عندما يفصلنا عن التصويت فى انتخابات الرئاسة بضعة أيام دون أن يحسم 47% من الناخبين اختياراتهم حتى الآن، فإنه ينبغى علينا أن نبحث عن الأسباب؛خاصة أن النسبة ليست قليلة بالمرة، بل هى نسبة مؤثرة يمكنها أن تقلب موازين الانتخابات رأسًا على عقب. حاولت البحث عن أسباب تجعل نصف الناخبين لا يستقرون على مرشح رئاسى بعينه حتى الآن، على الرغم من أن المرشحين الثلاثة عشر يمثلون الألوان السياسية والاجتماعية بل العمرية كافة، فلدينا مرشحون ليبراليون وإسلاميون وثوريون ويساريون واشتراكيون، ولدينا مرشحون تبدأ أعمارهم من الأربعين عامًا حتى السادسة والسبعين مرورًا بأعمار الخمسينيات والستينيات، كما أن لدينا مرشحين فقراء يسألون الناس التبرع لاستكمال ماراثون الانتخابات فى مقابل مرشحين أثرياء، أما عن وظائف المرشحين فهى تضم مختلف المهن؛ حيث الدبلوماسى والطبيب والمحامى والقاضى والضابط والصحفى ومعظم المرشحين مناضلون وثوار وجرى سجنهم؛ لذا سيكون السؤال: لماذا الحَيرة إذن؟. هل لأنها المرة الأولى فى تاريخ المصريين التى يقع عليهم فيها عبء مسئولية اختيار حاكمهم، بعد أن كان يُفرض عليهم، ولم يكن لهم رأى فى اختياره، أم لكثرة عدد المرشحين، فحدثت حالة من اللخبطة والتوهان لدى الناخبين، أم ربما لأنه لا يوجد بين المرشحين مَن يقنع غالبية الناخبين، فلم نجد المرشح الرئاسى ذا الكاريزما الطاغية التى تجذب الناس حوله، بل إن غالبية المرشحين لا توجد بينهم فوارق ضخمة، كما أن معظم برامجهم أقرب إلى البيانات الصحفية التى توزعها الوزارات على زائريها؟. ظنى أنه إذا استمرت تلك النسبة على هذا الارتفاع فربما يؤدى ذلك إلى عدم ذَهاب هؤلاء الناخبين إلى صناديق الانتخاب، أو ربما يبدأون بسؤال الجيران والأصدقاء والمعارف السؤال الكلاسيكى (يا ترى ترشحوا لنا مين عشان ننتخبه؟!)، وهذا هو ما جرى أثناء الاستفتاء على التعديلات الدستورية التى جرت فى مارس من العام الماضى، عندما حار الناخبون بين أن يقولوا نعم أم لا للتعديلات الدستورية، حتى أن نسبة كبيرة من الناخبين حسمت مواقفها عند صندوق الانتخاب، ومنهم مَن كان ينتظر مَن يدفعه بالرأى إلى أى اتجاه. استمرار تلك النسبة المرتفعة من الناخبين والتى لم تحسم أمرها سوف يستغلها الإعلام وبرامج الفضائيات لتوجيهها لصالح بعض المرشحين، كما أن بعض المرشحين أصحاب الحملات الانتخابية الضخمة والقدرات المالية المرتفعة سيسعون للوصول إلى تلك الأغلبية الصامتة والتأثير فيها بكل الطرق. ربما تحسم المناظرات الانتخابية القادمة قرار تلك الفئة الضخمة من الناخبين، وتجعلهم يختارون مرشحًا بعينه وأتمنى من هؤلاء ألا يسألوا أحدًا، بل يصوتون لمَن يروا أنه الأفضل لخدمة البلاد من وجهة نظرهم. قل يا رب. [email protected]