية به. الدولة المدنية يا سادة هى التى لا تعتمد على دستور صريح أو مؤقت إنما تظل كورقة فى مهب الريح تعتمد على أهواء ورغبات الجنرالات وبياناتهم وإعلاناتهم العسكرية وهدم أى فكرة تشير إلى تحديد خطاهم وندائهم الشهير "للخلف در". الدولة المدنية يا كرام هى الدولة التى يلزم أن يكون سكانها لا إسلاميين ولا اشتراكيين ولا ثوار بل يجب أن تدخل فى صراعات تشويه غير مبررة! لإثبات منطق "الأنا" وهو مصطلح يقوم بشخصنة الأمور وأى خروج على هذا المنطق فهو خروج نابع من مبدأ خرق الكيان الوطنى. الدولة المدنية هى الدولة الطائفية التى يتم بها استقطاب طائفى وتمرير هذا من خلال انتخابات نزيهة أمام الناس. الدولة شبه المدنية التى يقوم فيها القضاء بإصدار أحكام سياسية وكأنه بيخلى ذنب الوطنية عن أعناقها ويتناسى وظيفتها الدستورية ويأتى هذا من خلال التلويح للسلطة القضائية بالواجب الوطنى المزعوم، متناسين مبادئ الثورة الضمنية باستقلال القضاء. وهى الدولة التى يتم بها انتخابات برلمانية لمدة خمسة شهور ويتم صرف بعض ملايين تحت مرأى ومباركة استشاريين وممثلين للمحكمة الدستورية العليا وبتصديق قانون قضائى وإعلان دستورى وهيمنة السلطة ليخرج علينا القضاء ليناقض نفسه، مصرين على قتل الثقة فى أى ديمقراطية شعبية ممثلة فى البرلمان مهما كانت درجة الاختلاف بداخلها! وهذا بدوره يساهم فى الاستقطاب لمرشح الإخوان دون وعى من المجلس العسكرى_هدم الأغلبية البرلمانية_ لينقلب السحر على الساحر. الدولة المدنية هى ذات الدولة التى يخرج فيها شعبها للانتخاب فردين فى الإعادة أحدهما إسلامى يأخذ شكلا ثوريًا وآخر عسكرى يوحى لمن يروق له بأنه مدنى خالص. فهل سألوا مصممى الملابس عن شكل الزى العسكرى عندما يصبح مدنيًا؟ فأجاب البلوفر هو الأنسب غير عابئين بحرارة الثورة وطقس الانتخابات. فى النهاية لا يسعنى إلا أن أخلص بتعرفى الشخصى إلى أن الرئيس القادم يجب ألا يهتم بكيف يكون شكل الدولة المدنية بقدر ما هو مضمون الدولة المدنية التى تنعكس بالاصطفاف الوطنى الخالص ولم شمل شتات الثورة فى مواجهة بقايا النظام وأعوانه.