باتت الحدود مع الجارة الليبية تشكل الخطر الأكبر الذي أصبح يهدد الأمن القومي لمصر, فمنذ اندلاع الثورة الليبية التي أطاحت بحكم "القذافى" في 2011 وتعيش ليبيا في خضم أزمة مريرة, تكمن جذورها في تردي الأوضاع الأمنية, وتفرض على القوات المسلحة المصرية استنفارًا أمنيًا غير مسبوق على تلك الحدود, ورغم ذلك تحاول عناصر من "داعش" الليبي التسلل إلى الأراضي المصرية؛ للعبث بأمن الوطن, لكن دائمًا تجد مَن يقف لهم بالمرصاد وإحباط مخططاتهم الإرهابية. واستمرارًا لجهود تأمين حدود الدولة على كل الاتجاهات الإستراتيجية، وبناءً على معلومات استخباراتية مؤكدة تفيد تجمع عدد كبير من السيارات استعدادًا للتسلل إلى داخل الحدود المصرية على الاتجاه الاستراتيجي الغربي، وبأوامر من القيادة العامة للقوات المسلحة أقلعت تشكيلات من القوات الجوية لاستطلاع المنطقة الحدودية، واكتشاف وتتبع الأهداف المعادية وتأكيد إحداثياتها والتعامل معها فور اختراق خط الحدود الدولية, بحسب ما نقله المتحدث باسم الجيش. وقال العقيد تامر الرفاعي, المتحدث العسكري، إن القوات الجوية نجحت في إحباط محاولة لاختراق الحدود الغربية استمرت لعدة ساعات، وأسفرت عن رصد واستهداف 12 سيارة دفع رباعي محملة بكميات من الأسلحة والذخائر والمواد المهربة وتدميرها بشكل كامل, مشيرًا إلى أن القوات الجوية وعناصر حرس الحدود مستمرة، في استطلاع وتمشيط المنطقة الحدودية لملاحقة وضبط العناصر الإجرامية واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم. اللواء علي عبدالرحمن, الخبير العسكري, قال إن الأوضاع في ليبيا تزيد من الخطر على الحدود المصرية الليبية وعلى الدولة المصرية ومؤسساتها، مطالبًا الدول العربية خاصة مصر والسعودية بدعم ليبيا إقليميًا وألا تعوّل على المجتمع الدولي، متمنيًا إعادة تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك لمواجهة الإرهاب في المنطقة وخاصة في ليبيا. وأوضح عبدالرحمن في تصريح ل"المصريون" أن تلك العمليات ستتوقف حين تتوقف الدول الداعمة للإرهاب عن تمويل وتدريب تلك الجماعات المتطرفة, ملوحًا أن هناك تعاونًا مشتركًا بين القوات المسلحة المصرية والجيش الليبي, وأشار إلى أن هناك عمليات أخرى يحبطها الجيش ولم يتم الإعلان عنها. وما من شهر يمر إلا وتشهد الحدود حدثًا من هذا القبيل؛ فتلك المرة ليست الأولى التي تحبط فيها القوات المسلحة عمليات تسلل للجماعات المسلحة إلى الأراضي المصرية؛ ففي مايو الشهر الماضي أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة أن القوات الجوية دمرت 15 سيارة محملة ب"أسلحة وذخائر" تسللت عبر الحدود الغربية للبلاد, بعد ورود معلومات استخباراتية مؤكدة تفيد بتجمع عدد كبير من السيارات استعدادًا للتسلل إلى داخل الحدود المصرية من الاتجاه الاستراتيجي الغربي في الصحراء الغربية غرب البلاد, كما أن تلك المرة ربما لن تكون الأخيرة، بحسب ما أكده اللواء جمال مظلوم الخبير الأمني والإستراتيجي. وأوضح مظلوم خلال حديثه ل"المصريون" أن الحدود مع ليبيا أصبحت خطرًا داهمًا يهدد البلاد منذ أزمة الانقسام وسيطرة الجماعات المسلحة والمتطرفة على بعض المناطق هناك, مشيرًا إلى أن تضييق الخناق على الجماعات الإرهابية في سيناء, يدفع "داعش" الليبي إلى الجز بعناصره على الحدود في محاولة لفك الخناق عن إرهاب سيناء. وأشار الخبير الأمني, إلى أن هدف تلك الجماعات هو إحداث فوضى في البلاد والعبث باستقرار مصر, مؤكدًا أن تلك العملية ربما لن تكون الأخيرة, مرجحًا بقيام القوات الجوية بغارات جوية جديدة على معاقل المتطرفين والجماعات المسلحة التي تنشط في ليبيا. يشار إلى أنه في مايو الماضي تسللت عناصر مسلحة من ليبيا, واستطاعت أن تخترق الحدود المصرية, وقامت بتنفيذ حادث أقباط المنيا الذي سقط خلاله عشرات الضحايا والمصابين, بحسب ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسي, وعلى إثر ذلك بدأ سلاح الجو المصري بالتنسيق مع الجيش الليبي الوطني بقيادة المشير "حفتر" بشن غارات مكثفة على ما يسمى ب"مجلس شورى مجاهدي درنة" في الشرق الليبي. وتوقفت الغارات المصرية عقب اجتماع لدول جوار ليبيا ضم مصر والجزائر وتونس, حيث أعلنت دول الجوار الثلاث رفضها لأي تدخل أو خيار عسكري في ليبيا, يحول دون التوصل إلى مسار التسوية السياسية, بما يسهل الوصول إلى حل توافقي يجمع الأطراف المتنازعة على طاولة واحدة.