الإمتحان ومايصحبه من مشاعر، أرق وتوتر وخوف وترقب شعور يتردد صداه ويتراءى متراقصا أمام ناظرى كلما دنا موعده أو اقترب مع مطلع كل عام ونهاية كل عام، ما أصعبه على النفس من شعور! تساءلت إن كان هذا هو امتحان الدنيا فما بالنا بامتحان الاّخرة، حيث ختمت سجلاتنا ولم يعد أمامنا من فرصة سانحة لنستعد أو نسترد مامضى، فإما تفوق ونجاح واستمتاع بنور الله ونعمه: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (الحديد:12) وإما رسوب وعض على الأنامل وأمنية لاتتحق بالعودة للاستزادة من ا لخير والاستكثار منه ولكن هيهات هيهات ، فالمنظر يشيب لهوله الرضيع وتنخلع من شدته القلوب، صراخ وعويل ، وبكاء وأنين "وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ" (الزخرف:77) صورة من صور الإمتحان تغيب عن اذهان عوام المسلمين اللاهين العابثين المؤملين والذين لاشك عن الدنيا سيغيبون. ببساطة هذا الشعور تملكنى بالأمس ولم يفارقنى وأقض مضجعى، شعور الإمتحان وذلك الشعور صاحبنى لأننى أعيش مع إخوانى الذين يقفون اليوم أمام جحافل التزوير وادعياء التنوير ولقطاء السياسة الذين احترفوا تزوير إرادة الأمة وسرقة حريتها" فعاثوا فى الأرض وجالوا، وطافوا وداروا وتفننوا وابتكروا حتى لاتقوم لأمتنا قائمة، قلت سبحان الله هل ينسى هؤلاء يوم الإمتحان؟ هل سيخلدون دون غيرهم من البشر ؟ هل سيمنحون السياحة فى الأرض، فلا يبلى شبابهم؟ ولا تهن عظامهم؟ لو كان أحد أحق بهذا لكان رسول الله أولى، لكنه اختار ماعند الله، أما قرأوا أو سمعوا قول الله تعالى وهو يصف عباد الرحمن: : ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)﴾ (الفرقان) ثم قرأتُ قول ربي جلَّ وعلا مكملاً تلك الصفات: ﴿وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)﴾ (الفرقان نعم لايشهدون الزور لبشاعته وفظاظته، لأنه ببساطة نوع من السرقة، فإذا كان الشارع الحكيم قد حد للسرقة حدودا توجب قطع اليد فمابالكم بمن يسرق إرادة امة؟ إنى لأذكر حديث رسول الله وهو يحذر فيما رواه الرواى : "ألا أنبئكم بأكبرِ الكبائر" قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "الشركُ بالله، وعقوق الوالدين"، وكان متكئًا فجلس وقال: "ألا وشهادة الزور، ألا وقول الزور"، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت". نعم لأنها خيانة للأمانة وسرقة للإرادة، وشهادة الزور هنا قد تكون بالإدلاء بالصوت لمن لايستحق، أو بالتفنن فى التلاعب بصناديق الإنتخاب واستغلال أصوات الموتى والقيد الجماعى كما يعد له اليوم أنصار الحزب الحاكم فى مصر ليفوتوا على الأمة لحظات من استشراق الأمل والرغبة فى أن تكون حرة الإرادة والفكر، فالبلطجة لا أقول أضحت سياسة ولكنى أقول لقد أضحت السياسة بلطجة فى زمن غيب فيه الشرفاء وحبس فيه صوت أهل الحق من أدعياء يدعون كذبا وافتراء وبهتانا حب بلادهم... أذكركم بقول ربى تعالى فى كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)﴾ (الأنفال إن من الخيانة أن نسكت على هذا الظلم الفادح وأن نقف مكتوفى الأيدى وأن نكون سلبيين غير إيجابيين.... قلوبنا معكم ايها الشرفاء والأحرار وعهدى أننا معكم فى مركب واحد طلاب اّخرة لا طلاب دنيا وأننا إنما نسلك هذا الطريق دعوة إلى الله تعالى أعتذر عن إطالتى لكنها زفراتى وهمهماتى وهمى وشجونى وخوالجى ومشاعرى أردت أن أضعها بين أيديكم أمانة للقول وتفاعلا مع الحدث.. اللهم اقدر لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك، اللهم استعملنا ولاتستبدلنا واجعلنا من جندك المخلصين. د. إيهاب فؤاد