يخوض البرلمان معارك متعددة، مع النقابات المهنية المستقلة، بعد سلسلة من الهجوم عليها، التي لاحت بأزمات اصطدم فيها النواب البرلمانيون الذين تقدموا بمشروعات قوانين وتعديلات لقوانين أخرى ولوائح، أدخلت النقابات المهنية التي اعترضت على تلك التعديلات فى صدام قوى مع البرلمان. بدأت تلك الصدمات مع نقابة الأطباء والصيادلة، بعد اقتراح نواب البرلمان من لجنة الصحة، بشأن مشروع قانون مزاولة مهنة الصيادلة، بالإضافة إلى الهجوم الذي شن من نقابة المحامين بعد عزمها تقديم طعنًا علي تعديل قانون الإجراءات الجنائية أمام المحكمة الدستورية العليا، كما هو الحال في الصدام المرتقب بين العاملين في مهنة الصحافة، بعد نية البرلمان إصدار قانون لتنظيم الصحافة والإعلام، بحضور رؤساء الهيئات الثلاث الخاصة بالإعلام، دون حضور نقيب الصحفيين أو وفدًا من أعضاء مجلس النقابة رغم إرسالهم لتعديلات القانون منذ شهور. البرلمان والنقابات الطبية بدأ الاعتراض علي هذا الأمر بعد إرسال وفد من النقابات المهنية الأربعة وهى "الصيادلة والأطباء والبيطريين، وأطباء الأسنان"، بمذكرة اعتراض على قانون مزاولة مهنة الصيدلة، الذي يناقشه البرلمان في الفتة الأخيرة. وتكمن الاعتراضات على هذا القانون في مخاوف النقابات الأربع من مشروع القانون المراد تمريره بسبب خطرين شديدين للمجتمع المهني وهما زيادة البطالة لعدد يصل قرابة مئات الآلاف من أعضاء تلك النقابات الذين يقومون الآن بالأعمال التي يصادرها هذا المشروع، وقيام الصيادلة بأعمال مهنية خاصة بغيرهم ولم يؤهلوا لها مما يعرض صحة المواطنين لأضرار بالغة الجسامة، كما يعرض الثروة الحيوانية والزراعية لنفس الأضرار. وكانت هذه النقابات قد أرسلت وفدًا إلى البرلمان واللجنة الخاصة بالصحة، لحضور جلسات مناقشات مشروع القانون، لكي يتم تحت مرأى ومسمع منهم ويتم النظر بشكل إيجابي في أوجه ومواد القانون قبل إقراره وتمريره علي البرلمان في جلسة عامة. البرلمان والصحافة وفي خضم الأزمة بين الصحفيين والبرلمان، خرجت اللجنة التشريعية بنقابة الصحفيين بيانًا للاعتراض علي بعض المواد في مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، لأنه جاء مخالفًا لما جرى التصويت عليه مسبقًا في حضور نقيب الصحفيين ومجلس الصحفيين السابق، قبل فوز النقيب الحالي عبد المحسن سلامة. وجاءت الاعتراضات على هذا المشروع بأنه يعد تعديا علي الحرية والمسئولية والاستقلال ويعطي الحق للسلطة التنفيذية الهيمنة علي الصحافة والسيطرة عليها، من خلال تعديل مواد تشكيل المجالس الثلاثة، بما يجعل لرئيس الجمهورية الحق في تعيين ما يقرب من ربع أعضاء المجلس والهيئتين، بخلاف بقية ممثلي الحكومة والسلطة التنفيذية. ولكن ضرب البرلمان بكل الاعتراضات التي صدرت من الصحفيين، بعد قيام الرئيس بإقرار الهيئات الإعلامية الثلاث الخاصة بالإعلام والصحافة، والتي ستنظر التعديلات الخاصة بمشروع القانون الخاص بتنظيم العمل الإعلامي خلال الأيام القليلة المقبلة، دون الاحتياج إلي الرجوع إلى الاعتراضات التي وجهها مجلس نقابة الصحفيين على مشروع القانون. البرلمان ونقابة المحامين بدأت أزمة جديدة تلوح في الأفق بين المحامين والبرلمان بعد تمرير تعديل قانون الإجراءات الجنائية، حيث أعلنت نقابة المحامين على قيامها برفع دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية العليا، للطعن علي القانون الجديد الذي مرره البرلمان، لأنه يعد انتهاكًا صريحًا لحقوق المواطنين المتهمين في القضايا وخرقًا لمواد الدستور الذي تم الاستفتاء عليه عام 2014. ومن المقرر أن تتخذ المحامين قرارًا نهائيًا بهذا الصدد بعد اجتماعها الخاص بمجلس نقابتها يوم الأربعاء المقبل معلنين أن الرفض يمكن في أن هذه التعديلات لا تتفق مع الحقوق القانونية الخاصة بالمواطن المتهم، ولا تتفق مع أسس العدالة في الدستور، بالإضافة إلى أن التعديلات تقيد حقوق المحامين أثناء ممارسة عمله في المحاكم. وأكد المحامين أن التعديلات التي أقرت مقيدة للحريات وللمحامين الذين يقومون بمهامهم في المحاكم المختصة، كما أنها ستقضي علي حق المتهم في الطعن والنقض علي الحكم الصادر ضده، وسيصبح حكم محكمة النقض حال اللجوء إليها حكمًا باتًا ونهائيًا ولا يمكن الطعن عليه. مؤكدين أنه حال اللجوء إلى الدستورية للطعن علي مواد القانون ستقضي المحكمة بعدم دستوريتها بعد نظر المواد التي سيعلن عنها المجلس في بيانه بعد اجتماعه المقبل. فمن جانبه قال مختار الغباشي، الخبير السياسي، إن الصراعات التي يدخل فيها البرلمان مع النقابات المهنية ليست مفتعلة أو بهدف تفعيل هذه الصراعات، مشيرًا إلي القوانين التي يتم مناقشتها يجب أن يشارك فيها كل الهيئات والمؤسسات المعنية بهذه التعديلات لتجنب وجود هذه الخلافات. وأضاف الغباشي في تصريحاته ل"المصريون"، أنه يجب على نواب البرلمان الذين يتقدمون بمشروعات قوانين أن يكونوا معنيين بهذا الأمر بشكل مباشر، حيث إنه لا يصح أن يتقدم نائب برلماني بمشروع قانون يمس فئة معينة دون الرجوع إلى أهل الاختصاص والمعنيين بالأمر، لتجنب حدوث هذه الخلافات التي تزعزع استقرار الرأي العام. وأوضح الخبير السياسي، ضرورة مناقشة هذه المشروعات داخل الغرف المغلقة دون الرجوع إلى المحاكم والقضاء، والخروج من فخ عدم الدستورية، وهو الملاذ إلى يلجأ إليه المتضررون من القوانين لعدم تمريرها من النواب وإقرارها بشكل رسمي. وفي سياق متصل قال طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية، بالجامعة الأمريكية إن مجلس النواب منذ بداية تشكيله تعرض للعديد من الحملات التي هاجمته بشكل قوي، وزادت تلك الهجمات بعد مشروعات القوانين التي تقدم بها النواب وخاضت صراعًا قويًا مع النقابات المهنية التي تضم عددا كبير من الفئات المجتمعية. وأضاف فهمي، أنه مجلس النواب يحاولون تأدية عملهم بشكل قوي وفي إطار رسمي، ولكن ما يحدث الأزمات هو عدم قيامهم بإرسال دعوات للمعنيين بهذه القوانين لحضور الجلسات النقاشية التي يقوم بها اللجان المختصة بشان كل قانون يتم عرضه، لعدم وصول الأمر إلي صراعات مع تلك الفئات يدخل لحلها القضاء كما يمكن أن يحدث مع قانون الإجراءات الجنائية مع نقابة المحامين.