تواصل قوى المعارضة بحثها الدؤوب عن مرشح توافقي، تتوحد خلفه جميع القوى السياسية على كافة أطيافها وانتماءاتها، لتخوض به الانتخابات الرئاسية المقبلة، والمزمع إجراؤها في منتصف العام المقبل في مواجهة الرئيس عبدالفتاح السيسي، إذا ما قرر الترشح لفترة رئاسية ثانية. وأَثارت تصريحات عمرو موسى الأخيرة، والتي أبدى فيها عدم رضاه عن بعض الأمور، تكهنات عدة، إذ اعتبرها البعض بداية للإعلان عن خوضه الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكن إذ ما حدث ذلك هل تلتف وتتوحد القوى السياسية خلفه، ويصبح مرشحها التوافقي، على اعتبار أنه أحد السياسيين المخضرمين، أم سيكون لها رأي آخر. وكان لموسى، رئيس لجنة الخمسين لوضع الدستور سابقًا، بعض المواقف المناهضة للسلطة الحالية، إذ هاجم في عدة تدوينات عبر موقع التغريدات القصيرة "تويتر"، الدعوات المطالبة بتعديل الدستور، وقال إن "الدستور علامة استقرار في حياة الأمم، واحترامه علامة رقي في الممارسة السياسية للشعوب، والحديث المعاد عن تعديل الدستور في عام انتخاب الرئيس يثير علامات استفهام بشأن مدى نضوج الفكر السياسي الذي يقف وراءه". وتابع: "مصر في حاجة إلى تعميق الاستقرار وليس إشاعة التوتر، تحتاج إلى تأكيد احترام الدستور وليس إلى التشكيك فيه". واستطرد في تعليقه: "الدستور ليس عصيا على التعديل، ولكن الحكمة تقتضي مقاربة سليمة سياسيا وتوقيتا مدروسا من منطلق مصلحة مصر والمصريين خاصة في هذا الوقت العصيب". وشدد على أنه "يجب أن يخضع هذا الأمر لمناقشة مجتمعية واسعة مع ممارسة سياسية ذكية قبل الأقدام على اقتراح أي تعديل أو أي مناقشة رسمية له". وخلص قائلًا: "الدستور أمانة في أعناق المصريين جميعا، وخاصة مجلس النواب الذي أثق في أنه سوف يرتفع إلى مستوى المسئولية فيقدم تفعيل الدستور على تعديله". كما انتقد موسى، عبر حسابه على موقع التدوين المصغر "تويتر"، موافقة البرلمان على تمرير اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، بين مصر والمملكة العربية، والتي بموجبها تنتقل تبعية جزيرتى تيران وصنافير للسعودية. وقال إن "ما شاهده المصريون في البرلمان مؤسف، ليس هكذا تورد الإبل، ليس هكذا، ليس هكذا"، ما اعتبره البعض رفضاً للاتفاقية. وبعد أزمة عقار الأزاريطة المائل بالإسكندرية، قال موسى إن "برج الإسكندرية المائل يؤكد الحال المائل بالعاصمة الثانية لمصر، الإدارة المحلية مصدر بلاء كبير وإصلاحها ضروري لإصلاح الحال في المدن والقرى". وأوضح أن "علاج معضلة الفساد المتجذر بالمحليات، يتطلب قرارات سياسية وإجراءات إدارية لا تخفي علي من يريد الإصلاح حقا"، متابعاً " أدعو لان نبدأ بتنفيذ مواد الدستور بشأن الإدارة المحلية، أدعو أجهزة الرقابة أن تركز علي المحليات، هنا مربط الفرس". الدكتور حازم عبد العظيم، الناشط السياسي، والقيادي بالحملة الانتخابية للرئيس السيسي سابقاً، وصف موسى، بأنه "من الشخصيات السياسية المحترمة، والذين لهم باع طويل في العمل السياسي"، قائلاً إن يتمنى أن تلتف وتتوحد خلفه جميع القوى السياسية على اختلاف انتماءاتها. وأضاف ل"المصريون": "لا يوجد مانع من ترشح عمرو موسى للانتخابات الرئاسية المقلبة"، متابعًا: "أرحب بالمرشحين المعارضين للسلطة، مشكلتي الأساسية مع المرشحين المؤيدين، والذين لا أؤيد ترشح واحد منهم". واستدرك عبدالعظيم قائلاً: "معارضة "موسى" ناعمة، لكن في النهاية ينتقد النظام على أفعاله المشينة، لذا فهو لا يرغب في ظهوره على الساحة، فبمجرد انتهاء لجنة الخمسين لوضع الدستور من إعداده، عمد النظام إلى عدم منحه أي سلطات أو أدوار سياسية". ورأى أن "موسى لديه صفات عديدة تدفع القوى السياسية لأن تتوحد خلفه لخوض الانتخابات المقلبة، لاسيما أنه أحد السياسيين المخضرمين، والذين لهم علاقات قوية ليس داخل الدولة فقط بل على مستوى العالم". بينما، رأى هشام فؤاد، القيادي بحركة "الاشتراكيون الثوريون"، أن "القوى السياسية لن تتوحد جميعها خلف موسى، وسيحدث انقسام داخلها ما بين الموافقة على الالتفاف والتوحد خلفه، والرفض لذلك". وقال فؤاد ل"المصريون"، إن "المؤيدين سيروا أنه شخصية مدنية، ولديه خبرة سياسية واسعة في العمل السياسي، ومن ثم فهو من الشخصيات الجديرة للالتفاف حولها، حتى لو كان أحد المؤيدين للنظام الحالي في بداية وصوله للحكم. وأشار إلى أن "القسم الآخر، يرى أنه أحد رجال نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، وأحد أعمدة النظام الحالي، إذ أيد الرئيس السيسي ونظامه في كافة الأعمال التي قاموا بها، ولم يكن معارضًا له يومًا ما، بل دافع عن كافة قراراته"، لافتًا إلى أنه يمثل الرأي الثاني الذي لا يراه بديلاً أو توافقيًا على الإطلاق. ونوه بأن "كثيرين يرون أن موسى من البنية الأساسية النظام، ولا ينتمي لمعسكر الثورة، وهو مسئول مسئولية مباشرة عما آلت إليه أحوال البلاد، وما وصل به حال المصريين من التدهور، لذا لن يكون مرشحًا توافقيًا أو بديلاً مختلف". وترشح موسى في انتخابات الرئاسة في عام 2012، لكنه جاء في الترتيب الخامس بحصوله على حوالي 10% من الأصوات الصحيحة. وكان قد طُرح اسمه في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك لمنصب رئيس مصر، لكنه لم ينف نيته الترشح لمنصب الرئاسة ولم يستبعده أيضًا، وترك المجال مفتوحًا أمام التوقعات، وقال إن من حق كل مواطن لديه القدرة والكفاءة أن يطمح لمنصب يحقق له الإسهام في خدمة الوطن".