أخيرا أبدت الإدارة الأمريكية انزعاجها من تجاوزات النظام المصري في الانتخابات البرلمانية ، بعد صمت طويل غطى على عمليات التزوير والتدخل الأمني السافر لمنع المرشحين من الإدلاء بأصواتهم .. ولكن بعد أحداث أمس ووقوع قتلى ومئات المصابين .. وضح أن الأمر زاد عن حده وبات التستر عليه فضيحة بكل المقاييس .. فخرجت مؤشرات من الإدارة الأمريكية تشير إلى بداية تغير في المواقف تجاه النظام المصري ، والتساؤل بشأن مدى التزامه بالإصلاح بعد أحداث العنف التي شهدتها الانتخابات البرلمانية . أولى هذه المؤشرات كان تصريح إيرلي نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية الذي قال فيه : "إن احتجاز مرشح انتخابات الرئاسة السابق أيمن نور وساسة آخرين من المعارضة وتجاوزات أفراد الأمن ومنع مراقبين محليين وناخبين من دخول مراكز اقتراع أمور مثيرة للانزعاج" !!. وأضاف : "شهدنا عددا من التطورات خلال الانتخابات البرلمانية على مدى الأسبوعين الماضيين المثيرة للقلق بشأن مسار الإصلاح الليبرالي في مصر ، ومن البديهي أن هذه الأمور بعثت إشارة خاطئة بشان التزام مصر بالديمقراطية والحرية ، نرى أنها غير متسقة مع التزام حكومة مصر المعلن بزيادة الانفتاح والحوار السياسي داخل المجتمع المصري". هذا الانتقاد العلني من الادارة الأمريكية يعد الأقوى حتى الآن لأسلوب تعامل الحكومة المصرية مع العملية الانتخابية ويأتي بعد شكاوى جمعيات حقوقية من أن الولاياتالمتحدة تجاهلت تجاوزات انتخابية منذ بدء الانتخابات في التاسع من نوفمبر . وكانت محكمة مصرية أمرت يوم الاثنين بحبس رئيس حزب الغد ومرشح الرئاسة السابق أيمن نور إلى يوم السبت القادم على ذمة قضية التزوير المتهم فيها في خطوة قال دبلوماسيون أمريكيون أن واشنطن حذرت السلطات المصرية منها . وقدم السفير الأمريكي لدى مصر على إثرها شكوى رسمية إلى وزير الخارجية ، كما حث إيرلي السلطات على بذل كل ما في وسعها لضمان محاكمة نور وفق المعايير الدولية . وقال إيرلي : "أوضحنا للحكومة المصرية أننا سنتابع هذه المحاكمة عن كثب ، ويجب أن يكون للشعب المصري حرية الحديث والتجمع واختيار زعمائه في مناخ خال من الترويع" . وكان نور المنافس الرئيس للرئيس المصري حسني مبارك في أول انتخابات رئاسية تشهدها مصر في سبتمبر الماضي ، وفاز مبارك في الانتخابات بفترة ولاية خامسة مدتها ست سنوات بحصوله على 89 في المائة من الأصوات وجاء نور ثانيا بحصوله على ثمانية في المائة من الأصوات . واحتجز نور في يناير الماضي لمدة ستة أسابيع للاستجواب بتهمة تزوير توكيلات مؤسسي حزب الغد الذي حصل على ترخيص بالنشاط في أكتوبر من العام الماضي ، وخلال حبس نور في المرة الأولى طالبت الولاياتالمتحدة أكبر مانحي المعونة لمصر بالإفراج عنه . وردا على سؤال حول ما إذا كانت الولاياتالمتحدة احتجت أيضا على اعتقال أعضاء جماعة الإخوان المسلمين قال ايرلي انه ليس لديه تفاصيل بشأن هذه القضايا ، لكنه أكد على أن "الترويع والمضايقات" لا يتفقان والتزام الحكومة المصرية بالحرية . وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الإنسان قد بعثت في الأسبوع الماضي رسالة إلى وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس تشكو مما رأت انه محاولة إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش حماية الحكومة المصرية من الانتقاد . وأثار استياء الجماعة الحقوقية بشكل خاص قول شين مكورميك المتحدث باسم وزارة الخارجية انه "لم يتلق في هذه المرحلة" أي إشارة على أن الحكومة المصرية غير مهتمة بانتخابات مسالمة حرة ونزيهة . وقالت جماعة هيومان رايتس ووتش يوم الثلاثاء أنها ترحب بتصريحات المسئول الأمريكي الأخيرة لأن وزارة الخارجية "وضعت مسافة ما" بين إدارة بوش ومبارك ". وعلق جو شتروك نائب مدير قسم الشرق الأوسط بجماعة هيومان رايتس ووتش على هذا قائلا : "أخيرا انتبهت وزارة الخارجية لما يحدث في مصر ويذكر أن أجهزة الأمن المصرية اعتقلت 1369 عضوا من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في الآونة الأخيرة في تحرك قالت الجماعة انه يهدف إلى ترهيب الناخبين قبل جولة الإعادة في المرحلة الأخيرة من الانتخابات البرلمانية يوم الأربعاء .