فضل قضاة مصر مواصلة التحدي مع الحكومة وأجهزتها التنفيذية من خلال الاستمرار في الإشراف على جولة الإعادة للمرحلة الثالثة من الانتخابات ، التي تجري يوم الأربعاء المقبل ، وتعهدوا بالعمل على "منع التزوير" خلال هذه الجولة ، كما طالبوا بإقالة وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي باعتباره المسئول عن الاعتداءات التي تعرض لها القضاة خلال إشرافهم على الانتخابات ، ومسئوليته عن قيام أجهزة الأمن بمنع الناخبين من الوصول إلى لجان الاقتراع للإدلاء بأصواتهم. وأشار المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادى القضاة إلى أن القضاة سيحددون في جمعيتهم العمومية التي ستعقد في 16 من الشهر الجاري موقفهم من الإشراف على أي انتخابات قادمة وان هذا الموقف سوف يتحدد بناء على ما ستسفر عنه انتخابات الإعادة للمرحلة الثالثة من انتخابات 2005 قائلا " لو وجدنا انتخابات الإعادة كما حدث بالأمس القريب سوف يكون هناك عمل عظيم ، لكنه لم يشر إلى طبيعة هذا العمل . وشهد الاجتماع الذي عقده نادي قضاة مصر أمس ، واستمر لأكثر من ساعتين ، مطالبات عديدة بمقاطعة الانتخابات باعتبار أن الحكومة سوف تقوم في كل الأحوال بتزوير نتائج الانتخابات . وقال المستشار هشام البسطويسي نائب رئيس محكمة النقض "علينا أن نمتنع عن المشاركة في الجولة الأخيرة من الانتخابات لان الاعتداء على القضاة سيكون اكبر ولان حضورنا من عدمه لن يجدي شيئا فالانتخابات ستزور في كل الحالات سواء أشرفنا أو لم نشرف". واتهم البسطويسي عددا محدودا من القضاة "يقلون عن عشرة ويترأسون اللجان العامة (التي تتولى جمع نتائج فرز كل صندوق وإعلان النتائج في الدوائر المختلفة) بتغيير نتائج الانتخابات". وتعهد بان "يعلن اسم كل قاض ساهم أو شارك في التزوير أو تستر عليه". وأضاف "عندما نسكت على قاض منحرف نصبح كلنا شركاء بالصمت والقاضي المزور منحرف تماما كالقاضي المرتشي ويجب أن يخرج من القضاء فهو برئ منه". لكن الموقف المؤيد للاستمرار في الإشراف على الانتخابات هو الذي انتصر في النهاية ، وقال المستشار محمود الخضيري رئيس نادي قضاة الإسكندرية ، في ختام الاجتماع ، "سنمارس حقنا وسنشرف على الانتخابات ونقول لهم (الأجهزة التنفيذية والشرطة) سنتحداكم وسنعمل على منع التزوير". وخاطب الخضيرى مئات القضاة الذين حضروا من كافة محافظات مصر لحضور الاجتماع بالقول " لو امتنعتم عن الإشراف على جولة الإعادة المقرر لها يوم الأربعاء القادم سوف يأتون بمن يزور هذه الانتخابات " ، معربا عن توقعه بان جولة الإعادة القادمة سوف تكون أسوأ جولة في تاريخ الانتخابات المصرية . وطلب الخضيري من القضاة بعد أن استمع المجتمعون إلى شهادات العديد منهم حول الاعتداءات التي تعرضوا لها ومحاصرة الشرطة للجان "عدم السماح للناخبين الذين يأتون بصحبة مندوبي الحزب الوطني بالتصويت ما لم تفك قوات الأمن حصارها للجان الانتخابية وتسمح للناخبين جميعا بالإدلاء بأصواتهم". ودعا الخضيري اللجنة العليا للانتخابات ، التي يترأسها وزير العدل محمود أبو الليل إلى إلغاء الاقتراع في أي دائرة يتم فيها محاصرة أي لجنة انتخابية. من جانبه ، أكد نائب رئيس محكمة النقض المستشار احمد مكي أن القضاة ماضون في إشرافهم على الانتخابات البرلمانية وان قرارهم بشان المشاركة في الانتخابات القادمة متروك لما تسفر عنه قرارات الجمعية العمومية التي يتم عقدها في منتصف ديسمبر الجاري. وأشار مكي إلى أن القضاة مازالوا يمدون أيديهم للسلطة ويطالبون بتحقيق مطالبهم في إشراف قضائي كامل على الانتخابات ووجود شرطة قضائية لحماية القضاة. وقال مكي إن السلطة تمارس أعمال البلطجة ضد القضاة ليس فقط في اللجان الانتخابية ولكن أيضا في الصحف المملوكة للدولة ، مؤكدا تمسك القضاة بالإشراف على آخر مراحل الانتخابات البرلمانية مع التمسك في ذات الوقت بالمطالب الأساسية التي ينادون بها منذ عام 1990 . واعتبر المستشار مكي أن اللاعب الرئيس في تلك الانتخابات هو وزير الداخلية الذي عمل على تهميش دور القضاة داخل اللجان من خلال قيامه باختيار القضاة المشرفين على الانتخابات وهو ما لا يجوز وفقا لأحكام محكمة النقض. وأكد عدد من القضاة الذين اشرفوا على الانتخابات البرلمانية أن سلطة القضاة لم تعد مستقلة وانه يتم التدخل السافر في أعمالها بأوامر مباشرة من السلطة التنفيذية التي حملوها مسئولية الاعتداء السافر عليهم من جانب أجهزة الأمن والمأجورين من البلطجية. ونددوا بنقض وزير العدل للاتفاق المبرم بينهم وبين الوزارة في السابع والعشرين من نوفمبر الماضي والذي تضمن مطالب أساسية في مقدمتها السماح للناخبين بالدخول في حرية إلى لجان الانتخاب وتأمين القضاة داخل اللجان وإعلان النتائج في اللجان الفرعية من خلال مكبرات للصوت وفى حضور كل من المرشحين ووكلائهم. وطالب القضاة رئيس الجمهورية بالحفاظ على هيبة القضاء وعدم تركه ينهار وان يجعله المنصة العالية التي تتطلع لها كل الرؤوس . وشهد الاجتماع مطالبات من عدد من القضاة بإقالة اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية ، واعتبر المستشار أمين عوض رئيس محكمة الزقازيق أن الحكومة هي التي أعطت التعليمات بالاعتداء على القضاة ومحاصرة مكاتب الاقتراع ومنع الناخبين ، و أبلغ رد على الحكومة هو ألا نشارك في الجولة الأخيرة من الانتخابات". وكانت السمة الأساسية للجولة الأولى من المرحلة الأخيرة للانتخابات التشريعية التي جرت الخميس الماضي هي محاصرة اللجان من قبل قوات الشرطة ومنع الناخبين من الاقتراع في الأماكن التي يتمتع فيها مرشحو المعارضة والإخوان المسلمين بنفوذ قوى. وفى شهادته على سير الانتخابات ، أكد المستشار محمد يوسف رئيس اللجنة رقم 20 بدائرة المحمودية بالبحيرة انه تم إكراهه على التزوير وسبق الإصرار والترصد والتدبير المسبق ، مشيرا إلى أن الشكاوى والاستغاثات التي بعث بها إلى الجهات المعنية وفى مقدمتها رئيس الجمهورية ورئيس اللجنة العليا للانتخابات لم تنصفه ، مؤكدا أن عقوبة التزوير بتلك اللجنة تصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة. وأشار إلى تعرضه لوسائل ضغط ليس فقط من اجل التزوير وإنما لمنع الحديث عن أي تجاوز حدث ، مؤكدا اعتصامه بالقضاة وعدم إشرافه على انتخابات الإعادة داعيا القضاة للانتصار للحق. في السياق ذاته ، وصف المستشار محمد عوض رئيس محكمة ، الانتخابات بأنها اكبر من الحرب وتحوى رسالة للقضاة بعدم أهمية الدور الذي يقومون به ، مشيرا إلى أن هناك محاولة لإبعاد القضاة عن الانتخابات وان هناك أوامر مباشرة بضرب القضاة وهو تصرف ينم عن اتجاه لدى السلطة. وطالب بإقالة وزير الداخلية لأنه اثبت حالة من التواطؤ مع البلطجية الذين مارسوا كل الانتهاكات في حق القضاة وأيضا في حق الناخبين ، مؤكدا ضرورة إبراء ذمة القضاة من نتائج الانتخابات في الدوائر التي حدث بها تزوير. من جهته ، أشار المستشار محمود أبو شوشة عضو مجلس إدارة نادى الإسكندرية إلى حالة تعدى بالضرب المبرح على احد القضاة المشرفين على إحدى اللجان بدمنهور حيث اعتدى عليه أفراد الأمن وطرحوه أرضا بعد أن أصيب بكسور في العظام ، مؤكدا أن الاعتداء على شخص قاضى أمر تهتز له أركان أي دولة تحترم قضاءها. ولفت المستشار عادل شرباصى إلى قيام 126 قاض بكفر الدوار بتقديم مذكرة لرئيس اللجنة العامة حول وقائع منع الناخبين من الدخول للجان وطالبوا بإلغاء الانتخابات إلا أن طلبهم لم يتم الاستجابة له وتم إعلان النتائج على غير المتوقع.