حصلت «المصريون» على حيثيات الحكم الصادر من محكمة النقض برفض الطعن المقدم من كلا من محمد إبراهيم سليمان (وزير الإسكان الأسبق) و(فؤاد مدبولي) محمد وكيل أول وزارة الإسكان سابقا، المشرف على مكتب الوزير سابقا و(حسن خالد فاضل) رئيس الجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي، ورئيس الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي السابق و محمد أحمد عبد الدايم و عزت عبد الرءوف عبد القادر الحاج رئيس قطاع الشئون التجارية والعقارية بهيئة المجتمعات العمرانية ضد النيابة العامة. وقضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضًا جزئيًا وتصحيحه بإلزام الطاعن الأول محمد إبراهيم سليمان برد مبلغ 194140000 جنيه وبغرامة مساوية لذلك المبلغ. كما قضت بإلزام الطاعن الأول محمد إبراهيم سليمان والطاعن الخامس عبد القادر الحاج برد مبلغ 54000000 بالتضامن فيما بينهما وبغرامة مساوية لذات المبلغ محل الرد. كما قضت بإلزام الطاعن الأول محمد إبراهيم سليمان برد مبلغ 693488150 وبغرامة مساوية لذات المبلغ محل الرد ورفض الطعن فيما عدا ذلك وأيدت حكم الحبس الصادر ضدهم. لما كان ذلك وكان البين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه يبين واقعة الدعوي بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما فى حقهم أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وما أقر به المتهمين بتحقيقات النيابة العامة والمستندات المرفقة بملف الدعوى وتقرير اللجنة الثلاثية المنتدبة من النيابة العامة وهى أدلة سائغة من شانها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأصل في المحاكامات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أى دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جريمة التربح طريقا خاصا وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة فى مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالا عن كل ركن من أركان جريمة التربح والإضرار العمدى بالمال العام ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وكان الحكم المطعون فيه قد اثبت ارتكاب الطاعنون لجريمتي التربح للغير والإضرار العمدى بأموال ومصالح الجهة التى يعملون فيها وكانت الأدلة التى عول عليها الحكم فى الإدانة من شانها أن تؤدى إلى مارتبه الحكم عليها من مفارقة الطاعنين للجرائم التي دانهم بها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير أراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية في تقدير قوة الدليل لتلك التقارير شانها فى ذلك شان سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها فى تقدير الدليل وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى الجزم بما لم يجزم به الخبير اطمئنانا منه لسلامة ما أجراه من أبحاث بعد أن تولت المحكمة بنفسها مراجعة أعماله وباقي المستندات الأخرى وأقامت قضائها على ما اقتنعت به من أسانيد حواها تقرير تلك اللجنة وأقوال أعضائها واطرحت فى حدود سلطتها التقديرية تقرير اللجنة الخماسية التى انتدبتها المحكمة وكان للأخيرة أن تفاضل بين هذه التقارير وتأخذ منها بما تراه مطروح ما عداه إذ أن ملاك الأمر في ذلك متعلق بسلطتها فى تقدير الدليل ولا معقب عليها في ذلك وهى غير ملزمة بعد أن ترد استقلالا على تقرير اللجنة الخماسية التى لم تأخذ به أو تعول عليه أو على الدفوع الموضوعية التى يستفاد الرد عليها ضمنا من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنين فى هذا الشأن لا يعدو معاودة للجدل الموضوعي فى تقدير أدلة الدعوي مما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض هذا إلى أنه لا يجدى الطاعن الأول قوله أن تقرير لجنة الخبراء المنتدبة من النيابة العامة انتهت إلى وجود مسئولية آخرين معه فى جريمة التربيح إذ أن ذلك مردود بان النعي بمساهمة آخرين فى ارتكاب الجريمة لا يجدى الطاعن المذكور ما دام لم يكن ليحول دون مساعدته عن الجريمة المسندة إليه والتى دلل الحكم على مفارقته إياها تدليلا سائغا مقبولا. لما كان ذلك وكان الحكم قد أورد شاهد الإثبات الأول وأحال إيراده أقوال الشاهدين الثانى والثالث مضيفا أقوال أخرى إليها وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل فى إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد أخر ما دامت أقوالهما متفقه مع ما استند إليه الحكم منها ومن المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولا يقدح فى سلامة الحكم عدم اتفاق أقوال الشهود فى بعض التفصيلات أو يركن أليها فى تكوين عقيدته ومن ثم فإن النعي على الحكم فى هذا الصدد لا يكون له محل. وكان من المقرر أن العبره فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أى بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلا على حكمه إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه كما أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح فى العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعنون من التفات الحكم عن مستنداتهم التى تثبت عدم ارتكابهم للواقعة وعدم اختصاصهم بالأفعالى التى اقترفوها فإن هذا حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه طالما أنه أورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمتين المسندتين غلى الطاعنين ولا عليه أن يتعقبهم فى كل جزئية من جزئيات دفاعهم لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن قم فإن ما ثيره الطاعنين فى هذا الشأن لا يعدو ان يكون جدلا فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر لما كان ذلك وكانت المادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية فى فقرتها الأولي تنص على لا يجوز استجواب المتهم إلا إذا قبل ذلك . وإذا ظهر أثناء المرافعة والمناقشة بعض وقائع ، يرى لزوم تقديم إيضاحات عنها من المتهم لظهور الحقيقة ، يلفته القاضى إليها ، ويرخص له بتقديم تلك الإيضاحات . وإذا أمتنع المتهم عن الإجابة ، أو إذا كانت أقواله فى الجلسة مخالفة لأقواله فى محضر جمع الإستدلالات أو التحقيق ، جاز للمحكمة أن تأمر بتلاوة أقواله الأولى وإذ كان ذلك وكان الطاعن الخامس لم يطلب إلى المحكمة استجوابه فيما نسب إليه بل اقتصر علي إنكار التهمه عند سؤاله عنها لما كان ذلك وكانت المحكمة لم تعول على تقرير اللجنة الفنية التى شكلتها ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هى لم تناقش رئيس هذه اللجنة كما انه لا يدعي فى طعنه بان المحكمة منعته من إبداء ما يروم من أقوال او دفاع فإن ما ينعاه على الحكم بقالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون سديدا لما كان ذلك وكان لايعيب الحكم الخطأ فى تحديد تاريخ الواقعة أو عدم تحديده مادام لا يتصل هذا التاريخ بحكم القانون فيها ولم يدع الطاعنون ان الدعوي الجنائية قد انقضت بمضي المدة فإن منعاهم فى هذا الخصوص يكون ولا محل له. لما كان ذلك وكان الحكم لم يسند إلى الطاعنين الثاني والثالث والرابع شيئا عن الاتهام الثالث الخاص بإعفاء شركة (سوديك ) من مقابل رسم التنمية ومن ثم يعاقبهم خلافا لما ذهبوا إليه بأسباب طعنهم فإن ما يثيرونه فى هذا الشان لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بين الجرائم التي ارتكبها الطاعنون الثاني والثالث والرابع المستوجبة لعقابهم وإنها ارتكبت لغرض واحد مما يوجب الحكم على كل منهم بعقوبة واحدة هى المقررة لأشد الجرائم – جريمة الحصول للغير على ربح – وكان الحكم المطعون فيه قد قضي على كل منهم بعقوبة واحدة عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات فإنه يكون قد أعمال حكم هذه المادة وفق صحيح القانون ويكون النعي على الحكم بازدواج التجريم ومعاقبتهم عن ذات الفعل مرتين غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن الأول بالإضافة إىل عقوبة السجن المشدد بعقوبة الغرامة النسبية فإن قضاءه يتفق وصحيح القانون من هذه الناحية ولا مخالفة فيه المادة 118 من قانون العقوبات إذ أنه من المقرر أن الغرامة التى نصت عليها المادة سالفة الذكر قد الزم المشرع الجاني بصفة عامة دون تخصيص وسواء حصل لنفسه أو لغيره بدون حق على ربح أو منفعة ومن ثم يضحي ما يقوله الطاعن من عدم انطباق حكم الغرامة عليه لكونه لم يحصل لنفسه على شئ غير سديد.
الجدير بالذكر أن محكمة جنايات القاهرة قد سبق وأصدرت حكما في شهر سبتمبر من العام الماضي، بمعاقبة محمد إبراهيم سليمان بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات، وإلزامه برد مبلغ وقدره 970 مليونا و700 ألف جنيه قيمة الأرض موضوع القضية، وكذا رد مبلغ 81 مليون جنيه، ومبلغ 13 مليونا و 869 ألف جنيه (قيمة الأرباح والإعفاءات غير القانونية التي منحها لممثلي شركة سوديك) وإلزامه بدفع غرامة مساوية لتلك المبالغ المالية المذكورة، وذلك في إعادة محاكمته وآخرين في القضية. كما تضمن حكم محكمة الإعادة، معاقبة فؤاد مدبولى محمد، وحسن خالد فاضل، ومحمد أحمد عبدالدايم، نواب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية السابقين، بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمهم مبلغ 970 مليونا و700 ألف جنيه وإلزامهم بدفع مبالغ مساوية لمبالغ الغرامة، مع إيقاف تنفيذ العقوبة بالنسبة لهم.. ومعاقبة عزت عبدالرؤوف عبد القادر رئيس قطاع الشئون التجارية والعقارية بهيئة المجتمعات العمرانية سابقا بالحبس مع الشغل لمدة عام واحد وتغريمه مبلغ 81 مليون جنيه مع إلزامه بأداء غرامة مماثلة لمبلغ الرد.