قبل اسبوعين من عرض "ميونيخ" في الصالات الاميركية يكثر الحديث عن الفيلم الجديد للمخرج ستيفن سبيلبرغ الذي يتناول ملاحقة اجهزة الاستخبارت الاسرائيلية لمنفذي عملية خطف الرهائن خلال الالعاب الاولمبية عام 1972 التي شكلت حدثا بارزا في تاريخ الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. وهذه ليست المرة الاولى التي يخرج فيها سبيلبرغ الذي تحتل افلامه المراتب الاولى منذ ثلاثين سنة عملا "جديا" اذ سبق له ان اخرج افلاما مثل "دجوز" (الفك المفترس) و"جوراسيك بارك" (الحديقة الجوراسية) و"وور اوف ذي وورلدز" (حرب العوالم) وخصوصا "شندلرز ليست" (قائمة شندلر) التي تتناول المحرقة و"اميستاد" حول فترة المتاجرة بالرقيق. لكن في فيلم "ميونيخ" الذي بلغت موازنته سبعين مليون دولار والذي سيعرض في الصالات الاميركية اعتبارا من 23 ديسمبر يتطرق المخرج للمرة الاولى الى صراع ما زال قائما حتى اليوم.. كما انها من المرات النادرة التي يتسلل الى هوليوود فيلم حول الصراع العربي الاسرائيلي مذكرا بفيلم "اكزودس" (سفر الخروج) للمخرج اوتو بريمنغر عام 1960 الذي يصور صراعا بين الخير والشر مع خلفية تاسيس الدولة العبرية قبل 12 عاما. ومع دخول الانتفاضة الثانية عامها السادس مع حصيلة بلغت اكثر من 4900 قتيل لا شك في ان الفيلم سيكون محط اهتمام كبير لدى كلا الطرفين. وقد ادرك سبيلبرغ حساسية الموضوع فاحاط عملية الاخراج بسرية مطلقة واجبر فريق العمل على التكتم ولم يكشف للممثلين الا جزءا من السيناريو بحسب مجلة "تايم" التي حصلت على المقابلة الوحيدة مع المخرج حول هذا العمل. وقال سبيلبرغ للمجلة الاسبوعية ان "هذا الفيلم هو ايضا دعاء من اجل السلام (...) فكل هذا التشدد بحاجة الى صلاة من اجل السلام لان الاعداء في هذه المنطقة ليسوا الفلسطينيين او الاسرائيليين بل التعنت". ويروي فيلم "ميونيخ" كيف لاحقت اجهزة الامن الاسرائيلية وقتلت ثمانية فلسطينيين ينتمون الى مجموعة "ايلول الاسود" نفذوا عملية احتجاز رياضيين اسرائيليين في الخامس والسادس من سبتمبر 1972. وانتهت عملية خطف الرهائن بمذبحة قضى فيها 11 اسرائيليا وخمسة فلسطينيين وشرطيان المانيان. ويطرح الفيلم مسالة اشمل هي سياسة تصفية الناشطين التي تتبعها الحكومة الاسرائيلية والتي تتواصل في الاراضي الفلسطينية اليوم. وتبرز في فيلم "ميونيخ" الشكوك التي تساور احدى الشخصيات آفنير كوفمان الذي كلف بتصفية منفذي عملية الخطف. ويقول سبيلبرغ ان هذه المهمة "تمتحن اخلاقيات هذا الرجل ومن المهم جدا اظهار كيف يحاول آفنير صون اخلاقياته". ويضيف المخرج "انا اؤيد دائما ردا قويا من اسرائيل عندما تتعرض للتهديد (...) لكن (هذا الرد) ينتج عنه رد آخر" كما في حلقة مفرغة. واعتبر صحافي في "هآرتس" الاسرائيلية المقربة من اليسار الوسط ان الفيلم الذي قال انه لم يعجبه "تبسيطي". وكتب هذا الصحافي يوم الاربعاء الماضي ان "معظم الاسرائيليين لا يختلفون مع الحكومة الاسرائيلية في قرارها بملاحقة منفذي عملية ميونيخ وقتلهم (...) وقد لا يكون المخرجون في هوليوود الاكثر تاهيلا للتطرق الى مثل هذه المواضيع الحساسة". وينقل موقع "جويش نيوز" ("اخبار اليهود") على الانترنت عن مسؤول في الجالية اليهودية الاميركية لم يكشف عن اسمه قوله انه بعد "فيلم +شيندلرز ليست+ اصبح سبيلبرغ محبوب اليهود". واضاف "لكننا نخشى من انه يسعى الآن الى تحقيق نوع من التوازن وقد يحاول اظهار بانه مؤيد لليهود انما ليس مؤيدا لاسرائيل".