إنه السؤال المطروح الآن فى وسائل الإعلام المحلية والعالمية، بعد تأييد قوى إسلامية متشددة أو محافظة للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، واعتباره مرشحها للرئاسة، الإجابات معظمها لصالح الثانى وخسارة الأول وخروج الجماعة من المعادلة نظريًا، لأن أبو الفتوح على حد قول صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية يوم الاثنين، يتمتع الآن بتأييد كتلتين صوتيتين هما الأكبر فى مصر.. الأقباط والسلفيون، يضاف إليهما القوى الليبرالية والعلمانية المعجبة بطروحات أبو الفتوح المنفتحة للغاية، أبرزها اعترافه بأنه ليبرالى يسارى، وأنه لا لزوم لتطبيق الشريعة لأن المادة الثانية من الدستور تمثل المرجعية الإسلامية. إذا استثنينا الكتلة التصويتية السلفية، فإن الأقباط لن يصوتوا لأبو الفتوح اعتمادًا على تلك الأقوال، فهو خريج مدرسة الإخوان ويحمل فكرها، وما يطرحه حديثًا يقع بين قوسى الدعاية الانتخابية.. أى بمثابة "تقية" يمارسها. قواعد الكتلة التصويتية السلفية ليست حكرًا حصريًا لحزب النور والدعوة السلفية، فقد يكون لها رأى آخر أمام صناديق الانتخاب، ليس بالضرورة أن ينحاز لأبو الفتوح. ما يعنينى هنا الكتلة الأكبر التى تنظر بصمت لهذا المشهد التقسيمى أو الانقسامى بين قوى التيار الإسلامى، فقد اكتشفت بتأييد حزب النور والدعوة السلفية والبناء والتنمية وحزب الوسط بالإضافة إلى الجماعة الإسلامية لأبو الفتوح، أن أحمد مثل الحاج أحمد، وأن الليبرالى أو العلمانى ليس "كافرًا"، بل يحمل فكرًا حياتيًا إذا صدقنا الظاهر من تصريحات أبو الفتوح وابتعدنا عن الباطن الذى لا يعلمه إلا الله. فالظاهر أنه ليبرالى متكامل العناصر بمراجعة تصريحاته وأقواله وتحالفاته، ونصف علمانى لأنه يرى فى المادة الثانية للدستور المعطل، بديلاً عن مشروع حكم إسلامى متكامل كان يطالب به السلفيون ويبدو أنهم تخلوا عنه، لأنهم عوضًا عن ذلك يريدون تقديم أنفسهم فى الوقت الحالى كجماعة سياسية أكثر مرونة من الإخوان. طبعًا خسر محمد مرسى كتلة تصويتية كبيرة بانقسام التيار الإسلامى بين فصيلين.. الإخوان فى جانب والفصائل التى ذكرتها سلفًا فى جانب آخر.. وخسر أيضًا الكتل التصويتية لغير الإسلاميين الذين كانوا متعاطفين مع إعطائهم فرصة الحكم، وهؤلاء الذين نسميهم حزب الكنبة سيجدون عمرو موسى منقذًا، فمشروعه لا يختلف عن مشروع أبو الفتوح الليبرالى نصف العلمانى، ويتميز عنه بخبرته السياسية وعلاقاته المتميزة مع دول الإقليم المحيطة والتى تشكل سندًا اقتصاديًا مهمًا، وقد ظهرت هذه الخبرة لحزب الكنبة خلال أزمة أحمد الجيزاوى المعتقل فى السعودية لإدخاله حبوبًا مخدرة محظورة، فموسى الوحيد الذى اتصل برئيس الدبلوماسية السعودية وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل ليعالج المسألة. وعد عمرو موسى بحل المشاكل الاقتصادية الطارئة والأمنية خلال مائة يوم، مشيرًا إلى أنه سيأتى بالأموال اللازمة من "الإخوة"، أى الدول العربية الخليجية التى يرتبط بعلاقات جيدة معها. تأييد القوى السلفية وأطياف أخرى من التيار الإسلامى لعبد المنعم أبو الفتوح بمثابة فتوى لحزب الكنبة بتأييد الذى يرونه كفؤًا وقادرًا على انتشالهم من الأوضاع السيئة الحالية بغض النظر عن انتمائه للتيار الإسلامى من عدمه، وسيرى الكثيرون أن عمرو موسى هو الأنسب ورجل المرحلة. الخلاصة أنه تم التخلى عن المشروع الإسلامى فى ظل حالة الانقسام الطارئة التى جعلت حزب النور ينشق نظريًا عن تحالفه مع حزب الحرية والعدالة، وقد رأينا معالم الانشقاق واضحة عندما رفض ممثلوه فى البرلمان تعليق جلسات مجلس الشعب الذى أعلنه الكتاتنى وتحالفوا مع الليبراليين. الآن .. أحمد مثل الشيخ أحمد.. وسيضحك أخيرًا من يجمع الكتل الأصواتية الأكبر دون دور حاسم للمسألة الإسلامية. [email protected]