اندفعت قوات أمن الدولة لتشغل مكانا كبيرا ببيت المواطن ممدوح مصطفي محمد البكري في محاولة اقتحامية للقبض عليه ،وبعد القيام بجولة طويلة في البيت وتفتيش لمحتوياته اصطحبت المجموعة ممدوح مصطفي محمد البكري ورحلت ، الطريق لم يكن طويلا لكنه كان يشعر بالقلق من طريقة الاقتحام التي تمت علي طريقة الأفلام الأمريكية ، لم يفكر في شيء سوي أسرته التي شعر بالقلق عليها وهو في طريقه إلي مصير لا يعرف عنه شيئا ، اليوم كان السابع والعشرين من فبراير عام 1992 وعندما كانت خيوط فجر اليوم التالي توشك علي أن تبعث النور في الأرجاء كان الرجل قد أصبح ضيفا علي معتقل أبو زعبل شديد الحراسة ، يقول المثل رحلة العذاب تبدأ ببساطة ولا تنتهي بالبساطة نفسها ،أما في مصر فإن رحلة العذاب المثالية تبدأ من المعتقل ....ذلك أنها تشتمل علي جميع أنواع العذاب ليس للمعتقل فقط ......ولكن لكل من يمتون له بصلة ، وبالطبع فإن ممدوح مصطفي محمد البكري قد تعرض لكل هذه الأنواع المختلفة من التعذيب شأنه في ذلك شأن كل المعتقلين السياسيين في مصر خصوصا من يعتقد أنهم منتمون لتيارات أسلامية وبكل تأكيد فقد كان المرض نتيجة حتمية لذلك ....فوقع الرجل مريضا بالقلب ...ثم بالتهابات في القولون ليصبح الأمر صعبا للغاية خصوصا وأنه يقبع في واحد من أكثر المعتقلات قسوة ، التظلمات المتوالية لم تنجيه من الجحيم الذي يعيشه لأن السلطات تعتبره جحيما مقيما من يدخل في أواره عليه أن يعتبره كالقدر!!، فهو الجحيم الذي لا خروج منه، حتى لوكان المعتقل يحتضر.....تلك هي المأساة التي وضعت السلطات لها السيناريو واختارت الأبطال من الواقع ليتخبطوا في شباك المأساة التي نسجت لهم ببراعة .