أعتبر جيسون براونلي ، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تكساس والمتخصص في قضايا التحول الديموقراطي في منطقة الشرق الأوسط ، أن التحفظ في موقف الإدارة الأمريكية من صعود الإخوان طبقا لنتائج الانتخابات المصرية أمر مفهوم ومتوقع ، فالإدارة التي تتبنى مشروعا لتغيير وجه الشرق الأوسط وتعزيز الديموقراطية شعرت بخيبة الأمل من تراجع أداء التيار الليبرالي وبقية الأحزاب السياسية المصرية في الشارع المصري. وقال براونلي ، في مقابلة مع " تقرير واشنطن" ، إنه لم يعد أمامها من خيارات سوى النظام الحاكم أو جماعة الإخوان، وبالتالي فإن الإدارة عليها أن تختار بين الضغط على النظام القائم لتحقيق إصلاحات ديموقراطية على المدى البعيد وإحداث حراك في المجتمع المصري بمواصلة دعم التيارات الليبرالية ومؤسسات المجتمع المدني، بمعنى أن تبطئ الإدارة في تنفيذ خططها للتغيير في الشرق الأوسط ، أو في المقابل عليها أن تتقبل وصول الإخوان إلى الحكم وما ينطوي على ذلك من تهديد للمصالح الأمريكية . وأوضح براونلي أن القلق الأكبر لدى الإدارة من صعود الإخوان يكمن في أن حكومة مفترضة للإخوان في المستقبل تعنى التعامل مع نموذج حكم يتمتع باستقلالية وهو ما لا يتمتع به الحزب الحاكم في مصر الآن في علاقته بالولاياتالمتحدة والتي غالبا ما تتسم بالتبعية . ورأى الباحث الأمريكي أن أولوية الولاياتالمتحدة الآن هي استقرار الحياة السياسية في مصر ووجود حكومة لا تضر بالمصالح الأمريكية في المنطقة . في المقابل ، اختلفت ميشيل دن الخبيرة في معهد كارنيجي والأستاذة بجامعة جورج تاون مع براونلي ، مشيرة إلى أن إدارة الرئيس بوش لعبت دورا في غاية الأهمية للضغط على النظام المصري وتشجيعه للقيام بالإصلاح حتى وإن أدى هذا الإصلاح إلى تحقيق جماعات معارضة لسياسة الولاياتالمتحدة مكاسب سياسية . واعتبرت أنه على الولاياتالمتحدة أن تواصل هذا الضغط والتشجيع لتعزيز الديموقراطية والإصلاح بما فيها إجراء انتخابات حرة بغض النظر عن القوة أو التيار الذي تأتي به نتائج هذه الانتخابات. وجدير بالذكر ، أن مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة اعتبرت الأسبوع الماضي أن حظر واستبعاد الإسلاميين من المشاركة في الحياة السياسية على أساس أنهم غير ديمقراطيين يعتبر خطأ . وحذرت أولبرايت الولاياتالمتحدة من دعم إصلاحات زائفة تؤدي إلى عزل المعارضة الإسلامية ، مشددة على أن أنجع وسيلة لانحسار التطرف في الشرق الأوسط هي السماح للمعارضة الإسلامية غير العنيفة بالمشاركة في الحياة السياسية. وتعليقا على تصريحات أولبرايت ، أكد جيسون براونلي أنه يتفق مع أولبرايت ، لكنه لفت إلى أن هذا الموقف لا يمثل وجهة نظر الإدارة الأمريكية. واستبعد براونلي تغير السياسة الأمريكية حتى لو وصل رئيس من الحزب الديمقراطي إلى البيت الأبيض ، موضحا أن الخبرة التاريخية تقول إن السياسة الخارجية الأمريكية تتسم بالديمومة والاتساق بغض النظر عن من يكون في البيت الأبيض ، فالفروق بين الديمقراطيين والجمهوريين في السياسة الخارجية حول التعامل مع التيارات الإسلامية طفيفة للغاية.