أمينة الفيلالى اسم يعرفه المغرب جيدًا هذه الأيام، هى شابة صغيرة عمرها ستة عشر عامًا، جميلة لكنها فقيرة، ساقها حظها العثر إلى الوقوع فى يد مجرم خبيث شرير، اختطفها واغتصبها أمينة الفيلالى الشابة المغربية الحالمة التى كانت تهندس مستقبلها وترتب طموحاتها فى عقلها الصغير، تم اغتصابها فى مرحلة سوداء من تاريخ حياتها القصير، هذا هو ما حدث، وهذا جزء من المأساة وليس المأساة كلها. تعرضت أمينة للاغتصاب فى سن الخامسة عشرة، وبعدها أجبرها أهلها على الزواج من مغتصبها درءًا للعار بحسب تقاليدهم وبسبب فقرهم، وقد وجد مغتصبها نفسه بمنأى من العقاب بثغرة فى القانون الجنائى المغربى تنص على أن "المغتصب يفلت من السجن إذا تزوج من ضحيته"! تزوجت أمينة من المجرم الذى لوث شرفها واعتدى عليها وأجبرت على العيش معه تحت سقف واحد وبين أربعة جدران، وبالطبع ظل معها على وحشيته وسلوكه البغيض، فلم يمر عام على الزواج، حتى أعدت لنفسها كوكتيلاً وضعت به سم فئران وتناولته لتودع الدنيا التى استكثرت عليها العيش بعيدًا عن المجرم الذى اغتصبها. هكذا.. اُختطفت، فاغتُصِبت، فأُجبرت على الزواج ممن اغتصبها.. ثم انتحرت. مصر الغالية على كل مصرى وعربى ومسلم لم يغتصبها مبارك وحده وإنما بمعاونة مجرمين آخرين، وحوش تجردوا من إنسانيتهم ووطنيتهم وتناوبوا الاعتداء على شرف وسمعة وكرامة وثروة هذا الوطن لمدة ثلاثين عامًا بوحشية وسادية لا مثيل لها. لم يرحموا ضعيفًا ولم يهزهم صراخ واستغاثات المعذبين والمعذبات، بل استمروا فى جريمتهم التى ارتكبوها علانية أمام مرأى العالم، ولم يتواروا ولم يخجلوا ولم يندموا. المجرم الذى اعتدى على الشابة المغربية أمينة الفيلالى كان ينبغى محاكمته محاكمة عادلة، لا تبرئته ومكافأته بالزواج من ضحيته وإضفاء الشرعية على جريمته. وأمينة ليس لها ذنب فيما حدث لها ولا ينبغى تحميلها وزر ما حدث بانتهاك آخر لإنسانيتها وكرامتها بتزويجها من مغتصبها. ماذا ينتظرون عندما يساوون بين الجلاد والضحية، وماذا ينتظرون من الفتاة وقد راكموا فوق كاهلها الظلم والمهانة، وحرموها من إكمال حياتها بعيدًا عن ماضيها البغيض، وبعيدًا عن جسد ونظرات وأنفاس ورائحة مغتصبها، فضلاً عن معاقبته على جريمته بما يستحق؟ مصر بعدما اُغتصبت وتناوبوا على اغتصابها لسنوات عديدة، هاهم يجدون ثغرات فى القوانين للصلح مع المجرمين واللصوص مقابل دفع الأموال وإعادة ما نهبوه وسرقوه. ويجاهدون بإصرار يثير الاشمئزاز والقرف من أجل إنتاج نظام مبارك من جديد، برئيس على شاكلته من رفاقه القدامى، ليتم إجبار مصر - التى تصرخ ولا أحد يسمع - على الزواج ممن اغتصبها ولوث سمعتها وشرفها وأطاح بمكانتها بين دول العالم، ولإعادة الأوضاع على ما كانت عليه وكأن شيئًا لم يحدث. هو ليس تشابهًا، ولكنها القصة ذاتها بدعوى فقر مصر وحالتها الاقتصادية السيئة وحاجتها للأموال، فمصر التى تحلم بعد الثورة بواقع مختلف وبمستقبل جميل ينسيها مبارك وحاشيته وزبانيته، يجاهدون فى إقناعها أنه ليس من سبيل للاستمرار فى طريق إدعاء الشرف والعزة والكرامة، وتلك الشعارات التى لا تسمن ولا تغنى من جوع فى هذه الأيام، ولا مفر من الاعتراف بأننا فى حاجة ماسة لعودة عز وغالى والمغربى وعزمى وعائلة مبارك حتى تحل علينا البركة من جديد. إذا كان هذا هو الحال والواقع لا محالة فقبح الله قوانينكم التى تبيح هذا الوضع الشاذ، وطظ فى أموالكم، وبعدًا لكم.