لا جدال في ان كثيرين سيبدأون في متابعة ما ستنصب عليه اهتمامات نواب الاخوان في مجلس الشعب الجديد، الا ان هؤلاء – بمعظمهم – ينتمون إلي فئتين – كلاهما سيتابع ما سيحدث انطلاقاً اولاً من اختبار صحة موقفه في تأييد أو رفض الاخوان في البرلمان، وثانياً للبرهنة على صحة وجهة نظره في هذا التأييد أو الرفض. الا انني أزعم ان هناك فئة ثالثة ستكون أحرص على متابعة - أو فلنقل مراقبة - اداء نواب المعارضة وخاصة نواب الاخوان المسلمين انطلاقاً من الرغبة في التعرف عليهم، عبر هذا الاداء، لان هؤلاء كانوا وما يزالوا بالنسبة للكثيرين كتاباً غير مقروء، لم يتعرف عليه البعض الا من خلال ما تردده عنهم وسائل الإعلام الحكومية والمعارضة على السواء بما فيها وسائل اعلام الاخوان انفسهم، وفي هذا تغيب الحيادية في معظم الاحوال وتختفي بين التأييد المطلق أو الرفض المطلق..مع الاعتقاد بأن بعض أقباط مصر سيكونون ضمن تلك الفئة التي لم ولا تعلم عن الاخوان الا ما رُدد على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان – سواء من الكنيسة نفسها، أو من مفكري الأقباط، والذين يتراوحون بين متخوف من وحشية هجمة " الدولة الاسلامية " التي تقترب ببطء لتخيم على مصر – من وجهة نظر المبالغين والمتشائمين والمغرضين والعملاء والمنساقين، وبين عقلاني راجماتي يرى ان من الخطل والخطأ تناسي الحقائق الموضوعية ومن بينها ان مصر دولة يسكنها شعب مسلم بغالبيته وينص دستورها على انها اسلامية، وان دستورها – حتى الآن – ينص على ان الشريعة هي المصدر الأساسي للتشريع ، ولذا فمن باب أولى التعامل مع تلك الحقائق والانتظار – للنظر في كيفية تطور الأمور، ومتابعة كيفية أداء نواب الاخوان في مجلس الشعب والتعرف عليهم من أعمالهم ، وليس من خلال ما يكتب عنهم هنا وهناك، سواء في الداخل أو الخارج البعض يحمل في جعبته مبدأياً اتهامات عديدة وشكوك كبيرة في صلاحية هؤلاء النوّاب في تمثيل الناس في البرلمان انطلاقاُ من قاعدة مفادها ان الاخوان المسلمين لا يفهمون في السياسة، وانهم غائبون أو مغيبون تماماً عن الحياة السياسية، وتحدهم حدود " قال الله وقال الرسول " لا يبعدون عنها قيد أنملة، وبالتالي فلن يخرج منهم في القضايا المدنية – الداخلية منها والخارجية - الا ما يعتقدون انه الصواب شرعاً، وانهم لن ينجحوا في طرح حلول لما يواجه الناس من مشكلات كالبطالة والفساد والمحسوبية والنهب وغياب القانون والفشل الاداري على كل المستويات ، هذا عدا فشلهم المحقق والأكيد في مناقشة بنود الموازنة العامة، وقضايا الأمن القومي، والفصل بين السلطات، وسلطة رئيس الجمهورية والوزراء، وغير ذلك كثير، مع قناعة مسبقة مفادها انه لن يشغلهم في مجلس الشعب سوى ضرورة تطبيق شرع الله وفقما يرون هم دون غيرهم ، وتصيد الأخطاء ولو بالباطل للحكومة لوسائل الإعلام، والعري في الاعلانات، والافلام الفاضحة، والكتب والمنشورات التي لا تتفق وشرع الله من وجهة نظرهم، والتهجم على الفائدة في البنوك، مع التركيز على بناء المزيد من المساجد، والحد من بناء الكنائس، وكثير غيره يصب في هذا الاتجاه لكن ما الذي ينتظره الناس حقيقة من نواب الاخوان المسلمين في مجلس الشعب ؟ أعتقد ان على النواب الجدد للأخوان البرهنة على انهم منذ اللحظة الأولى لدخولهم البرلمان يجب ان ينسوا تماماً انهم نواب الأخوان المسلمن ، وانهم باتوا نواباً للشعب مسلميه ومسيحييه ، وان القضية لا تتعلق بتلك الحكومة ، وهذه السلطة بقدر ما تتعلق بالرؤية الموضوعية لما تعيشه مصر، فالفساد الذي يعشش في كل زوايا وربوع مصر، يضرب مصالح المصري ، المسلم منه والمسيحي على السواء، والمحسوبية وغياب الشفافية والنهب والظلم وسلب أموال البنوك والبطالة وغياب المعايير ، وانهيار المثل وغياب الضمير الشخصي والحكومي وانعدام المسؤولية العامة، وسيطرة الفوضى والبلطجة، و...و... وتغييب العمل بالقانون واستمرار العمل بقانون الطوارئ كلها أمراض مستوطنة في بر مصر يواجهها الشعب المصري برمته، مسلميه ومسيحيه، وغيرهم، وفرصة النواب الجدد تكمن حقيقة في البرهنة على انهم – على عكس ما يعتقده البعض فيهم – ضد كل تلك الأمراض، وليس ضدها حين تصيب المسلم ، ومعها حين يعاني منها المسيحي المطلوب من نواب الأخوان البرهنة على انهم على قدر المسؤولية الوطنية – وليس المسؤولية الدينية من وجهة نظرهم هم – وهو ما يعني المساهمة بقدراتهم في حل المشاكل التي يوجهها المصريون وتواجهها مصر والتي يعرفها الجميع، ومراقبة ما يحدث بأموال هذا الشعب، والحرص على عدم تمرير القوانين التي تساهم في تكريس ما هو قائم من فساد ومحسوبية ونهب، وتركيز للسلطات بيد رئيس الجمهورية المطلوب من نواب الاخوان ان تكون مرجعيتهم الأولى والأخيرة هي مصر وقضاياها وليس المرشد العام وحده، لا أحد يطالبهم بعدم التنسيق مع مرجعياتهم التنظيمية، أو تناسيها وتجاهلها - لكن الأساس في التمثيل البرلماني هو التحدث بلسان الشعب والحرص على مصلحة الوطن، والعمل على تقويض اركان الفساد والمحسوبية والنهب المنظم.والفشل وتقييد الحريات المطلوب من نواب الاخوان البرهنة على انهم جديرون بتحمل المسؤولية الوطنية، وانهم من قماشة مختلفة غير تلك التي يحاول البعض تفصيلها عليهم ، المطلوب منهم البرهنة على انهم بديل وطني، لا يسعى إلي تحويل مصر إلي افغانسان أخرى كما يتهمهم البعض ، وانهم خاضوا معركتهم التي اات بهم لمجلس الشعب من من أجل فساد أقل ونهب أقل وحرية وديموقراطية أكثر المطلوب من نواب الاخوان المسملين البرهنة على خطأ الاتهامات التي التصقت بهم طيلة أكثر من نصف قرن، وان الدين الاسلامي براء مما يُلصق به من افتراءات، والا يرسخوا الأفكار التي يحاول البعض الادعاء بأنها لصيقة بهم، المطلوب من نواب الاخوان تصحيح الصورة التي يحاول البعض ترويجها والصاقها بهم حول المرأة، والثقافة، والعلم والمساواة في الحقوق المدنية، والمطلوب منهم البرهنة على انهم يفهمون في الاقتصاد والسياسة وعلم الاجتماع والموازنة العامة والأمن القومي، والسياحة، وحقوق المواطنة والقانون والدستور، والديموقراطية، بقدر فهم في الشريعة الاسلامية وقانون الميراث، والزواج والطلاق المطلوب منهم البرهنة على انهم على عكس ما يدعي البعض ليسوا ضد الآخر بالمطلق، بل ضد الآخر حين يكون فاسداً ومرتشياً ومستبد وان يعملوا على تبديد مخاوف الأخوة المسيحين واظهار انها ليست في محلها، وان الأصل في الحكم هو ان الفساد والظلم والمحسوبية والنهب لا دين لهم، وان اعادة العمل بالقانون من مصلحة المسلم والمسيحي على السواء، المطلوب منهم البرهنة على انهم ليسوا ممثلي القاعدة في البرلمان كما قال كتّاب الطبل خانة وعلى رأسهم الممثل الشرعي والوحيد للمباحث، والمطلوب منهم احقاق الحق ولو على انفسهم ومحاسبة انفسهم اولاً بأول قبل ان تأتي الانتخابات القادمة ويحاسبهم الناس، والمطلوب منهم العمل عل تقليص مساحات الاختلاف مع كل الوطنيين الغيورين على مصلحة هذا الوطن، وان تكون معايير تحالفاتهم داخل وخارج البرلمان موضوعية، وان يتعلموا ان الخلاف في الرأي لا يُفسد للود قضية حين يتعلق الأمر بمصلحة الوطن المطلوب منهم البرهنة على انهم بديل أفضل مما رآه الناس من تلك السلطة على مدى ربع قرن وأعتقد ان الناس حينها بمسلميهم ومسيحيهم سيحمونهم – حال القدرة على البرهنة على انهم الأفضل وأخيراً المطلوب منهم الترفع عن الصغائر، ووضع الأمور في نصابها الصحيح، وان قضايا الوطن أهم بكثير من ان يتم تجاهلها أو ازاحتها لمكان متأخر لصالح اثارة الصغائر، وان تكون الأولويات لديهم تبدأ بحدود الوطن ومصالح الشعب الأخوان يقلون انهم من الشعب واليه – وقد انتخبهم الناس ولسان حالهم يقول " قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين " . اصدقوا الناس، وكونوا صادقين مع انفسكم، وضعوا الوطن فوق كل ولاء.، فحينها فقط ستبرهنون على انكم جديرون بحماية الناس ودم الذين سقطوا أو جُرحوا دفاعاً عن حقكم وحريتكم في التعبير عن انفسكم .