قرر مجلس الشورى في جلسته أمس تأجيل المناقشات الخاصة بالمادة 143 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، التي تجيز حبس المتهمين على ذمة قضايا جنائية لمدة ثلاث سنوات كحد أقصى، بسبب اعتراض النواب عليها. وتنص المادة على عدم تجاوز مدة الحبس الاحتياطي لأكثر ستة أشهر ما لم يكن المتهم قد أعلن بإحالته إلى المحكمة المختصة قبل انتهاء هذه المادة، لكنها تجيز في جميع الأحوال أن تتجاوز مدة الحبس الاحتياطي نصف الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية بحيث لا تجاوز سنة في الجنح وثلاث سنوات في الجنايات وأربع سنوات إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام. اقترح صفوت الشريف رئيس المجلس أن تعاد هذه المادة التي وصفها بأنها العمود الفقري لمدد الحبس الاحتياطي إلى اللجنة التشريعية، وأن تحضر الحكومة مناقشات النواب مقدمي الاقتراحات بالتعديل في هذه المادة، حتى يتم إحكام صياغتها وعرضها على المجلس مرة أخرى. وأكد المستشار عبد الرحيم نافع رئيس اللجنة التشريعية أن التعويض الأدبي بنشر أسماء من ثبتت براءتهم والحكم الصادر في حقهم في صحيفتين واسعة الانتشار، يكفي عن الإجراءات التي اتخذت بحق المتهم والفترة التي أمضاها في الحبس الاحتياطي. وعزا رفض اللجنة مبدأ التعويض المادي للأبرياء الذين يقضون مدة الحبس الاحتياطي؛ إلى أن الحصول على البراءة يرتبط في الكثير من الأحيان بالأخطاء في الإجراءات ولا علاقة لها بقاضي التحقيق. وقال نافع إن التوسع في مبدأ التعويض المادي سيجعل القاضي واقعا تحت ضغوط خارجة عن إرادته ، تغل من قدرته على حبس المتهمين في وقت قد يكون قرار الحبس لصالح القضية. وكان عدد من النواب قد أعلنوا رفضهم للمادة بصيغتها الحالية، إذ أكد محمد فريد زكريا أنه سوف يكون لها تأثير وتداعيات كبيرة لدى الرأي العام لأنها تحمل شبهة عدم الدستورية، مطالبًا بعدم تجاوز مدة الحبس الاحتياطي لأكثر من ثلاث شهور لما يحمله من أثار نفسية ومادية على المتهم. وحذر النائب من تداعيات الحبس الاحتياطي لمدة قد تصل إلى أربع سنوات على المتهم وأسرته، لاسيما إذا حصل في النهاية على البراءة، معتبرًا أن التعويض الأدبي الذي سيحصل عليه وقتها لن يساوي شيئًا. وقد اقترح النائب إثبات الصلح في القضايا أمام أجهزة الأمن، وهو ما اعترض عليه المستشار محمود أبو الليل وزير العدل، مؤكدًا أن الصلح للمتهم أو وكيله يثبت أمام النيابة العامة أو المحكمة بعد موافقة المجني عليه أو ورثته أو وكيله أو وكيلهم الخاص. من جانبه، طالب ناجي الشهابي رئيس حزب "الجيل" إدخال تعديل على المادة 124 لمنع تعارض فقرات المادة التي تستدعي وجوبًا أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، وقال إن المادة تنص على وجوب وجود المحقق وليس إن وجد. وقد وافق المستشار رجاء العربي مقرر لجنة المشروع على التعديل المقدم من الشهابي وقال إنه مبني على أحكام المحكمة الدستورية العليا التي تؤيد ذلك. وعرض صفوت الشريف رئيس المجلس الاقتراح للتصويت ووافق عليه الأعضاء. أما الدكتور رأفت رضوان فقد طالب بعدم إصدار أمر الحبس الاحتياطي تطبيقًا لمبدأ أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، ولعدم استغلاله كوسيلة لانتهاك حرية الإنسان، لأنه من غير المقبول مثلاً أن يزج بأساتذة بالجامعات في غياهب السجون تحت الحبس الاحتياطي. لكن المستشار عبد الرحيم نافع رفض الاقتراح، وقال إنه يؤيد استمرار تطبيق الحبس الاحتياطي الذي وصفه بأنه نظام يراعى مصالح الدولة حتى لا تحدث الفوضى ومن أجل الحفاظ على حق المجني عليه. كما اعترض على سلب النيابة العامة سلطة الحبس الاحتياطي، وقال إن قاضي التحقيق هو من النيابة العامة. في حين طالب الدكتور عادل قورة رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق بالحد من لجوء سلطة التحقيق إلى الحبس الاحتياطي للمتهمين من أجل مراعاة حقوق الإنسان، داعيًا إلى أن يكون الحل وسطًا بين رأي رضوان ونافع أسوة بالتشريعات الحديثة التي تراعى حقوق المتهم.