اعتبرت صحيفة (فاينانشيال تايمز) البريطانية اليوم الاثنين أن مجزرة مدينة (الحولة) فى سوريا التى راح ضحيتها أكثر من 90 شخصا ثلثهم من الأطفال "نقطة تحول قاتمة" فى حالة الاضطربات وعدم الاستقرار التى تشهدها سوريا منذ 15 شهرا حتى الآن. وأوضحت الصحيفة - فى سياق تعليق أوردته على موقعها على شبكة الانترنت - أن مقاطع الفيديو التى بثت على موقع التواصل الاجتماعى (يوتيوب) تظهر جثث الأطفال المقتولين ملقاة على الأرض، تؤجج المخاوف بشأن آفاق إندلاع المزيد من أعمال العنف والهجمات الانتقامية فى أعقاب تلك المجزرة. ونقلت الصحيفة فى هذا الصدد عن فواز جرجس مدير مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد قوله "إن عملية قتل وإراقة دماء أطفال فى منطقة لا تشتهر بكونها معقلا لثوار المسلحين كما تشتهر مدينة حمص على سبيل المثال يمثل نقطة تحول فاصلة"، مضيفا "أن ما حدث فى مدينة حولة يشير إلى أن الصراع قد خرج بالفعل عن نطاق السيطرة لنشتم منه رائحة حرب أهلية". فيما أشار محلل آخر إلى أن مجزرة حولة تمثل "عنفا أكثر تطرفا يتسبب فى حالة الفزع والهلع لم نعهدها حتى فى العراق".. بينما أعرب البعض الآخر عن تخوفه من أن ارتكاب مجزرة بجحم التى ارتكبت فى مدينة الحولة تظهر أن الصراع الدائر فى البلاد قد وصل إلى مرحلة اللاعودة. ولفتت (فاينانشيال تايمز) إلى أنه على الرغم من إنكار النظام السورى مسئولية ارتكاب قواته تلك المجزرة غير أن كثيرا من نشطاء حقوق الإنسان قد ألقوا باللائمة على الجماعات المسلحة الموالية للرئيس بشار الأسد ممن يعرفون باسم "الشبيحة". ونوهت بأن "جماعات الشبيحة" تنحدر من الأقلية العلوية التى ينحدر منها النظام السورى، مشيرة إلى هناك ثمة تداخل وتشابك بين المجتمعات السنية والعلوية وسط سوريا حيث تقع مدينة الحولة. وأضافت "أنه منذ بدأت موجة الاحتجاحات والتظاهرات فى مختلف المدن السورية قبل 15 شهرا، سعى نظام الأسد وراء حشد دعم الأقليات فى بلاده ومعتدلى الطبقة الوسطى من خلال رسم صورة للانتفاضة الشعبية فى بلاده باعتبارها انتفاضة يقودها المتشددون والمتطرفون من الجماعة السنية.. فيما اتهم النشطاء النظام بتزكية التوترات الطائفية عمدا والتشجيع على تسليح الأفراد المنتمين إلى الأقلية العلوية بهدف تكريس روايته". على صعيد آخر، رأت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية اليوم الاثنين أنه على الرغم من استصدار مجلس الأمن الدولى خلال جلسته الطارئة أمس بيانا يدين استخدام الحكومة السورية مدفعياتها ومعداتها العسكرية ضد المدنيين على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، غير أن الرئيس الأسد قد أظهر مرارا أنه غير أبه ومحصنا ضد الجهود الدولية المبذولة لاحتواء الأزمة في سوريا. ولفتت الصحيفة - فى سياق تعليق أوردته على موقعها الإلكترونى - إلى أن بعض رموز المعارضة السورية انتقدت الجهود الغربية المبذولة للدفع باتفاق وقف النار بينما كان عدم احترام و"إزدراء" الحكومة السورية له واضحا إضافة إلى تهديد البعض بالانتقام والثأر من الجماعة العلوية. وأضافت "أن القضية ذاتها تردد صداها داخل الأجواء الانتخابية الأمريكية المنقسمة حيث وصف المرشح ميت رومنى مرشح الحزب الجمهورى الأمريكى لرئاسة البيت الأبيض، المجزرة ب"المروعة"، منتقدا منافسه الديمقراطى الرئيس باراك أوباما لدعمه خطة المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية للازمة السورية كوفى أنان للسلام. فى السياق ذاته، رأت صحيفة (الاندبندنت) البريطانية - فى سياق تعليق أوردته على موقعها الإلكترونى اليوم - أن موسكو تدفع ثمن دعهما لنظام الأسد وأن الثمن قد ارتفع الآن بعد قتلى مجزرة الحولة، وإنها قد لا ترغب الآن فى التحالف مع نظام دائما ما يضع نفسه فى أزمات ما قد يدفع الأخير إلى التطلع إلى دعم إيرانى طويل الأمد وعراقى قد يكون أقصر أمدا. وقالت الصحيفة "إن طهران، التى تعتمد سياستها الخارجية على عنصرى الحذر والمراوغة، قد تعزف عن المراهنة على بقاء الرئيس الأسد وتبرم تسوية مع الحكومة التى ستخلفه فى الحكم حتى وإن واجهت خسارة استراتيجية ثقيلة بعد رحيل الأسد أهم حلفائها فى العالم العربى"، على حد قولها.