بدأت بعض القنوات الفضائية والصحف - المحسوبة على "إعلام الفلول" - الترويج لعقد مناظرات بين مرشحى الرئاسة فى غضون الأيام القادمة، فى ظل شكوك تساور خبراء الإعلام بوقوفها على مسافة واحدة من جميع المرشحين، فى ظل عدم حيادية تلك القنوات التى قد يغلب عليها التوجه لصالح مرشح بعينه، متحدثين عن تحالف قوى يديره عدد من قيادات الحزب "الوطنى" المنحل ورجال إعلام المنتمين للنظام السابق لحشد الرأي العام لصالح أحد المرشحين في مواجهة مرشحى التيار الإسلامى. وقالت الدكتورة إيناس أبو يوسف، أستاذ الإعلام الدولى، إنه من الصعوبة أن تشهد مصر مناظرات لمرشحى الرئاسة مماثلة لتلك المناظرات التى تتم عبر وسائل الإعلام، فى بعض دول العالم، نظرًا لعوامل أهمها أن رجال الأعمال ورؤساء الأحزاب هم المسيطرون على وسائل الإعلام، مع الأخذ فى الاعتبار أن طريقة إدارة المناظرات غير إدارة الحوارات؛ خاصة أن معظم البرامج الحوارية الموجودة الآن على الساحة يشوبها الكثير من العوار، فالمذيع أو المذيعة يُظهران تعاطفهما أو نفورهما من الضيف بشكل واضح جدًا، من خلال حركات وإيماءات تجاه إجابة الضيف أو مواقفه، فضلاً عن طريقة انتقاء الأسئلة والتقديم للضيف وغيرها. وقالت: لا بد من الأخذ فى الاعتبار كم الخروقات والتجاوزات السابقة، إضافة إلى تحكم رأس المال فى الإعلام، وإن هناك أربع أو خمس قنوات هى المستحوذة على الساحة الإعلامية والإعلانية في مصر ملك لرجال أعمال أغلبهم متورط فى قضايا فساد، متسائلة: هل ستقوم هذه القنوات باستضافة من يخالف الرأى ويريد التطهير والإصلاح؟ وكيف ستكون طريقة إدارة المناظرة، من حيث الإعداد لها، وهل تمتلك من الخبرة التى تؤهلها لإجراء هذه التجربة؟. وأكدت أستاذة الإعلام الدولى أن من شأن هذه المناظرات أن تلقى بأثيرها فى المواطنين والفقراء والأميين على وجه الخصوص، مشيرةً إلى أنه فى حال القيام باستطلاع للرأى عن المرشحين المعروفين لدى العامة فسنجد الأغلبية لا تعرف إلا المستحوذين على برامج القنوات الفضائية. واعتبرت أنه مع سيطرة التوجه الليبرالى على الاقتصاد المصرى والمتحكم فى الإعلام فى آن واحد، فإن ذلك ينبئ بأن المرشحين أصحاب الحظ الأوفر من التلميع هم مرشحو التيارين الليبرالى واليسارى. ورأت أنه فى ظل الوقت الضيق فإن إجراء مناظرات بين مرشحى الرئاسة لن تكون مجدية والأفضل أن تقام فى جولة الإعادة حيث عدد المرشحين يكون قد قل ومحاولة المحاباة تكون قد ضعفت. من جهته، أكد الدكتور رفعت الضبع، أستاذ الإعلام والمشرف على حملة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الانتخابية في 2008 على أهمية المناظرات فى المشهد السياسى المصرى لتسهيل قرار الناخب فى تحديد مرشحه، خاصة أن المناظرات تعرض فيها برامج المرشحين ويتضح المعالم المبدئية عن مهاراتهم الشخصية وعن القدرة الإقناعية للمرشح وكثير من صفاته. إلا أنه أكد على ضرورة أن تتم المناظرات بالعدل بين المرشحين، ويتقدم بتحليلها المتخصصون والخبراء لتبسيطها للأميين وجاهلى السياسة، حتى يتسنى للجميع وضوح الرؤية وحسن المقارنة. وأكد الضبع على دور الإعلام السلبى فى حالة عدم التزامه بالمعايير المهنية مما يجعله قد يخفق بنجوم وقد يصنع من بعض نجومًا، مؤكدًا أن الغزو الثقافى الخارجى الوافد من بعض الدول المعادية يؤثر سلبيًا فى الشعب المصرى المتلقى للمعلومة عبر وسائل الإعلام. وطالب الإعلاميين بأن يلتزموا الصدق والموضوعية والدقة والحقيقة والحيادية، ومواثيق الشرف الإعلامية وألا يسمحوا لأنفسهم بالاستمالة لأحد على حساب آخر، وأن يقدموا المصلحة العليا لمصر فوق أى اعتبار. وأشار الضبع إلى أن هناك فرقًا بين المناظرات الانتخابية التى تتم فى الدول الرأسمالية مثل الولاياتالمتحدة والدول النامية مثل مصر، إضافة إلى أن الشعب الأمريكى يعطى أهمية كبرى لتلك المناظرات وتبدأ الدعاية الانتخابية قبل موعد الانتخابات بفترة كبيرة مما يمنح الناخبين فرصة لتحديد آرائهم نحو مرشح بعينه، مشيرًا إلى أن الوقت فى مصر الآن غير كافٍ للمرشحين لعرض أفكارهم وآرائهم وتحقيق التواصل مع الناخبين. وأكد الدكتور على عجوة، أستاذ الإعلام أن كثيرًا من الإعلاميين لا يزالون منحازين للنظام البائد، مما سيؤثر بالسلب على الأداء الإعلامى والتوجهات، خاصة أن الإعلام الموجه ساهم بشكل كبير فى تشكيل الاتجاهات الجماهيرية قبل 25 يناير، وبعدها إلى حد كبير، مشيرًا إلى أن الإعلام المنتمى للفلول كالورم الخبيث من الصعب إزالته. فيما شدد لويس جريس، عضو لجنة تقييم الأداء الإعلامى التى شكلتها اللجنة العليا للانتخابات من إعلاميين، على ضرورة أن هناك ضوابط ومعايير تحكم المناظرات الإعلامية لمرشحى الرئاسة، مشيراً إلى أن الوعى القومى للناخبين قادر على تحليل وفهم برامج وأفكار هؤلاء المرشحين.