جمال سلطان آلمني كثيرا سقوط خالد محيي الدين الرمز اليساري الكبير ، لأن هذا أسوأ ختام لحياة حافلة بالحضور السياسي والنضالي ، لم يكن من المفروض أن نحرض الرجل على الترشيح ، فلا صحته تساعده ولا توقد ذهنه ، وإذا كان الرجل قد استقال من حزب التجمع لأنه لا يقوى على المسؤولية فبأي معنى نصحوه بأن يخوض انتخابات ثقيلة وشديدة الوطأة ، كانت صورة خالد محيي الدين وهو يمشي متكئأ على آخرين ويكاد يسقط في مشيه تجعل الإنسان يضرب كفا بكف من عناد البعض داخل حزب التجمع ، بإصرارهم على ترشيحه ، فأهانوه وأهانوا الحزب معه ، ويتحمل مسؤولية هذه الإهانات كلها الدكتور رفعت السعيد ، رئيس الحزب ، فهو الذي ورط الحزب في صراع لا معنى له ولا مبرر مع جماعة الإخوان ، فانتهى الأمر إلى عملية تأديب جماعية قاسية من الجماعة لرفعت وحزبه ، لم يسقط فقط خالد وإنما سقطت رموز كبيرة أخرى في الحزب ، مثل أبو العز الحريري والبدري فرغلي ، ولو كان في حزب التجمع إرادة ووعي سياسي حقيقي لتمت محاكمة حزبية لرفعت السعيد ، ولتمت إقالته من رئاسة الحزب ، لأنه يتحمل المسؤولية كاملة عن الفضيحة التي وقعت ، والإهانات التي سببها لرموز الحزب وللخسارة المهينة لزعيمه التاريخي خالد محيي الدين ، ولو كان رفعت يملك الحد الأدنى من اللياقة السياسية لقدم استقالته فورا كما يفعل قادة الأحزاب في العالم كله عندما يقودون أحزابهم إلى خسارة مهينة في أي انتخابات ، لقد خاض رفعت معركة مريرة مع الإخوان المسلمين ، رغم أن كل الحسابات والمصالح في هذه المعركة كانت ضد حزبه ، وبينما كانت كل القوى والأحزاب تحاول أن تنسق مع الإخوان احتراما للوزن الشعبي الكبير لها ، حتى مرشحو الوطني بعضهم كان ينسق مع الجماعة ، إلا أن الزعيم الغضنفر رفعت السعيد كان يعلي صوته أمام الميكروفونات المجانية بهجاء الإخوان واهانتهم ورفض قبولهم في الجبهة الوطنية للتغيير أو تواضعه بإعلانه قبولهم تحت شروط ولا شروط ميليس على بشار الأسد ، وكنت أضرب كفا بكف ، ما هي القوة التي يستند عليها رفعت السعيد لكي يعرض حزبه ومرشحيه لكل هذه المخاطر ، فلم يكن موقفه منطقيا بأي حال من الأحوال ، والحزب الوحيد الذي كان يستفيد من موقفه ليس حزب التجمع وإنما الحزب الوطني ، الذي منح رفعت عضوية شرفية في مجلس الشورى ، ويبدو أنه يطمع في تمديدها في الأعوام المقبلة ، الانتخابات الحالية دروسها كبيرة وكثيرة ، ولكني أعتقد أن أهم دروسها وأعلاها هي أن السياسي العاقل لا يعاند ضمير الناس وأشواقهم نحو الإسلام ، صحيح أنه من حق الجميع أن يبحث ويفكر في صيغ جديد ومعاصرة وتحديثية لتحقيق هذه الأشواق في دولة مدنية حديثة ، ولكن قبل أي خطوة ينبغي أن تحترم مشاعر الناس وهوية الوطن الذي يفتدونه واختياراتهم الروحية والأخلاقية والإنسانية . [email protected]