أكد الدكتور أسامة الباز المستشار السياسي للرئيس مبارك ، وفي أول تعليق لمؤسسة الرئاسة على النجاح الكبير الذي حققته جماعة الإخوان المسلمين في المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات البرلمانية ، أن هذا الفوز لا يقلق النظام المصري ، لكنه استبعد في الوقت نفسه رفع الحظر القانوني المفروض على الجماعة منذ عام 1954 ، والسماح لها بتأسيس حزب سياسي ، ذلك فيما استبعدت مصادر مطلعة أن يقدم الرئيس مبارك على حل البرلمان المقبل ، مشيرة إلى أن الرئيس طلب من مستشاريه إعداد تصور عن كيفية التعامل خلال المرحلة المقبلة مع الجماعة . واعتبر الباز ، خلال محاضرة ألقاها بالمعهد السويدي للشؤون الخارجية بستوكهولم ، أن النتائج التي حققتها الجماعة تأتي في إطار تقوية المعارضة ، قائلا "ما الخطأ في تقوية المعارضة ولكن ليحترموا القانون." كما أرجع الباز أيضا النتائج القوية للجماعة إلى " المكانة الخاصة للدين لدى المصريين وذلك منذ عهد الفراعنة." وأضاف " لن نسمح بقيام حزب سياسي له توجه ديني ، لا يمكن أن يشكلوا حزبا باسم الإخوان المسلمين ، يحظر الدستور ذلك." ورأي الباز أن حقيقة وجود "ما لا يقل عن تسعة ملايين مسيحي" في مصر تبرر حظر الحزب إلا انه اعترف أيضا بأن الإخوان أكدوا أنهم لا يريدون استبعادهم. من ناحية أخرى ، استبعدت مصادر مطلعة أن يصدر الرئيس مبارك أي قرارات لحل مجلس الشعب القادم رداً علي فوز الإخوان بعدد كبير من المقاعد ، كما أشيع خلال الأيام الماضية. وقالت المصادر إن الرئيس طلب بالفعل بعد نتائج الجولتين الأولي والثانية من الانتخابات من مستشاريه إعداد تصور عن كيفية التعامل مستقبلا مع الكتلة البرلمانية الإخوانية تحت قبة مجلس الشعب ، خاصة وأن قيادات لجنة السياسات أبلغت الرئيس أن كتلة الإخوان داخل مجلس الشعب ستعيق وتعرقل تنفيذ برنامج الرئيس الذي أعلن أثناء الانتخابات الرئاسية. وأشارت المصادر إلي أن عددا من مستشاري الرئيس ، خاصة الأمنيين حذروا ، من حل مجلس الشعب خلال العامين القادمين علي الأقل لأن ذلك حسب رأيهم قد يدخل البلاد في حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني ، كما أعرب عدد من قيادات الحرس القديم عن مخاوفهم من أن حل المجلس وإعادة الانتخابات قد يأتي بأغلبية كاملة لجماعة الإخوان وهو الأمر الذي يعني سيطرتهم بشكل كامل علي نظام الحكم ، حسب رأيهم . من جانبهم ، حذر مستشارو الرئيس للشئون السياسية والخارجية من أن مجرد طرح فكرة حل مجلس الشعب قد تثير مخاوف وغضب قوي الضغط الخارجية سواء الأمريكية أو الأوروبية ، كما أنه ليس من المستبعد أن تتخذ هذه القوى قرار حل المجلس كذريعة للضغط علي مصر لتقديم تنازلات في كافة المجالات. وقالت المصادر إن مستشاري الرئيس اقترحوا عليه إتباع سياسة الاحتواء والصفقات السياسية خلال العامين القادمين ، لكنها استبعدت أيضاً أن يوافق النظام علي منحهم حزب سياسي خلال العامين القادمين علي الأقل، حيث يفضل النظام الانتظار لتقييم أداء نواب الجماعة تحت قبة البرلمان ومدي التزامهم بقواعد اللعبة السياسية التي سيتم الاتفاق عليها معهم . في الوقت نفسه ، ألمحت المصادر إلى أن تكون ورقة الطعون في نتائج الانتخابات ، والتي تزيد - حتى الآن - عن 180 طعناً ، هي الورقة التي سيلوح بها النظام دوماً لجماعة الإخوان لحل مجلس الشعب إذا لم تلتزم الجماعة بقواعد اللعبة السياسية كما سبق. ورغم الفوز الكبير الذي حققه الإخوان المسلمون ، إلا إنهم لن يشكلوا أي تهديد لأغلبية الحزب الوطني في البرلمان ، حيث لم ينافس مرشحو الجماعة سوى على ثلث مقاعد البرلمان ، ولكن أهمية ذلك تتمثل في أن المعارضة داخل البرلمان باتت تمثل تحديا حقيقيا للحزب الوطني الحاكم ، وهو ما يفرض عليه ضرورة تحسين أدائه . ومن المرجح أن تحافظ جماعة الإخوان المسلمين على الأداء القوى الذي ظهرت به في المرحلتين الأولى والثانية للانتخابات البرلمانية ، خلال المرحلة الثالثة التي تجري الجولة الأولى منها يوم غد الخميس ، في تسع محافظات هي الشرقية والدقهلية ودمياط وكفر الشيخ وسوهاج وشمال سيناء وجنوب سيناء والبحر الأحمر وأسوان. وتعد محافظات الشرقية والدقهلية وكفر الشيخ من المعاقل القوية للإخوان ، كما أن الجماعة أظهرت خلال الجولتين الأولى والثانية أن لها وجودا قويا في محافظات الصعيد ، التي كانت تعد في السابق كأحد المقاعد القوية للحزب الوطني الحاكم