السؤال حائر ومحيِّر أيضًا: هل ما نعيشه الآن فى مصر ثورة أم حالة ثورة ؟!، أما أنا وأنت وهو وهى فنتفق على أنها ثورة، وقد حققت غايتها الكبرى المتمثلة فى خلع رئيس البلاد، وإسقاط نظامه كله، بل سجنهم ومحاكمتهم، وهو الهدف الأكبر الذى كان الثوار يسعون إليه جاهدين، وكانوا على استعداد أن يجلسوا العمر كله فى ميدان التحرير وميادين أخرى حتى يتحقق مرادهم. وأما كاتب آخر- مصرى - وهو عصام الدسوقى، فيرى عكس ذلك، يرى أن ما تعيشه مصر "حالة ثورة" تسألنى يعنى ماذا يقصد بحالة ثورة ؟، وأقول لك يعنى إلى الآن نعيش "هوجة الثورة"، تسألنى أيضًا: والسبب؟، وأجيبك السبب - كما يرى هو - أن الثورة لم تتحقق بسبب عدم وصول الثوار إلى الحكم. وكلام الدسوقى يجعلنى أتساءل سؤالاً مهمًا: هل أخطأ الثوار فى أنهم لم يكونوا طامعين فى الوصول للحكم؟، وهل أخطأ الثوار أيضًا لأنهم لم يكوِّنوا مجلس قيادة ثورة - كما حدث فى ثورة يوليو مثلاً- ويكون من حق مجلس قيادة الثورة الحكم وتسيير دفة البلاد، وليس المجلس العسكرى الذى وكَّله الرئيس المخلوع بذلك ؟! سؤال آخر: لو كوَّن الثوار مجلس قيادة ثورة من الميدان، فمَن الأصلح أيامها أن يتولى رئيس مجلس قيادة الثورة مثلاً؟، وممن يتكون هذا المجلس وما الصلاحيات التى يمكن أن تخوَّل له ومَن الذى سيخولها له الشعب كله أم ثوار التحرير فقط أم المجلس العسكرى؟، وهل يحق لمجلس الثورة أن يأمر ويوجه المجلس العسكرى ليحميه ويحمى الثورة كلها؟. فى رأيى أن عدم تشكيل مجلس قيادة للثورة خطأ، وقد اعترف بذلك أيضًا الدكتور صفوت حجازى الأمين العام لمجلس أمناء الثورة، وقالها بالنص: "أخطأنا فى أننا لم نكوِّنْ مجلسًا لقيادة الثورة يحكم البلاد". وعدم وجود هذا المجلس من الممكن أن يهدد الثورة أو يلغى "حالة الثورة"؛ لأن التاريخ المصرى يشرح لنا ما وقع فيه ثوار مصريون من أخطاء قتلت ثوراتهم بعد أن امتد بها وقت ليس بطويل! وهذا ما ذكَّرنا به المؤرخ الدسوقى أيضًا فى افتتاح ندوة عُنوانها: "ثورة 25 يناير 2011 .. بين ماضى الثورات العربية وحاضرها"، حيث قال: "مِصر عاشت تجربة "حالة الثورة" فى تاريخها الحديث، منذ طالب الزعيم أحمد عرابى في يناير كانون الثانى 1881 بعزل ناظر الحربية وتعيين مصرى بدلاً منه وأن "حالة الثورة" ظلت متفاعلة، حتى قضى عليها الاحتلال البريطانى للبلاد فى سبتمبر (أيلول) 1882". وزاد: "إن مصر عاشت "حالة الثورة" منذ مارس (آذار) 1919؛ احتجاجًا على اعتقال الزعيم سعد زغلول، ونفيه مع زملائه، واستمرت هذه الحالة الثورية حتى 28 فبراير (شباط) 1922، حين أعلنت بريطانيا استقلال مصر كدولة ملكية دستورية تحت الحماية البريطانية"، ولم تحقق الثورة أهدافها وفقًا لشعار: الاستقلال التام أو الموت الزُّؤَام". وأضاف: "إن ثورة 23 يوليو 1952 هى الثورة المصرية الوحيدة التى حققت أهدافها؛ حيث استولى الضباط الأحرار الذين قاموا بها على السلطة خلال ساعات". الكلام منطقى وشواهد التاريخ تُثبت ذلك، فهل لمجلس أمناء الثورة أن يقوم بدور مجلس قيادة الثورة؟، وتسلم له قيادة البلاد والعباد، ويرينا عجائب قدرته فى تسيير دفة مصر حيث الأمن والأمان، أم أنه فات الفوت ولم يعد ينفع القول الآن، وعلينا أن ننتظر حتى يطل علينا الرئيس المنتظر، وفى يده عصا موسى يحل لنا مشاكلنا وعثراتنا وأزماتنا، ونخاطبه كما خاطب الشيخ الشعراوى مبارك سابقًا: "إن كنتَ قدرَنا فليُعِنَّا اللهُ عليك، وإن كنا قدرَك فليُعنْك اللهُ علينا"؟! ◄◄ آخر كبسولة: ◄قارئ كبسولات: يا سيدى الفاضل: "أنت قليل أدب"! = ويا سيدى المؤدب: أنت الأدب كله.. إلا قليلاً.. لو قرأت بعناية وأدب ما قرأته عن سيدتى السيدة الكريمة أمى وأمك وأم المؤمنين السيدة عائشة، رضى الله عنها وعن أبيها، والاستشهاد بإيمانها وتقواها مع غَيرتها ليس عيبًا، وهى التى وصفها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بقوله: "غارت أمُّكُم".. لما تفضلت علىَّ بهذا الوصف الجميل مثل أخلاقك الجميلة .. وقد عضَّدك قارئ آخر أيضًا، ينضح الأدب الجميل والذوق الراقى من فمه وبين أنامله سمًا زعافًا.. ويرحم الله المتنبى، الذى قال: وكم من عائبٍ قولاً سديدًا ... وآفتُهُ من الفَهْمِ السقيمِ دمتم بحب [email protected]