إذا صحّت الأخبار التى نشرها موقع "المصريون" أمس على لسان قيادي إخواني عضو بمكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، بتهديد قيادات بارزة بمكتب الإرشاد بتقديم استقالتها إذا لم يتم الاستجابة لنصائح الشيخ يوسف القرضاوي والمفكر طارق البشري بضرورة سحب الجماعة لمرشحها د.محمد مرسي والذي يفتقد الشعبية والكاريزما، خاصة أن الجزء الأعظم من شباب الإخوان وقواعد الجماعة بالمحافظات تميل إلى دعم د.عبد المنعم أبو الفتوح، ويطرح البعض على الجماعة دعم الأخير مقابل أن يتولى د.مرسي منصب نائب رئيس الجمهورية. الضغوط السابقة على جماعة الإخوان هدفها توحيد صفوف مرشحي التيار الإسلامي لدعم مرشح واحد؛ حتى لا يتم تفتيت الأصوات لصالح مرشحي النظام السابق، ومن ثَمَّ يخسر الجميع خاصة الثورة المصرية، وتأتي فكرة دعم اسم أبو الفتوح بعد أن تأكد كثيرون أنه يتمتع بفرص قوية للفوز؛ خاصة إذا جرى دعمه من بقية التيارات الإسلامية، وهذا ما بدأ يتحقق خلال الساعات الماضية، حيث أعلن حزب النور عن دعم أبو الفتوح وكذلك رؤساء الدعوة السلفية. أعلم أن قرار الجماعة بسحب مرشحها ليس سهلاً؛ خاصة أنها عاندت كل القوى السياسية بالمنافسة على الانتخابات الرئاسية، رغم علم الجماعة وقياداتها أن فرص د.مرسي للفوز بمنصب الرئيس صعبة للغاية؛ فالرجل غير معروف على الإطلاق، كما أن أعضاء الجماعة أنفسهم منقسمون على تأييده، مقارنة مثلاً بالمرشح السابق خيرت الشاطر الذي يتمتع بشعبية هائلة داخل الجماعة، كما أن له كاريزما تميزه عن المرشح الحالي؛ لذا حرص الشاطر على حضور جميع مؤتمرات زميله محمد مرسي لعله يسانده! منذ تنحي الرئيس السابق والجماعة ترتكب سلسلة متتالية من الأخطاء، وكان الأمل معقودًا عليها بصفتها الأكثر تنظيمًا وقدرة على الحشد لقيادة تلك المرحلة الانتقالية مع الالتزام بإعلاء مصلحة مصر العليا على المصالح الحزبية الضيقة، لكن الجماعة خذلت القوى السياسية كافة برغبتها النهمة فى الاستحواذ على البرلمان، ثم "التأسيسية"، ثم تشكيل الحكومة وانتهاءً بدفع مرشحها إلى انتخابات الرئاسة. ظنّي أن الفرصة أصبحت مواتية للجماعة ثانية بعد حل الجمعية التأسيسية للدستور وعودتها إلى القواعد المستقرة دوليًا بأن تتكون من كل أطياف الأمة، كما أن سحب الجماعة لمرشحها الرئاسي سوف يعيدها ثانية إلى صفوف القوى السياسية الوطنية بعد انسحابها. إن إعادة الجماعة الأمور إلى نصابها ومغالبة الهوى الحزبي سوف تعيد إليها الشعبية التي افتقدتها كثيرًا خلال الشهور الماضية، ثم إجراء تفاهمات وحوار مع د.أبو الفتوح سوف يحقق مصالح كل الأطراف، لكن تقديري أن حجم صراعات النفوذ داخل الجماعة لن يدفع إلى الاستجابة إلى صوت العقل الذي يقدمه البشري والقرضاوي، وللأسف فإن مصر بكل جلالها وعظمتها تدفع تكلفة صراعات شخصية وحزبية ضيقة بين أبو الفتوح والشاطر وبينهما المرشد. لازلت أراهن على وجود عقلاء داخل جماعة الإخوان، وأنهم سيسعَوْن في نهاية الأمر إلى الضغط على قيادات الجماعة للاستجابة إلى الصالح العام، فلا يمكن أن توافق الجماعة على تسليم حكم مصر إلى مرشحي النظام السابق بسبب الصراعات الإخوانية الضيقة وغلبة الهوى الحزبي. فهل ينتصر صوت العقل؟! [email protected]