يبدو أن المفاوضات المصرية الإثيوبية، بشأن سد النهضة القائمة منذ 4سنوات تتجه نحو مزيد من التعقيد, وهو ما أكده الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري, بعد فشل المفاضات الأخيرة أمس وعدم التوصل إلى اتفاق بشأن اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالناحية الفنية للسد خلال اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية المعنية بسد النهضة على المستوى الوزاري، الذي استضافته القاهرة يومي 11 و12 نوفمبر 2017 بمشاركة وزراء الموارد المائية لمصر والسودان وإثيوبيا. وكانت الإدارة السياسية بدأت تحركات مكثفة على المسارات السياسية والدبلوماسية والقانونية في الآونة الأخيرة لحماية المصالح المصرية في مياه النيل بعد الإخفاقات المتتالية للمسار الفني وتضاؤل إمكانية الاعتماد عليه كمسار لحسم الخلافات مع إثيوبيا والسودان حول سد النهضة, خاصة أنه كان من المفترض أن يسلم الجانب الإثيوبي المكتب الاستشاري الفرنسي المكلف بدارسة مخاطر سد النهضة على دولتي المصب معلومات تتعلق بالشكل الفني, إلا أن أديس أبابا حجبت تقديم أية معلومات تتعلق بهذا الشق. وقال حسام رضا, الخبير المائي, إنه على ما يبدو أن المفاوضات أخذت طريقًا مسدودًا بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا, وفى ظل المماطلة التي ينتهجها الجانب السوداني, تمضي أديس أبابا قدمًا في بناء السد, فوفق آخر تقرير تم الانتهاء من 75% من بناء السد, مشيرًا إلى أن تعقيد الأمور أصبح مخيفًا للغاية. وأشار رضا, خلال حديثه ل"المصريون" إلى أن المفاوضات السياسية والدبلوماسية لم تجد نفعًا مع إثيوبيا, ولم يبق أمام مصر سوى التحرك دوليًا لوقف بناء سد, خاصة أن الجانب الإثيوبي حتى الآن متحفظ على التقرير الفني للسد, وكان من المفترض أن يمد المكتبين الاستشاريين الفرنسيين بمعلومات بناء عليها يصدر 3 تقارير مبدئية خلال الفترة الماضية على أن يصدر التقرير النهائي في مارس المقبل. وحول الحلول المجدية بعد تعثر كل المفاوضات السياسية والخارجية, قال: "في البداية على الحكومة المصرية, أن تخبر شعبها أولاً بأول فيما يتعلق ببناء السد, ومخاطره على مصر التي تنجم على خلفية البناء, ثم عمل عقد جلسة طارئة للجامعة العربية للوقوف على الإجراءات التي ستتخذها مصر في الفترة المقبلة حيال الأزمة, خاصة أن هناك دولاً عربية تساهم وتدعم في بناء السد, ومن ثم مخاطبة الأممالمتحدة بضرورة وقف تمويل السد باعتباره يمثل خطورة على مصر". وأوضح أن مصر حين قامت ببناء السد العالي, استشارت العديد من الخبراء حول العالم ما إذا كان هناك أضرار ستلحق بدول حوض النيل من عدمه, موضحًا أن الاتفاقيات التي تتعلق بحصة مصر المائية تتيح لمصر استخدام القوة, وأن المسألة تعد أمنًا قوميًا لمصر. وصف الدكتور عباس شراقي، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، مواقف مصر وإثيوبيا خلال جولات مفاوضات سد النهضة خلال السنوات الماضية ب"مرونة مصرية"، مقابل "تعنت إثيوبي", وأن إثيوبيا كانت تستخدم اللقاءات كغطاء لاستنزاف الوقت وإظهار نفسها كطرف متعاون أمام المجتمعين الإقليمي والدولي. وأشار فى تصريحات صحفية, إلى أن إثيوبيا قامت باستغلال الأوضاع السياسية في مصر منذ قيام ثورة 25 يناير، وهو ما انعكس على زيادة مواصفات تخزين السد من 11 مليار متر مكعب إلى 74 مليارًا، وهو يعادل 7 أضعاف السعة المقترحة من الدراسات الأمريكية عام 1964، موضحًا أنه تم تغيير أسماء السد حتى تتسم بالطابع السياسي القومي الإثيوبي، منذ الشروع في أعمال إنشائه. وحول اصطفاف السودان إلى إثيوبيا, قال «شراقي»، فشلنا في كسب تأييد السودان، أو احتوائها، كدولة شقيقة وجارة بسبب قضايا خلافية، بالإضافة إلى الجانب السياسي في الاختلاف بين النظامين المصري والسوداني، خاصة فيما يتعلق بوجهات النظر في مختلف القضايا المشتركة أو الإقليمية والدولية، وهو ما تسبب فيما حدث من عدم الاتفاق خلال الجولة الأخيرة لمفاوضات سد النهضة, موضحًا أنه فى حالة إذا وافقت إثيوبيا على تشكيل اللجنة ستكون مهمتها تقليل الضرر على مصر والسودان، وفي حالة رفضها تشكيل اللجنة، يتم التوجه إلى مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي لتدويل القضية، بعد الجامعة العربية تأكيدًا على أن مصر طرقت كل الأبواب وأبدت مرونة كبيرة في التعامل مع الملف حرصًا على العلاقات بين الدول الثلاثة، وأنها استنفذت كل الطرق لتحقيق التوافق". من جهته، قال الدكتور هاني رسلان، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية ورئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام, إن الاستراتيجية التى اتبعتها إثيوبيا كانت تستهدف استدراج الموقف المصري للمضي في التفاوض أطول فترة ممكنة حتى تكون إثيوبيا قد أنجزت القدر الأكبر من بناء السد وحولته إلى أمر واقع، وبالتالي يمكنها بعد ذلك المضي قدمًا دون أن تأبه لأي رد فعل مصر. وأشار فى تصريحات صحفية إلى أن ما يحدث داخل قاعات الاجتماعات منذ الموافقة على تشكيل اللجنة الثلاثية الفنية دون وجود خبراء دوليين أكد أن الجانب الإثيوبي مراوغ، وأن وضع العراقيل الفنية بهدف استنزاف الوقت بكل الوسائل لتحقيق مصالحه من المشروع.