في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، وفور تخرجي تركت تخصصي العلمي، واتجهت إلى العمل الصحفي تائهة بين الجرائد الحزبية، باحثة عن سبيل لبث رؤيتي المعبرة عن هويتي الإسلامية. وما بين الصحافة الحزبية الضيقة والجرائد العربية المحدودة بقضايا العنوسة والطلاق، كدت أختنق حتى وجدت ضالتي في مجلتي الحبيبة "المختار الإسلامي", التقيت بالحاج حسين عاشور، الرجل المهذب الأب الفاضل صاحب الرؤى الثاقبة والثورية المخلصة الذي يحترم ويقدر كل فصائل الحركة الإسلامية. في "المختار الإسلامي" التقيت برموز متعددة ومتباينة، إخوان, جماعة إسلامية, جهاد, ومن كل أنحاء العالم الإسلامي ممن لا أنساه الدكتور الشهيد علاء محيي الدين رحمه الله الذي كان يكتب بالمجلة. كل فصائل الصحوة تعتبر "المختار الإسلامي" كمجلة ودار نشر معبرة عنها، بفضل النظرة الشمولية للحاج حسين عاشور الذي لم يورث مالاً ولا عقارًا، بل ورث مئات من الإصدارات السياسية الذي لم يتكسب فيها بل سبت له دائمًا أزمات سياسية واقتصادية طاحنة. وابتلي الرجل في حياته بموت ابنه الشاب النبيل هشام عاشور وظل صابرًا محتسبًا وصامدًا، يمد يده للجميع ولا ينتظر من أحد جزاءً ولا شكورًا. سيرحل الجميع وستظل إصدارات "المختار الإسلامي" من "زوال إسرائيل حتمية قرآنية"، حتى كتب الشيخ كشك وغيرها من الكتب المميزة علم ينتفع به وصدقة جارية على روح الحاج حسين عاشور، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته مع النبيين الصديقين والشهداء الصالحين.