بمجرد عرض فيلم "مولانا"، الذي تدور أحداثه حول أحد الدعاة الإسلاميين النافذين عبر وسائل الإعلام، والذي تربطه علاقات وثيقة برجال السياسة، وتأثير كل ذلك على مصداقيته أمام جمهوره، ثار رد فعل غاضب بين أوساط الأزهريين، الذين رأوا أن ذلك ليس إلا تشويها لمؤسسة الأزهر، وانتقاصًا من قدر علمائه، بل وزعزعة قيمته في نفوس المواطنين. ويرى أزهريون أن اختيار اسم "مولانا" يسيء للأزهر ولعلمائه، ويرسخ لدى المواطنين عدم احترام العلماء وتقديرهم وأيًضا تشويه صورة الأزهر، وربما يؤدي إلى عدم الثقة فيما يقدمه من معلومات دينية أو فتاوى. وقال الدكتور محمد عبد العاطي رئيس قسم الدراسات الإسلامية كلية التربية جامعة الأزهر، إن "تصوير الشخص الذي يرتدي عمامة أزهرية على أنه سيء وأفعاله متناقضة، فهذا ليس طعنًا في الشخص، لكنه طعن فيما يحمله من قران وسنة، وسيؤدي إلى الاستهزاء من الدين وهذا لا يليق". وأضاف عبدالعاطي ل"المصريون"، أنه "إذا كان هناك شيخ سيء وأخلاقه لا تتفق مع ما يقوله، فهذا ليس قاعدة عامه، ولكنه استثناء كما أن هناك طبيبًا أخلاقه سيئة أو مهندس كاذب أو أي كما هو حادث في كل الوظائف؛ لذا لا يجب تصوير الشيخ الأزهري على أنه ملاك لا يجب أن يخطئ، ونسعى لتشويه صورته أمام المواطنين". وتابع: "تصوير شيخ وهو جالس على مقهى، وبيده شيشة على سبيل المثال، فهذا لن يترتب عليه توجيه اللوم على الشخص ولكن سيكون هناك استهزاء فيما يقدمه". وأضاف أن "إجلال العلماء وتقديرهم أمر حث عليه الدين، إذ جاء في الحديث "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رءوسًا جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا"، وقال بعض العلماء "لُحوم العلماء مسمومة من شمها مرض ومن أكلها مات". وأشار إلى أن العالم ذو مكانة كبيرة لأنه حامل للشريعة، لافتًا إلى أنه إذا كانت الشريعة مقدرة ومفضلة فيجب تكريم حامل الشريعة وتقديره، وليس معنى هذا أن العالم ملاك لا يخطئ، لكنه بشر يخطئ ويصيب. وفي هذا السياق، أكد الدكتور سيف رجب قزامل، عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا، أن "الهدف من هذا الفيلم قتل مؤسسة الأزهر، وزعزعة مكانته لدى نفوس المواطنين، نظرًا لأن الأزهر يحظى بتقدير قطاع كبير من الناس على الرغم من وجود بعض الأخطاء التي يسعى الآن لتداركها وحلها، مثل تجديد الخطاب الديني". وأضاف قزامل ل "المصريون"، أن "الأزهر يقبل النقد من الجميع، شريطة أن يكون بموضوعية وهدفه إعلاء شأن هذه المؤسسة العريقة، وليس قتلها كما يسعى لذلك الكثير". وتابع: "المطالبة باحترام وتقدير الأزهر، لا يعني على الإطلاق أنه وعلماءه معصومون من الخطأ، لكن من يريد أن يتحدث عن وجود أخطاء يجب أن يبرزها باحترام وليس باستهزاء وسخرية، تؤدي إلى الانتقاص من شأنه". وطالب عميد كلية الشريعة، الأزهر والجهات المعنية اتخاذ كافة الإجراءات ضد من ينشر معلومات تسئ للأزهر، أو يعرض مواد تشوه صورة الأزهر، بالإضافة إلى رد سريع من علماء الأزهر على الفضائيات ضد هذا الفيلم المسيء. وتساءل قزامل عن سبب اختيار اسم "مولانا"، وسر توقيت العرض، على الرغم من عدم وجود داعي لتلك الفكرة، لافتًا أن هذا لا يمكن أن يصير طريقة لمعالجة الأخطاء، ولا يمكن وصفه إلا بالعبث. وطرح الشيخ محمد عبد السلام دحروج، الداعية بوزارة الأوقاف، تساؤلات عدة: "السؤال الأول: لماذا هذا الفيلم في هذا الوقت تحديدًا الذي يتعرض الإسلام فيه إلى هجمات شرسة في كل أنحاء العالم، بفعل المتشددين والتكفيريين، والأنظار كلها تتجه نحو الأزهر الشريف وأبنائه كدعاة الوسطية وسفراء السلام والتسامح في العالم بالتزامن مع كثرة الطاعنين والمشككين من أبناء بلد الأزهر الشريف في دراسته ومنهجه وعلمائه ودعاته"؟ وأضاف: "السؤال الثاني المهن كثيرة فلماذا تحديدًا اختيار الإمام ليقدموا له فيلم يبرز إيجابيات أو سلبيات بشر يخطئ ويصيب؟، السؤال الثالث ويدور حول عدم إمكانية الإصلاح والخير من ناحية إبراهيم عيسى وأشباهه"؟. وتابع: "السؤال الرابع هات لي في مصر دلوقتي ممثل أو مخرج أو سيناريت أو منتج يقدروا طرح أي رؤية عن شيء أو مهنة بدون تلبيس وخلط وتشويه بحالة السينما الآن؟، السؤال الخامس والأخير لماذا مولانا مجهول وعندنا ما يكفى من الأئمة العظام العدول 45 إماما أكبرا للأزهر الشريف وغيرهم من المفتين وأضعافهم من هيئة كبار العلماء أليسوا هؤلاء أولى بالخير إن كان يرجى من مثل هذا العمل وما يشبهه من خير وأغلب الظن لا خير". واعتبر دحروج أن "فيلم مولانا عمل" إثمه أكبر من نفعه" فهو فيلم مغرض يسيء للدعوة والدعاة، حتى ولو كان ظاهره الرحمة فباطنه العذاب". وأكد أن "الأفلام والمسلسلات ليست هي السبيل لإظهار الوجه الحقيقي للدعوة والدعاة، وليست السينما هي الطريق لتوضيح جدية المنهج ووسطيته إنما هي الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة هي الطريق الوحيد لذلك فإنني أتحفظ على عرض ما يسمى بفيلم" مولانا"ورفعه من دور السينما لاستخفافه بالدعوة والدعاة وأيضًا المشاهدين". وبسؤال الشيخ صبري عبادة، وكيل وزارة الأوقاف، عن رأيه في الفيلم وتعليقه عليه رفض التعليق، مؤكدًا أنهم ممنوعون من الحديث للإعلام، وأن الجهات المعنية هي من سترد على ذلك.
هذا الفيلم مأخوذ عن رواية الكاتب إبراهيم عيسى، وتدور أحداث الفيلم حول الشيخ حاتم الشناوي، الذي يرصد الفيلم، رحلة صعوده من إمامة الصلاة في مسجد حكومي إلى أن يصبح داعية تليفزيوني شهير، يملك حق الفتوى التي يتلقاها الملايين بالإعجاب لجرأته ومحاولاته للخروج قليلًا عن مألوف الحديث السائد في مجتمع متأثر بدعاوى التشدد.