عندما تكون البلاد فى خطرٍ فلا حديثَ عن حقوق الإنسان البابا شنودة كان ضد ثورة يناير.. والأقباط شاركوا فى 30 يونيو الجماعات المسلحة تهدف إلى إسقاط الدولة وتساعدها بعض الدول انتخابات 2018 محسومة ل"السيسي" قال المفكر السياسي جمال أسعد، إن المعارضة السياسية داخل البلاد ليست بالمستوى المطلوب الذي يسمح لها بالمنافسة في انتخابات الرئاسة المقبلة، مؤكدًا أن النتيجة محسومة لصالح الرئيس عبدالفتاح السيسى. ولفت أسعد في حواره مع "المصريون" إلى أنه بعد قيام ثورتي 25يناير و30 يونيو، لم تتحقق الثورة الحقيقية، بما تعنيه من تغيير المجتمع في كل مناحي الحياة تغييرًا جذريًا للأفضل، موضحًا أن البلاد تسير في الطريق الإصلاحي وليس الثوري. وشدد على ضرورة احترام حقوق المواطنة للمسيحيين؛ لأن العدو يتربص بالبلاد، الأمر الذي يستدعى التكاتف والوقوف ضد هذا المخطط، مؤكدًا أن البلاد تحتاج إلى المواطن المصري الحقيقي بعيدًا عن خانة "الديانة". فى البداية.. انتخابات الرئاسة 2018 اقتربت كيف ترى الاستعدادات من جانب قوى المعارضة لها.. وبصراحة هل ترى النتيجة محسومة لصالح الرئيس؟ بكل المقاييس وليس حُبًّا في السيسي، وبحكم خبرتي السياسية ومشاركتي في كل أحداث الوطن على مدار 50 عامًا، ورغم الانسداد السياسي وعدم ترك المعارضة في أخذ فرصة لها للنقاش، إلا أنها ليست أيضًا بالمستوى المطلوب؛ فالمعارضة والحياة الحزبية والسياسية غير فاعلة في الشارع. والوارد في الصورة هو أن السيسي هو الفعّال والفاعل والقادر على الفوز في انتخابات 2018، ولكن يجب أن يحدث حراكٌ سياسيٌ في تلك الفترة، فلا بد من إفساح المجال لكل القوى السياسية، ومنحهم الحديث والظهور الإعلامي حتى نبدأ خطوات ترسيخ الديمقراطية الحقيقية، فلابد أن نبدأ بالخطوة الأولى وأن يكون هناك قدرة حقيقية على نشر الديمقراطية، مع العلم أن الأمور محسومة لصالح الرئيس السيسي، لكن يجب للمرشحين التقدم للانتخابات حتى يبدأ الشعب في الخطوات الديمقراطية. ما مشكلة المعارضة داخل البلاد.. وكيف يمكن تجاوز عثرتها؟ المعارضة المصرية خارج الحياة الحزبية والسياسية منذ أن نشأت الحياة الحزبية من بدايات القرن العشرين، فلم يكن هناك حياة حزبية حقيقية؛ لأن الحياة الحزبية وُلدت "مستوردة" من الخارج، وبالارتقاء الغربي وبرؤية غربية، والمجتمع الغربي ناضل خلال قرون حتى وصل إلى إنشاء الأحزاب، ونحن لا نمر بهذه المرحلة ونقلنا الفكرة بدون أرض ممهدة لها، لذلك فإن الأحزاب تعتمد على فكرة "الكاريزما الشخصية"، فالحزب الوطني برئاسة "مصطفى كامل، ثم الوفد برئاسة "سعد زغلول" ثم بعد ذلك "فؤاد سراج الدين"، والاتحاد الاشتراكي "جمال عبدالناصر" والجميع يدور في محور "الفرد" وليس الفكرة، وهذا هو المرض الخطير، وتحولت الحياة الحزبية لشخص يلتف حوله الجميع، حتى وصلنا إلى هذه اللحظة، فلا يوجد أحدٌ على الساحة خاصة بعد ثورتي يناير ويونيو. الوضع الاقتصادي الراهن.. كيف تراه في ظل الأوضاع التي تمر بها البلاد؟ المشاكل التي نحن فيها الآن بموضوعية شديدة لا يمكن أن نقول إنها نتاج حكم 30 يونيو أو نتاج حكم الرئيس "السيسي"؛ لأنه عندما نتحدث عن المشكلة الاقتصادية نجدها مشكلة متوارثة ومتراكمة منذ زمن؛ فعندما يكون هناك عجز متصاعد في الموازنة سنويًّا وزيادة في الدين الخارجي ومع استمرار التضخم، كان لا بدَّ من التدخل، لذلك نقول إن نظام السيسي أراد حل الأزمة الاقتصادية من وجهة نظره، ومن الممكن ألا تناسب أحدًا، ولكن في النهاية اتخذت السلطة التنفيذية أن تسير فيما يسمى "الإصلاح الاقتصادي"، والذي يعد هذا الإصلاح "روشتة" البنك الدولي، والذي يعتمد على التوجه الرأسمالي باعتبار أن هذه شروط الصندوق؛ لكي يمنع مصر قرض ال12 مليارًا، لإتمام الإصلاح الاقتصادي إذًا ما دور البرلمان والسلطة التشريعية في كل ما يحدث؟ للأسف الشديد لا نستطيع أن نقول بأن لدينا برلمانًا بعد 25يناير و30 يونيو، فبعد تلك الثورتين اللتين أسقطتا نظامين، لم نحقق الثورة الحقيقية، والمقصود بها تغيير المجتمع في كل مناحي الحياة تغييرًا جذريًا للأفضل، فلا نستطيع أن نقول إن الوضع أفضل؛ لأننا نسير في الطريق الإصلاحي وليس الطريق الثوري؛ فالبداية كانت لا بدَّ بعد الثورات أن نرى برلمانًا حقيقيًّا يعي المرحلة بشكل كبير ويدرك مهمة المرحلة المقبلة وما يحدث بها؛ لإعادة كيان الدولة التي اهتزت بشدة عقب تلك الثورتين، ولكن للأسف الشديد الطريقة التي جاء بها البرلمان سواء "قانون الانتخابات" أو الطريقة الجديدة التي جاء نوابه والمسماة ب"حب مصر"، والذي يعد بديلاً للحزب الوطني، هو مع السلطة تأييدًا مطلقًا؛ فلا يجب علينا أن نكون معارضين للمطلق ومؤيدين للمطلق؛ لأن تلك النظرية ليست تأييدًا ولا معارضة كما يحدث في العالم، ولكن نرى الآن استقطابًا سياسيًّا؛ فالبرلمان بهذه التصرفات وخاصة ممارسات رئيس البرلمان والتي لا علاقة لها بالممارسات البرلمانية. كيف قرأت تقرير "هيومن رايتس ووتش" والأمم المتحدة حول أوضاع حقوق الإنسان داخل البلاد؟ دعني أقول لك إن المنظمات الحقوقية بشكل عام لا أحد يتناقض معها، وجميعنا يريد أن تكون حقوق الإنسان أفضل مما تكون في مصر، ولكن بموضوعية الإشكالية هنا أن تلك المنظمات ذات خلفية سياسية، فلا يوجد منظمة عالمية أو محلية لا تأخذ تمويلاً أجنبيًّا، وصاحب هذا التمويل هو صاحب القرار والفكرة، إنما عندما توجد حقوق إنسان موضوعية وغير تابعة لأحد، فنأخذ كلامها على محمل الجد وأيضًا سنكون معها على طول الخط، ولكن السؤال، هل المنظمات التي تمول الجمعيات في مصر لا تأخذ تمويلات من دول كبرى؟، وما هدف الممول؟، وأنا لست ضد تلك التقارير شكلاً وموضوعًا، ولكن لا بدَّ أن نعي ما تقوله تلك المنظمات وهل يوجد بالفعل تعذيب في السجون، وانتهاكات لحقوق الإنسان، وهل لدينا تمييز طائفي أو طبقي، فمن هنا علينا أن نسأل أنفسنا كيف نحل كل هذا وكيف نعاقب الذين فعلوا تلك الأفعال، وعلينا أن نعترف بالأخطاء، ومَن يتحدث عن المؤامرة، فالمؤامرة ما هي إلا محاكاة لرصد الواقع السياسي ومحاولة اختراقه من داخله، إذًا فهم لم يدّعوا هذا إلا إذا كان متواجدًا بصورة أو بأخرى. كيف ترى فكرة تجديد الخطاب الديني... وهل الأمر مسئولية المسلمين فقط أم ترى الأقباط معنيين بالأمر؟ أولاً أنا لست مع مصطلح "الخطاب الديني"؛ لأن هذا اللفظ خطأ من الأساس، ولكن الأصح هو تصحيح الفكر الديني؛ لأن الخطاب الديني هو وسائل تنقل من خلال الفكر والتلقين من شيخ أو قسيس، ولكن الخطاب في الأصل "هو كل الفكر الديني" وهو تفسير البشر للفكر الديني، والدليل هو أن الأديان السماوية واحدة ولكن تفسير البشر أوصنا إلى "شيعة وسُنّة" و "كاثوليك، أرثوذوكس - بروتستانت" وغيرها، إذًا التفكير والتأويل أنتج هذا، إذًا الخطوة إن الفكر الديني هو الذي يحدد سلوكيات المواطن ويحدد انتماءاته، والفكر هو الذي يشكل الفكر المجتمعي بصحيحه وخطئه، لذا يجب تصحيح الفكر الديني وليس الخطاب. الأقباط بعد ثورتين كيف ترى من وجهة نظرك أحوالهم وهل تحققت المطالب التى كانوا يطالبون بها؟ أرفض الحديث عن أقباط ومسلمين؛ لأن هذا يؤكد الفتنة الطائفية والمناخ الطائفي والبُعد عن المواطنة، وإذا كان هناك مشاكل، فالمصريون جميعًا في خندق واحد من تلك المشاكل، سواء كانوا فلاحين أو عمالاً، ولكن دعني أقول إن الأقباط شاركوا في 30 يونيو كما لم يشاركوا في تاريخهم من قبل؛ نظرًا لمعايشتهم حقبة الإخوان في سنة حكمهم، والتي كانت في مواجهة صريحة معهم، وانتشار أقوال مثل أن الأقباط ضد الشريعة الإسلامية، وبعدها الاعتداء على الكاتدرائية التي جعلت المواجهة أكبر بكثير، ومَن يدّعي أن الأقباط شاركوا في 25 يناير كما يروج الإعلام فهذا كذب وتزييف للواقع والتاريخ. ولكن الإعلام في 25 يناير أكد خروج الأقباط بكثافة؟ هذا غير حقيقي وكذب، ف"البابا" شنودة كان ضد ثورة 25 يناير من الأساس، أما 30يونيو فكانت الحقيقة الكبرى عند خروجهم في ثورة 30 يونيو. وهل الكنيسة توجه الأقباط سياسيًّا في اتجاه معين؟ للأسف الشديد ما زال الأزهر والكنيسة يحاولان أن يكون لهما دور مع المسلمين والمسيحيين، بغير دورهما الديني، الذي يؤديانه؛ فالتوجه السياسي الذي يلعبه الاثنان لا يجب أن يكون، ولكن هذا التوجه الوطني هو المطلوب، ولكن في الحروب في الكوارث وفي القضايا العامة التي تمس الوطن وأرضه، فجميعنا وطنيون، إنما في الخلاف السياسي لا بدَّ أن يبتعد الأزهر والكنيسة عن ذلك؛ لأن ذلك يعطي تأشيرة غير مباشرة لاتباعهم لدخول الحلبة التصارعية. كيف رأيت تمثيل المؤسستين في خطاب 3 يوليو الشهير؟ أنا أتحفظ منذ اللحظة الأولى على حضور البابا وشيخ الأزهر خطاب 3 يوليو، مع العلم بأنني من مؤيدي هذا الخطاب، ولكن لست مع الحضور؛ لأن هذا وبكل صراحة جعل الأقباط يدفعون الثمن حتى الآن وبشكل سياسي، فوضعوا الأقباط في خندق 30 يونيو، كمؤيدين للرئيس السيسي وكل الأقباط يدفعون ثمن ذلك، ولكن السؤال ماذا يفعل القبطي العادي الذى لم يعط إشارة للبابا للحضور في البيان ولا غيره ويدفع أيضًا الثمن. عمليات التهجير التي تمت في سيناء للأقباط بعد استهدافهم من قبل الإرهابيين كيف تراها؟ عندما تكون مصر في خطر حقيقي على الأرض، فلا تحدثنا عن مسلم أو قبطي، وأيضًا لا تحدثني عن حقوق إنسان وسط الدمار والنار، ومَن يدعي أن التهجير بسبب معارضة أهل سيناء للحكم، فالرد عليهم هل يوجد معارضة مسلحة هكذا بالطبع لا، فالقتل والتدمير وما يحدث لا ينطبق على المعارضين تمامًا، إذًا فهذه الجماعات المسلحة تساهم بها مجموعة من الدول لنشر الإرهاب في مصر، ولتهديد سلامة الوطن، ولإسقاط الدولة، وهذا مرفوض شكلاً وموضوعًا. قانون بناء الكنائس.. كيف تراه مع الأزمات التى تحدث والتى كان آخرها واقعة المنيا ومنع الأقباط من الصلاة داخل الكنيسة بسبب عدم إصدار تصريح لها؟ السؤال نحن نحكم بالدستور والقانون أم بالنص الديني، بالطبع بالدستور والقانون، والذي ينص عليه أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع وأنا أدافع عن ذلك دائمًا وأبدأ، ولكن ما هي المبادئ؟ هي الكلية الثابتة وليست الأحكام، التي تدخل الاجتهادات بها، كما أن الذي يحكم بالشريعة الإسلامية هو القاضي عن طريق القانون، وليس بالنص، ومن هنا فهل القانون يمنع بناء الكنائس أم ينظمها؟ بالتأكيد ينظمها، لذلك حق المواطنة مطلوب في بناء وتراخيص الكنائس فلا يمكن أن تكون أزماتنا في بناء أو إقامة صلاة في الكنائس؛ لأن العدو يتربص بنا ولا بد من الوقوف ضد هذا بأكمله، وأنا مصري مسيحي وأؤيد الحضارة والتاريخ الإسلامي، وأكره الحضارة الغربية، فبالنسبة لي المسلم العربي أقرب لي من المسيحي الغربي.