هل الشريعة الإسلامية مطبقة فى مصر؟ سؤال يجب طرحه بقوة, وبخاصة فى هذه الأيام، التى تشتد فيها المنافسة الشريفة حينا وغير الشريفة أحيانًا على مقعد الرئاسة, والتى تستخدم فيها كل الأوراق والشعارات التى يمكن من خلالها جذب أكبر عدد ممكن من الأصوات الانتخابية, ولا شك أن رفع شعار الشريعة الإسلامية, هو أحد الأوراق الرابحة, والتى يستخدمها عدد غير قليل من المرشحين بدرجات متفاوتة.. لكن خرج علينا منذ أيام الدكتور صفوت حجازى, بتصريح مفاده أن الشريعة الإسلامية غير مطبقة, بدليل انتشار البنوك الربوية, وجرائم السرقة, وغيرها من الأشياء التى تعد انتهاكًا للشريعة الإسلامية, وقبل الرد العلمى والتفصيلى على مفهوم مصطلح الشريعة, أود فقط أن أذكر فضيلته بأن هناك فرقًا كبيرا بين الانتهاك النظرى والانتهاك التطبيقى للشريعة الإسلامية, فالانتهاك النظرى يعنى إنكار أو رفض الأمر التشريعى المجمع على شرعيته, فالزنا حرام بالإجماع على المستوى النظرى, بمعنى أنه لا يوجد مسلم ينكر حرمانيته, حتى وإن مارس الزنا, فهو يمارسه، وهو يعلم أنه يتركب خطأ وخطئية كبرى, وبذلك فإن الشريعة مطبقة على المستوى النظرى، أما على المستوى التطبيقى, فهناك من يلتزم بهذا الحظر والمنع الإلهى, وهناك من يقع فيه لا رفضا له بل ضعفا وانهزاما أمام شهوة النفس, ولهذا السبب فرق الشرع بين المستحل، (وهو الذى ينتهك الشريعة على المستوى النظرى)، وبين غير المستحل, وهو الذى يحافظ على هوية الشريعة نظريًا، لكنه يمارس الخطأ على المستوى التطبيقى.. والخلاف المشتد الآن بين الحركات الإسلامية المختلفة هو خلاف تطبيقى, لا خلاف على المفهوم النظرى للشريعة, فالكل متفق على احترام النص, وعلى مرجعية النص, أما واقع التطبيق, ومجال التطبيق, فهو أمر آخر, ينبع من قاعدة أخرى هى قاعدة المصالح والمفاسد, وهى قاعدة طبقها النبى صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده, هناك الكثير من الأمثلة، التى سوف نسوقها إن أتيحت لنا الفرصة. وفى النهاية أود أن أنبه فقط على أن وعود تطبيق الشريعة أمامها واقع معقد وحسابات أخرى, لن تجعل منها أمرًا سهلاً، كما يتصور البعض, لكن عدم تطبيق بعض الشريعة هو جزء من الشريعة, وقد روى أن عمر ابن عبد العزيز قال لابنه عندما طلب منه إلزام الناس بالشريعة: أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيدفعوه جملة.