للمرة الأولى فى تاريخنا, يختار المصريون حاكمهم, مسئولية ثقيلة وعبء كبير, خاصة أن الرئيس القادم هو الأول بعد الثورة العظيمة لشعب عظيم, ولا يزال نسبة كبيرة من الناخبين لم تحسم اختياراتها حتى تلك اللحظة, يتضح ذلك من أسئلة الأصدقاء والزملاء والأقارب, أضف إلى ذلك من نلتقيهم فى المحال العامة أو وسائل المواصلات, والسؤال الذى يطرحونه مباشرة: ننتخب مين؟ وبماذا تنصحنا؟ لا أميل فى تلك الأحوال إلى تسمية مرشح بعينه، بل أناقش معهم أهمية اللحظة وصعوبة القرار وهو مسئولية وأمانة, ثم يفاجئك بعض هؤلاء بالحديث عن غياب المرشح الذى كانوا يريدونه, فلا يزال البعض يرى أن الثلاثة عشر مرشحًا لا يستحق أحدهم شرف حكم مصر, فالمرشحون – من وجهة نظر المتحدثين - إما محسوبين على النظام السابق أو ينتمون إلى جماعات دينية تقوم بتوظيف الدين لمصالحها والدين براء من هذا, أو المرشحون الذين يلعبون على كل الحبال، وأخيرًا المرشحون الذين لم نرهم إلا بعد الثورة ولا يسندهم تاريخ يحمل موقفًا بعينه. ساهم أيضًا فى حيرة قطاع ليس قليلاً من الناخبين عدم وضوح الرؤية فى برامج المرشحين, حيث تغلب الوعود البراقة على أحاديثهم دون التطرق إلى الوسائل التى سيتم من خلالها تنفيذ تلك الوعود والبرامج. المؤكد - وهذا رأيى الذى شاركنى فيه كثير ممن تحدثت معهم - أن الثورة العظيمة قد عجزت عن فرز قيادة شابة تلتف حولها الجماهير وتتمتع بكاريزما أو قبول شعبى ولديها برنامج ورؤية واضحة لتحقيق أهداف الثورة والانتقال بمصر من عصور القهر والاستبداد إلى عصر الحرية وكرامة الإنسان, تلك الشخصية القيادية غير موجودة باستثناء المحامى والمرشح الشاب خالد على الذى يفتقد لكثير من تلك الصفات، كما أنه فشل فى أن يسانده تيار كبير من الشارع. لا يمكن لأى من المرشحين الحاليين الادعاء بالقول إن تيارًا شعبيًا كبيرًا يؤيده وينتصر إليه, ربما نقبل القول إن قطاعًا بعينه من الشعب يميل لمرشح ما, أما الحديث عن وجود تأييد شعبى جارف لمرشح بعينه، فهذا غير موجود, وبسبب قناعة وإدراك مرشحى الرئاسة، لذلك فإنهم بحثوا عن الحشود السياسية والدينية الجاهزة, مثلما جرى فى اتفاقات المرشحين مع الدعوة السلفية وحزب النور والصوفيين والقبائل بسيناء ومطروح وأهل النوبة وجماعة الإخوان المسلمين, حيث إن كل تلك الجماعات والقبائل تمتلك القدرة على الحشد ويلتزم أعضاؤها بنسبة كبيرة بقرار القيادة. بناء على ما سبق، لا يمكن توقع فوز مرشح بعينه, فلا يزال فى المقدمة أربعة أو خمسة مرشحين, كما أن احتمالية الإعادة قائمة بدرجة كبيرة جدا, حيث لن يستطيع أى مرشح حسم نتيجة الانتخابات لصالحه من الجولة الأولى رغم تأييد بعض الجماعات له بسبب تفتيت الأصوات الانتخابية التى ستكون السمة الغالبة لتلك الانتخابات, فالتيار الإسلامى يطرح ثلاثة مرشحين، مما سيؤدى إلى تفتيت الأصوات بينهم، وكذلك المرشحون المحسوبون على النظام السابق، وينطبق ذلك أيضًا على مرشحى الثورة أو اليسار. المؤكد أنها ستكون انتخابات رئاسية نزيهة، فلن يستطيع أحد تزوير إرادة الجماهير ودعونا ننتظر, فللمرة الأولى يتم إجراء انتخابات فى بلادنا دون أن نعرف نتيجتها مقدمًا مثلما جرى فى السابق. ننتصر لمصر الثورة, فانتصروا لها. [email protected]