تكشف النتائج شبه النهائية التى صدرت حتى الآن، وبعد فرز أكثر من تسعين فى المائة من اللجان أن قوى الثورة نجحت فى سحق الفلول فى أول انتخابات رئاسية نزيهة، ولا ينبغى النظر إلى ترتيب المرشحين وأرقام كل مرشح على حدة، وإنما الصحيح والمنطقى أن تنظر إلى مجموع ما حققته الجبهات المتنافسة، فقد كانت المواجهة فى جوهرها بين جبهتين، جبهة الفلول ويمثلها أحمد شفيق وجبهة قوى الثورة ويمثلها أبو الفتوح ومحمد مرسى وحمدين صباحى والعوا، وعندما تجمع ما حصلت عليه كل جبهة فستجد أن قوى الثورة حصدت ما يزيد على أحد عشر مليون صوت انتخابى حتى كتابة هذه السطور بينما حصل أحمد شفيق على أربعة ملايين صوت انتخابى، بما يعنى أن قوى الثورة سحقت الفلول فى الانتخابات بتحقيقها ما يقرب من 70% من الأصوات الصحيحة، بينما حصل الفلول على أقل من 25% من الأصوات، وإذا وضعت فى الحسبان أن أصوات الفلول تعبر عن كتلة لأصحاب المصالح القديمة مع احتشاد مسيحى صارم مع دعم أمني، فأنت أمام كتلة استنزفت كامل طاقتها فى هذه المرحلة، بمعنى أنها لن تزيد على هذه الأرقام كثيرًا فى مرحلة الإعادة، وإذا نجحت فى أن تسحب من كتلة عمرو موسى، وهى الأقرب للفلول، فإنها لن تسحب أكثر من مليون صوت انتخابى إضافى فى أحسن الأحوال، بالمقابل فإن مرشح الحرية والعدالة محمد مرسى سيحصل بشكل بديهى على الكتلة الإسلامية، التى صوتت لأبو الفتوح، والتى تجاوزت ثلاثة ملايين صوت انتخابي، إذا أضيفت إلى خمسة ملايين ونصف المليون صوت لمرسى، فهذا يعنى أن يحصل الأخير على أكثر من ثمانية ملايين ونصف المليون صوت انتخابي، وهو رقم يستحيل على الفلول أن يدركوه بكل المقاييس، إضافة إلى أن كتلة حمدين صباحى سوف تنقسم بين مرشح الثورة الآن محمد مرسى أو إهدار التصويت وقلة قليلة من المؤمنين بالحداثة المتطرفة أو اليسار المتشدد قد تصوت للفلول، لأن كتلة حمدين صوتت له كمرشح ثورى ضد الفلول، فمن البديهى أنها لن تصوت للفلول بأى حال، ولكن الجزء الذى يشارك منها فى الإعادة من المنطقى أنه سيصوت للمرشح الذى يتصدى للفلول وهو محمد مرسى خاصة أنها كتل قريبة من مناطق نفوذ وتأثير التيار الإسلامى فى الاسكندرية وكفر الشيخ وبورسعيد، بما يعنى أن حصيلة مرسى ستتجاوز تسعة ملايين صوت انتخابى. المفاجأة الحقيقية فى تلك الانتخابات كانت الصعود الأخير لحمدين صباحي، ثم تحقيقه لنتائج مبهرة لم يكن أحد يتوقعها حتى من معسكره، وقد حصل حمدين على ما يقرب من ثلاثة ملايين وربع المليون صوت انتخابى، وتلك نتيجة مشرفة، غير أن أسوأ ما فى الأمر أنه أضر بفرصة عبد المنعم أبو الفتوح، الذى حصل على نفس النسبة تقريبًا، لأن قاعدة التصويت الأقرب لحمدين هى نفسها الأقرب لأبو الفتوح، كمرشحين يعبران عن قوى الثورة من غير الإخوان، ومجموع ما حصل عليه الاثنان كان كافيًا لجعل أحدهما فى المقدمة بفارق مريح، حيث يقترب من ستة ملايين ونصف المليون صوت انتخابي، ولكن انقسام وتفتيت الأصوات بينهما أضر بالاثنين وأخرجهما من المنافسة لصالح شفيق، والمؤكد أن شفيق لو دخل الإعادة، كما هو مرجح حتى الآن، فسيكون مدينا بذلك لحمدين صباحى. أيضًا كشفت الانتخابات عن معاناة الإخوان فى المرحلة الأخيرة من تراكم عدة أخطاء سياسية أثرت بوضوح على كتلتها التصويتية، والتى تراجعت من 40% فى الانتخابات النيابية إلى أقل من 30% على وجه التقريب فى الانتخابات الرئاسية، غير أنها نجحت فى الاحتفاظ بالكتلة الصلبة لقاعدتها التصويتية رغم كل المعاناة وضمنت لقوى الثورة انتزاع مقعد الرئاسة بنسبة كبيرة بإذن الله، غير أن نتيجة الانتخابات إذا ظلت، كما هى حتى الآن، بمعنى الإعادة بين مرسى وشفيق، فإنها حتما ستدعو قيادات الإخوان والحرية والعدالة إلى التحرك من الآن وبسرعة لترميم بعض الشروخ، التى حدثت فى الجولة الأولى داخل الصف الإسلامى أولا، وهذا سهل، إضافة إلى فتح جسور تواصل عاقل وذكى مع الأحزاب وقوى الثورة، التى مثلت كتلا تصويتية مهمة عند أبو الفتوح وحمدين. باختصار شديد، نستطيع أن نبارك من الآن لقوى الثورة انتزاعها لمقعد الرئاسة وطى صفحة الفلول إلى الأبد. [email protected]