قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية, إن السخط الشعبي المتنامي في الغرب إزاء أداء السياسيين، وتفاقم الأزمات الاقتصادية, كانا السبب في تأهل مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان للجولة الثانية لانتخابات الرئاسة الفرنسية. وأضافت الصحيفة في مقال لها في 29 إبريل, أن نتائج الانتخابات الفرنسية تشير أيضا إلى فشل المنظومة السياسية القديمة والأحزاب التقليدية في إيجاد بدائل في الحياة السياسية الفرنسية، ما جعل الناخب يلجأ إلى وجوه جديدة وإن كانت عديمة الخبرة مثل ماكرون، أو الاتجاه إلى أقصى اليمين بانتخاب مارين لوبان. وتابعت " هذه النتائج أنهت المنظومة السياسية القديمة في فرنسا، وحملت إلى الجولة الثانية والحاسمة مرشحين جديدين ومتناقضين على مستوى الطروحات والبرامج، لكن يجمع بينهما عامل واحد يجسد القطيعة مع النظام السياسي التقليدي القائم". وحسب الصحيفة , يتخوف الأوروبيون من صعود لوبان إلى الرئاسة الفرنسية ببرنامجها السياسي الذي يدعو إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي، وموقفها المتشدد من الهجرة واللاجئين مما سيؤدي إلى تداعيات خطيرة على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني. ومقابل طروحات لوبان المعادية للاتحاد الأوروبي، يدعو ماكرون إلى التمسك بالاتحاد والعملة الأوروبية الموحدة، ما جعله المرشح المفضل للمؤسسات الأوروبية. وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية, قالت أيضا إن تقدم مرشح تيار الوسط إيمانويل ماكرون في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية, يبشر بنهاية الفجوة التقليدية بين اليسار واليمين، وبصعود عصر سياسي جديد, ليس في فرنسا فقط, ولكن في جميع أنحاء القارة الأوروبية. وأضافت الصحيفة في مقال لها في 27 إبريل, أن التمييز أيضا على أساس يمين ويسار لم يعد ينطبق على خيارات الناخبين، لكن الانتخابات الآن صارت تنقسم على أساس مجتمع منفتح مقابل آخر منغلق. وتابعت " انتخابات فرنسا كانت اختيارا بين مجتمع المتطرفين المغلق الذي تمثله لوبان والمجتمع المنفتح الذي يمثله ماكرون". واستطردت " المدن المزدهرة صوتت ضد لوبان، التي وجدت دعما فقط في المناطق الريفية أو تلك المحرومة الواقعة على مشارف المدن, ولذا فإن التركيز يجب أن يكون بإيصال مزايا العولمة إلى المناطق الريفية لمنع انتشار ظاهرة لوبان في أوروبا". وكانت صحيفة "الجارديان" البريطانية, قالت أيضا إن الناخبين الفرنسيين, بالتصويت لصالح مرشح تيار الوسط إيمانويل ماكرون, اتخذوا خطوة جريئة انفصلوا فيها عن الماضي, ودشنوا لثورة إصلاحية جديدة في البلاد. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 24 إبريل, أن ماكرون أفضل أمل لفرنسا, في ظل الاضطراب الشديد الذي تواجهه حاليا, بسبب تفاقم مشاكل عدم المساواة والبطالة والانقسامات الاجتماعية والإرهاب. وتابعت " نتائج الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة الفرنسية تمثل تغييرا سياسيا هاما لأول مرة بتاريخ الجمهورية الخامسة منذ نحو ستين عاما حيث ستكون المنافسة الثانية المقررة في 7 مايو بين مرشحين من خارج الأحزاب التقليدية من اليسار واليمين" . واستطردت الصحيفة " هزيمة الأحزاب التقليدية إهانة لليسار واليمين، والسباق في الجولة الثانية سيكون صراعا بين الانفتاح والتعصب والعولمة والقومية والتفاؤل والكراهية ورد الفعل والإصلاح والأمل والخوفط. وكانت صحيفة "التايمز" البريطانية, قالت أيضا إن الفرحة في أوروبا بتقدم مرشح تيار الوسط إيمانويل ماكرون في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية, سابقة لأوانها, وإن على الجميع التريث في هذا الصدد. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 24 إبريل, أن فارق الفوز بين ماكرون وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان كان ضئيلا، وأن لوبان تمثل قوة هائلة ليست على وشك الاختفاء، حيث جمعت مع المرشح اليساري المتطرف جان لوك ميلينتشون أكثر من 40% من أصوات الناخبين الفرنسيين، ما يشكل تهديدا للاتحاد الأوروبي. وتابعت " رغم نجاح حملة ماكرون لإصلاح الاقتصاد الفرنسي، فإنه ليس له قاعدة في البرلمان, الذي سيجري انتخابه في يونيو المقبل، كما أنه سيحتاج إذا انتخب رئيسا إلى إبرام صفقات في البرلمان للوفاء بجزء صغير من وعوده". واستطردت الصحيفة " على ماكرون أيضا أن يظهر نفسه كرجل قوي, وإذا كان ينوي أن تصبح فرنسا عضوا أكثر مركزية في الاتحاد الأوروبي، فيجب عليه أن يفصح للناخبين أكثر عن نواياه بشأن دور فرنسا في العالم". وخلصت "التايمز" إلى القول :" إن الحقيقة التي لا جدال فيها أن هناك صعودا لليمين المتطرف, ولذا فإن الطريق أمام نجاح ماكرون ليس سهلا, وعليه أن يطمئن الناخبين الفرنسيين, ويتصدى للمخاوف, التي يستغلها أمثال لوبان". وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أعلن دعمه لمرشح الوسط إيمانويل ماكرون ودعا الناخبين إلى التصويت له بالجولة الثانية في 7 مايو، بينما أكدت النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية التي جرت في 23 إبريل صعود ماكرون وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان إلى الجولة الحاسمة. وأظهرت النتائج النهائية التي أعلنتها وزارة الداخلية الفرنسية فوز ماكرون بنسبة 24.01% من الأصوات في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية. وحصلت لوبان على 21.30%، والمرشح المحافظ فرانسوا فيون على 20.01%، ومرشح أقصى اليسار الراديكاري جان لوك ميلانشون على 19.58%، بينما حصد الاشتراكي بونوا آمون نسبة 6.36% من الأصوات. ووصفت لوبان منافسها ماكرون بأنه "ضعيف" لعدم وجود خطة وطنية لديه لحماية البلاد من "خطر الإرهاب الإسلامي", حسب زعمها, وذكرت أيضا أن منافسها ليس وطنيا على الإطلاق "فهو لا يدافع عن أي أثر وطني في أي مجال سياسي"، ونعتته بأنه "هستيري ومؤيد بتعصب لأوروبا". ومن جهته, أكد ماكرون أنه يحمل "صوت الأمل" لفرنسا وأوروبا، مؤكدا عزمه أن يكون "رئيس الوطنيين في مواجهة خطر القوميين". أما فيون, فقال في لقاء مع المكتب السياسي لحزب الجمهوريين إنه لم تعد لديه شرعية لمواصلة معركة الانتخابات التشريعية المقبلة. وأضاف فيون مخاطبا قيادات الحزب أن معركة التشريعيات بين أيديهم وأنه سيصبح مناضلا عاديا ويتفرغ لحياته الخاصة ومداواة جروح عائلته، في إشارة إلى فضيحة توظيف زوجته. وفي السياق ذاته, أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أنه سيصوت لماكرون في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 7 مايو . ونقلت "الجزيرة" عن الرئيس الاشتراكي غداة الجولة الأولى من الاقتراع, قوله في 24 إبريل :"إن حضور اليمين المتطرف يعرض بلدنا مجددا للخطر (..) وإزاء هذه المجازفة، لا بد من التعبئة ومن الوضوح في الخيار.. من جانبي سأصوت لإيمانويل ماكرون". وحذر الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته من "خطر القطيعة مع الاتحاد الأوروبي" في حال فوز لوبان التي تدعو للخروج من اليورو ولتنظيم استفتاء حول انتماء فرنسا إلى الاتحاد. وعدد هولاند التداعيات التي ستنجم عن تطبيق برنامجها على حياة الفرنسيين، ومن ذلك تأثر القدرة الشرائية بشكل مباشر، وإلغاء آلاف الوظائف، وارتفاع غير مسبوق في الأسعار مما سيؤثر على الفئات الأضعف. وأضاف "حيال التهديد الإرهابي الذي يستلزم تضامن بلادنا وتماسكها، سيتسبب اليمين المتطرف في تقسيم فرنسا". في غضون ذلك, دعا مسجد باريس الكبير-أبرز المؤسسات الإسلامية بالعاصمة الفرنسية منذ 90 عاما- مسلمي فرنسا إلى "التصويت بكثافة" لماكرون في الجولة الثانية. وقال مسئول مسجد باريس دليل بوبكر في بيان له إن التصويت بكثافة للمرشح الوسطي "يعدّ أمرا حاسما بالنسبة لمصير فرنسا ولأقلياتها الدينية". ودعا بوبكر إلى ضرورة توحد جميع الفرنسيين ضد الأفكار المعادية للأجانب في البلاد، مشددا على ضرورة أن يقف المواطنون المسلمون ضد أفكار اليمين المتطرف والعنصرية ومعاداة الأجانب. وكان مرشحو اليمين واليسار على حد سواء قد دعوا ناخبيهم إلى التصويت لصالح ماكرون في الجولة الثانية، محذرين من تداعيات فوز اليمن المتطرف بقيادة مارين لوبان برئاسة فرنسا. وهذه هي المرة الثانية خلال 15 عاما التي يصل فيها اليمين المتطرف إلى الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية الفرنسية.