في ظل غياب 25% من أعضائها، وسط اعتراضات واسعة وانسحابات من جانب عدد من النواب والأحزاب والقوى السياسية على طريقة تشكيلها، وبعد تأخر لنحو ساعة، انتخبت الجمعية التأسيسية التي ستتولى صياغة الدستور الجديد في اجتماعها أمس بالقاعة الفرعونية بمجلس الشعب، للمرة الأولى، بعد تشكيلها السبت الماضي، الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب رئيسًا لها بأغلبية 71 صوتًا من إجمالى 72 صوتًا. وتمت عملية التصويت باستخدام الاقتراع السري المباشر واستخدام البطاقات، بناء على طلب الكتاتني ومعه عدد من الأعضاء، حتى تكون عملية التصويت صحيحة، بعد أن كان الدكتور محمد عمارة رئيس الاجتماع قد أخذ الأصوات لانتخاب رئيس الجمعية، برفع الأيدي، وجاءت النتيجة بفوز الكتاتني برئاسة الجمعية بالتزكية بعد تنازل الدكتور محمد البلتاجي. وتشكلت لجنة للإشراف على عملية التصويت برئاسة الدكتور عاطف البنا وعضوية كل من المستشار يحيى دكروري والشاعر الكبير فاروق جويدة. وكان أبرز الحاضرين ممثلو حزبي الأغلبية " الحرية والعدالة والنور السلفي" ومن خارج البرلمان الشيخ نصر فريد واصل المفتي الأسبق والمستشار حسام الغرياني والشاعر الكبير فاروق جويدة والدكتور المعتز بالله عبد الفتاح بينما كان من الغائبين ممثلو حزب الوفد النائب محمود السقا والسيد البدوي رئيس الحزب ومن المستقلين الدكتور عمرو حمزاوي ومن خارج البرلمان الدكتورة منى مكرم عبيد. وأعلن النائب الدكتور وحيد عبد المجيد، المنسق العام ل "التحالف الديمقراطي" انسحابه من الاجتماع اعتراضا على سرعة الإجراءات والتصويت على تشكيل الجمعية التأسيسية، فضلا عن عدم وجود لائحة توضح كيفية اتخاذ كافة الإجراءات الخاصة بالجمعية ومنها عمليه انتخاب رئيس الجمعية ونوابه وغيرها من أمور تخص عمل الجمعية. وقال: إننا بهذه الصورة نعطي انطباعا لدى الرأي العام بأنه لا فائدة من الاعتراضات وإننا نواجه هذا الأمر بغلق الأبواب، وتابع: كان يجب بعد المناقشات والاقتراحات التي أبداها أعضاء الجمعية أن يرفع الاجتماع على أن ينعقد بعد أسبوع لمزيد من التشاور وإصدار لائحة تنظم عمل الجمعية، وفي حال إصرار المنسحبين على موقفهم تصعيد الأعضاء الاحتياطيين. واقترح المستشار يحيى دكروري نائب رئيس مجلس الدولة تأجيل اجتماع اللجنة حتى يكتمل النصاب مشيرا إلى الحاجة إلى تنظيم عمل اللجنة. فيما اقترح الشاعر فاروق جويدة عضو الجمعية من خارج البرلمان أن يخلي نحو 15 عضوا من أعضاء الجمعية التأسيسية أماكنهم ليفسحوا المجال لأعضاء آخرين خاصة من المتخصصين فى القانون الدستورى كخطوة لحل مشكلة الانسحابات من الجمعية. وقال إنه سيكون أول المتنازلين عن عضويته بالجمعية, واتفق عصام سلطان من حزب "الوسط" مع هذا الرأي, وأعلن عن تنازله هو الآخر عن مقعده لغيره، مضيفا أن عدد الغائبين عن الجمعية التأسيسية يصل إلى نحو ربع عدد الأعضاء، وهو ما يستوجب الاتجاه نحو حل هذه المشكلة لارتباطها بخطوة هامة هو وضع دستور البلاد. وأبدى الدكتور المعتز بالله عبد الفتاح هو الآخر استعداده للتنازل عن عضوية الجمعية التأسيسية, وتأسيسه فريقا تحت اسم فريق " بيت الحكمة" للسعي لتحقيق التوافق بين أعضاء الجمعية الحاضرين والمتغيبين. فيما قال الدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشورى إنه يرى أن يكتفي الاجتماع بانتخاب رئيس للجمعية التأسيسية لوضع الدستور, وعدم المضي قدما في انتخاب هيئة مكتب الجمعية، لحين تشكيل لجنة لوضع اللائحة الداخلية ونظام عمل الجمعية التأسيسية. وقال الدكتور عصام العريان عضو مجلس الشعب وعضو الجمعية التأسيسية إنه لا يمكن أن يتوقف انعقاد الجمعية بسبب غياب بعض أعضاء فيها، مشيرا إلى أن القواعد العامة في الجمعية التأسيسية هي قواعد تسري على الجميع. بدورها قالت الدكتورة نادية مصطفى, عضو الجمعية من خارج البرلمان, إنها تقترح أن يضع كل عضو تصورا لعمل اللجنة التي ستباشر تنظيم عمل الجمعية وأن يتم انتخاب رئيس للجمعية في اجتماع اليوم. فيما اعترض على فتح الباب زعيم الأغلبية بمجلس الشورى على استخدام كلمة "انسحاب" من جانب بعض أعضاء الجمعية باعتبار أن الجمعية لم تتلق طلبات رسمية بالانسحاب, وقال إن من الأولى أن يعلن الأعضاء المتغيبون رسميا انسحابهم. من جانبه، قال الدكتور محمد البلتاجي عضو مجلس الشعب "إننا بحاجة إلى تحقيق التوافق في الشكل قبل الاتجاه للحديث عن المضمون" مؤكدا وجود حالة من الصراع تتصدر المشهد السياسي المصري. ولفت إلى أن الجمعية التأسيسية تضم في عضويتها 12 أستاذا جامعيا و 18 أستاذا للقانون أو من الهيئة القضائية و6 من النقباء وممثلين عن مؤسسات الدولة مثل الشرطة والقوات المسلحة وممثلي الكنيسة وبالتالي تضم كافة طوائف المجتمع. واعترض البلتاجي على رغبة البعض في وجود إعلان دستوري جديد لأن هذا يعيدنا إلى المادتين 9 و 10 من وثيقة السلمي, واللتين تزيدان من سلطات المجلس العسكري على حساب سلطات الشعب وطالب بانتخاب رئيس للجمعية اليوم وأن يتم تشكيل لجنة للتفاوض مع المتغيبين حتى لانعطي الفرصة لهدم منظومة الديمقراطية في المجتمع المصري. وفي كلمته، أكد الدكتور سعد الكتاتني, أن الجمعية التأسيسية ستفتح أبوابها لكل الآراء من الشعب, وتعقد اجتماعات مع كافة أطياف المجتمع. وقال: "لقد مضى الزمان الذي تصاغ فيه الدساتير خلف الأبواب المغلقة ثم تفرض على الشعب, والثورة الديمقراطية ستشهد عهدا جديدا من المناقشة الديمقراطية والتشاور في كل شأن يهم المواطن وعلى رأسها إعداد مشروع دستور جديد للبلاد". وأضاف أنه "ستعقد جلسات استماع للمرأة ومعرفة آرائها, وأهلنا في النوبة وسيناء ومطروح وحلايب وشلاتين, والعمال والفلاحين الذين يمثلون الحلقة الأهم في الاقتصاد المصري والحلقة الأضعف في الحصول على حقوقهم, وستعقد جلسات استماع للفنانين والمفكرين والمبدعين من الشباب, وأسر الشهداء ومصابي الثورة, وجميع الأحزاب والنقابات, وتضع في الحسبان رؤاها السياسية, وتتصل الجمعية بلجانها إلى من لم تسعفه ظروفه بالحضور إليها". وقال إن الشعب كله مدعو للمشاركة في هذه العملية, مؤكدا أن صناعة الدستور ليست فنية بحتة بل مسألة سياسية تتعلق برسم العلاقات بين قوى المجتمع السياسية ومن خلال تحديد علاقات هذه القوى والمؤسسات. وشدد على أن مهمة الجمعية التأسيسية وفقا للمادة 60 من الإعلان الدستوري تكتمل عند الانتهاء من إعداد مشروع الدستور ثم ندفع بمشروع الدستور المرتقب بين يدي الشعب للاستفتاء عليه لإعطائه القوة لكي يكون الشعب مصدرا للسلطات. وأوضح الكتاتني أنه سيتم تخصيص موقع إليكتروني تعرض فيه جميع الآراء والمناقشات لتكون أمام الشعب ليرى رأيه فيها.ويتواصل مع كل من يرغب في تقديم رأيه, وستكون المشاركة في صنع ووضع الدستور الجديد ملكا لكل المصريين في الداخل والخارج ممن يريدون المشاركة في صنع وصياغة دستور مصر بعد الثورة.