الظاهر أن حالة الاحتقان التى تمر بها الإمارات نحو الإسلاميين لم يكن المقصود بها الشيخ القرضاوى فقط، بل مقصود بها أطراف إسلامية بعينها، فهناك توترات من الحكومة حتى ضد أبناء الإمارات أنفسهم الذين يرَوْن أنهم مضطهَدون من قِبَل الحكومة بسبب انتمائهم لتيارات إسلامية وإصلاحية. التوترات بدأت بعد أن أعلنت السلطات الإماراتية فى 19 يناير الماضى، أنها سحبت جنسية ستة نشطاء إسلاميين، بزعم أنهم قاموا بأعمال "تعد خطرًا على أمن الدولة وسلامتها"، وحسب مصدر مسئول فى الإدارة العامة لشئون توقيع الجنسية والإقامة، أن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة أصدر مرسومًا يقضى بسحب جنسية الدولة عن ستة إماراتيين.. وهم ينتمون إلى قبائل معروفة فى الإمارات، وهم: "حسين منيف الجابرى، وحسن منيف الجابرى، وإبراهيم حسن المرزوقى، وشاهين عبد الله الحوسنى، وعلى حسين الحمادى، ومحمد عبد الرزاق العبيدلى". وعلى لسان الراوى - ولا تسألونى مَن الراوى؟!؛ فالرواة كثيرون هنا منهم "قدس برس" ومنهم "الإيكونوميست" ومنهم "علامات أون لاين"، وغيرهم - فإن النشطاء الإماراتيين الستة قالوا: إنهم يعاقَبون على مطالبتهم بالإصلاح السياسى، وأضافوا فى بيان: "اتخذ تجاهنا إجراء جائر غير قانونى، مخالف لحقوق الإنسان الأصلية، ودستور الدولة، والقوانين الصادرة فيها، والجامع بيننا أننا دعاة للإصلاح". وأكدوا أن تهمتهم هى التوقيع على عريضةٍ رُفعت لرئيس الدولة، تطالب بإصلاحات فى السلطة التشريعية فى الدولة، وذلك بأن تتم انتخابات صحيحة للمجلس الوطنى، وأن يؤدى دوره بصلاحيات كاملة. "الإيكونوميست" وهى صحيفة بريطانية، تناولت القضية الإماراتية مع الشيخ يوسف القرضاوى والإخوان المسلمين، وقالتها صراحة: "الإمارات تضيّق على الإسلاميين بعد الربيع العربى". وقالت المجلة: "تلك الخُطوة التى قامت بها الإمارات إزاء السوريين كانت قاسية بالنظر إلى الأوضاع فى سورية، على الرغم من التعاطف العام مع نضال السوريين، وهى مؤشر على عدم التسامح مع النشاط السياسى من أى نوع خاصة المعارضة الداخلية". ثم يأتيك دليل آخر يتمثل فى رفض محكمة إماراتية رد الجنسية لسبعة من الإخوان المسلمين، وهو دليل قوى على الموقف الرسمى من النشطاء الإسلاميين وتصديق لما قالته "الإيكونوميست". وكالة "قدس برس"، ذكرت على لسان مصدر أن دعاة الإصلاح من التيار الإسلامى فى دولة الإمارات "يتعرضون لحملة منظمة من قبل جهاز الأمن للملاحقة والتضييق والاعتقال وسحب الجنسيات ومصادرة الحريات العامة وحق حرية التعبير عن الرأى، على إثْر مطالبتهم بأن يكون فى الإمارات برلمان مستقل منتخَب من كل الشعب الإماراتى ويتمتع بصلاحيات تشريعية ورقابية". وكله كُوم وما قرأته من أن الإمارات منعت بعض الناس من التعامل مع "الفيس بوك" و"التوتير" وأخذت على "الأردنيين" القادمين إليها التوقيع على تعهُّد يمنع من الكتابة فى تلك المواقع عن الشئون السياسية، خاصة فيما يتعلق بالربيع العربى، واعتبرت أن هذا أمر ملزم أو خط أحمر. هل المطالَبة بالإصلاح هو الهاجس لدى الإمارات، خوفًا من أن تنفرط السبحة كلها بانفراط حبة واحدة اسمها "الإصلاح"؟، أم أن هناك استقراء ما حدث ويحدث الآن فى بلدان الربيع العربى، من الانفلات الأمنى وسفك الدماء، هنا وهناك وهنالك، جعلهم يحتاطون للأمر ويرون أن التضحية بستة بسحب جنسياتهم والتهديد باعتقال البعض والتضييق على حرية البعض، يهون من أجل سلامة ووَحدة الدولة وحفظ أمنها؟. ◄دمتم بحب [email protected]