"استمرار حبسه يفقدنا إنسانيتنا".. هكذا عبر المحامي والناشط الحقوقي جمال عيد عن رفضه استمرار حبس مهدي عاكف، المرشد العام السابق لجماعة "الإخوان المسلمين"، مع تدهور حالته الصحية ونقله إلى مستشفى قصر العيني. وبالرغم من كون عاكف يبلغ من العمر88 عامًا ويعاني العديد من الأمراض المزمنة، فقد أجرى عملية جراحية في ديسمبر الماضي، بعد تدهور حالته الصحية، بسبب ارتفاع نسبة "الصفراء" في الدم، وانسداد القنوات المرارية، وخضع لجراحة عاجلة، إلا أن ذلك لم يشفع له للإفراج عنه. عاكف، ، متزوج وله أربعة أولاد، من مواليد 12 يوليو عام 1928 بكفر عوض التابع لمركز أجا بمحافظة الدقهلية. درس في مدرسة المنصورة الابتدائية، ثم التوجيهية بمدرسة فؤاد الأول الثانوية بالقاهرة، ثم التحق بالمعهد العالي للتربية الرياضية، وتخرج في مايو 1950، ثم عمل بعد تخرجه مدرسًا للرياضة البدنية بمدرسة فؤاد الأول الثانوية. كما التحق بكلية الحقوق 1951، ورأس معسكرات جامعة إبراهيم (عين شمس حاليًا) في الحرب ضد الإنجليز في القناة حتى قامت الثورة. بدأ عاكف مسيرته الدعوية في مقتبل العمر فقد انضم للإخوان المسلمين عام 1940 وكان عمره حينها لا يتجاوز 12 عامًا، وتربى على يد شيوخ الإخوان وعلمائهم، وعلى رأسهم حسن البنا، وكان من أحب المشايخ إلى قلبه أستاذه ومعلمه الشيخ محيي الدين الخطيب. كان أول من تولى قسم الطلاب في جماعة الإخوان، والذي يعد أهم قسم في الجماعة، لأن الدعوة قامت على أكتاف الطلاب في بدايتها، كما التحق بالتنظيم الخاص الذي أسسه البنا لمواجهة الاحتلال البريطاني، كما شغل عضوية مكتب الإرشاد أعلى هيئة قيادية داخل الجماعة منذ عام 1987م حتى أكتوبر 2009. اعُتقل في جميع العصور من عصر الملك فاروق مرورًا بالرؤساء الراحلين جمال عبدالناصر وأنور السادات وحسني مبارك، وانتهاءً بحبسه في عهد الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي. في أغسطس من عام 1954 تم القبض عليه وحُوكم بتهمة تهريب اللواء عبد المنعم عبد الرءوف، أحد قيادات الجيش وأحد أعلام الإخوان، والذي أشرف على طرد الملك "فاروق"، وحُكم عليه بالإعدام، ثم خُفف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة. خرج من السجن سنة 1974م في عهد أنور السادات ليزاول عمله كمدير عام للشباب بوزارة التعمير، ثم قُدِّم للمحاكمة العسكرية سنة 1996م؛ فيما يعرف بقضية سلسبيل والتي ضمت وقتها عددًا كبيرًا من قيادات الإخوان المسلمين، وقد اتهمه الادعاء بأنه المسئول عن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وحُكم عليه بثلاث سنوات، ليخرج من السجن في عام 1999م. ويقبع عاكف في السجن بعد حكم محكمة جنايات القاهرة، والتي قضت بسجنه 25 عامًا في قضية أحداث مكتب الإرشاد، قبل أن تقرر محكمة النقض في يناير الماضي قبول طعنه، وطعون عدد من المتهمين الآخرين، من ضمنهم مرشد الجماعة محمد بديع، ونائبه خيرت الشاطر، على حكم إدانتهم وإعادة المحاكمة. وفي هذا السياق، استنكر عدد من الشخصيات المحسوبة على التيار المدني، استمرار حبس عاكف، معتبرين ما يحدث في حقه يفقد الجميع إنسانيته. وقالت الدكتورة رباب المهدي أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، إن "مهدي عاكف، الرجل الذي قارب 90 سنة الذي كان يشجع الإخوان على العمل والانفتاح علي التيارات السياسية الأخرى، من ترك منصبه في الجماعة ليقر ممارسة تداول السلطة عملياً من لم يتبوأ منصب رسمي في فترة حكم الإخوان. مهدي عاكف بيموت في السجن دون تهمة بسبب مرضه وسنه". وطالب المحامي، والحقوقي جمال عيد، مدير "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" بالإفراج عن مهدي عاكف المرشد العام الأسبق لجماعة "الإخوان المسلمين" والمستشار محمود الخضيري، نائب رئيس محكمة النقض الأسبق، معتبرًا السكوت على استمرار حبسهما ضد الإنسانية والأخلاق. وكتب عيد عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" قائلاً: "لا يجب إنسانيا وأخلاقيا السكوت عن استمرار مهدي عاكف ومحمود الخضيري سجناء وهم بهذا السن، وخصوصا مع تدهور حالتهم الصحية". وأضاف: "حين كان مبارك سجين وهاجم البعض ظروف سجنه المرفهة ، قلنا لا نرغب سوى في محاكمته وليس الانتقام منه، كنا نطالب بتحسين شروط باقي السجناء مثله ، وليس التنكيل به مثلهم". وتابع: "الآن وجب المطالبة بالإفراج عن عاكف والخضيري، هو مطلب لا علاقة له بالاتفاق أو الاختلاف السياسي. هو مطلب لأننا بني ادمين ، ونتمسك بإنسانيتنا".